عناصر من الجيش السوري تتدرب قرب إدلب

في وقت تواصل فيه القوات السورية حملاتها الواسعة على معاقل الاحتجاج، يرى محللون أن استنفاد الحلول الدبلوماسية في سوريا سيؤدي حتماً إلى تسليح المعارضة، خصوصًا مع ارتفاع أصوات في البلاد وفي خارجها مطالبة بذلك.


بيروت: يرى محللون أن الحلول الدبلوماسية للأزمة السورية استنفدت، مما يفتح الباب واسعاً أمام عسكرة الحركة الاحتجاجية، لا سيما مع ارتفاع أصوات في سوريا وفي الخارج مطالبة بتسليح المعارضة.

يرى الباحث في مركز بروكينغز للدراسات في الدوحة شادي حميد أن الحلول الدبلوماسية للأزمة السورية quot;استهلكت، وهناك نقاش جدي حول الخيارات العسكرية، وهذا هو الاتجاه الذي تسير نحوه سوريا على ما أظنquot;.

ويضيف quot;هناك اليوم حديث عن مناطق آمنة وعازلة وممرات إنسانية. وهذا ما كانت تطالب به المعارضة السوريةquot;. ولم تحقق زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى دمشق الثلاثاء أي تقدم ملموس لحل الأزمة في سوريا. وأبرز ما أعلن هو ما نقله لافروف عن الرئيس السوري بشار الأسد لجهة quot;التزامه وقف أعمال العنف أيًا كان مصدرهاquot;.

غير أن القوات السورية واصلت حملاتها الواسعة على المناطق المنتفضة، لاسيما حمص (وسط)، أكبر معاقل الحركة الاحتجاجية. وكانت موسكو وبكين استخدمتا السبت حق النقض في مجلس الأمن لمنع صدور قرار يدين القمع في سوريا.

وينص مشروع القرار على quot;دعم مجلس الأمن من دون تحفظquot; لخطة الجامعة العربية من أجل عملية انتقالية ديموقراطية في سوريا، ويندد بـquot;الانتهاكات الفاضحة والمعممةquot; لحقوق الإنسان، التي يرتكبها النظام السوري.

ويقول حميد إن الفيتو في مجلس الأمن quot;أفضل وسيلة دعائية للتعبئة في صفوف الجيش السوري الحر. هذا يضعهم في موقع أقوى بكثيرquot;. ويضيف إن quot;التطور المهم الآخر اليوم هو تنامي الطابع العسكري للمعارضة. العديد من السوريين يقولون اليوم لقد جربنا التظاهرات السلمية، ولم تأت بنتيجة، وعلينا أن ندافع عن أنفسنا من بطش النظامquot;.

ويطالب الجيش السوري الحر بمساعدات عسكرية، للتمكن من مواجهة قوى النظام.

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان أن الغرب ليس مضطرًا للمرور عبر مجلس الأمن في ظل الموقف الروسي والصيني الداعم لحكم الأسد، بل quot;لديه بدائل كثيرة، يمكن أن تقصم ظهر النظام، منها مساندة الجيش السوري الحر والعقوبات الاقتصاديةquot;.

وأشار إلى أن quot;طلب مجلس التعاون الخليجي سحب السفراء خطوة في اتجاه التصعيد ضد النظام السوريquot;. ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة أن quot;الانتقال السياسي في سوريا لن يكون سلميًا، بل من خلال ثورة عنيفةquot;.

ويضيف سلامة quot;كل ما يمكن فعله دوليًا هو أن تكون هذه العملية سريعةquot;. ويشير إلى أن من وسائل تنفيذ هذه العملية quot;إدانة النظام ومحاصرته اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًاquot;.

وبعد الفيتو الصيني الروسي، طلب المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر من رجال الأعمال السوريين والعرب المساهمة في تمويل عمليات quot;الدفاع عن النفسquot; وحماية المناطق المدنية التي يقوم بها الجيش الحر.

وحثّ المجلس الوطني quot;الدول العربية الشقيقة وأصدقاء الشعب السوري على المساهمة في دعم شعبنا، وتمكينه من صدّ هجمات النظام الوحشيةquot;، محمّلاً quot;المجتمع الدولي المسؤولية الكاملة عمّا ستؤول إليه الأمور، في حال ترك النظام يتصرف بهذا الشكل الدموي والإجرامي في وجه شعب أعزلquot;.

وفي واشنطن، وفي خضم الحملات الانتخابية الرئاسية، دعا السناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين، المرشح السابق إلى الرئاسة، واشنطن إلى quot;درس كل الخيارات، بما في ذلك تسليح المعارضةquot; في سوريا.

لكن شادي حميد يؤكد أن الجيش السوري الحر، وإن كان quot;يكتسب مزيدًا من القوة على الأرض والتأييد الشعبيquot;، إلا أنه يحتاج أمورًا أبعد من التسليح، حتى يتمكن من الإطاحة بالنظام.

ويقول quot;يجب أن يترافق ذلك مع إجراءات إضافية، مثل المساندة الجوية أو غيرها من أشكال التدخل العسكري، التي قد تجري من خارج إطار مجلس الأمن على غرار التدخل العسكري لحلف الناتو في كوسوفوquot; العام 1999. ويضيف quot;لا مجال لأن يحدث ذلك عبر الأمم المتحدة. قد يتمثل في عمل مشترك، يضم بضع دول، مثل تركيا وقطر والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانياquot;.

ويتوقع المحللون أن يتجه النظام في الأيام المقبلة إلى مزيد من العنف، إلا أنه لن يتمكن من إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل منتصف آذار/مارس الماضي.

ويقول هلال خشان quot;القضية السورية لم تبلغ حدها الأقصى بعد، العنف سيزداد، والقتل سيكثر، ولكنها ستحسم خلال السنة الجارية، وليس خلال سنوات، كما يتوقع البعضquot;.

ويقول عماد سلامة quot;المؤسسة العسكرية هي آخر ما تبقى للنظام. أعتقد أن الضغط الشعبي في سوريا والضغط الدولي قد يؤديان إلى انهيار هذه المؤسسةquot;.