تثير تصريحات الرئيس التونسي المنصف المرزوقي منذ توليه منصبه، جدلا متواصلاً ولعل أحدثها تتمثل في تأكيده دعم منح التأشيرة القانونية لحزب quot;التحريرquot; للعمل السياسي، في الوقت الذي تواجه فيه تونس خطر التطرف والأسلمة برأي العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية.


الناطق الرسمي لحزب quot;التحريرquot; رضا بالحاج

تونس: أكد رئيس الجمهورية التونسي المنصف المرزوقي خلال جولته المغاربية في حوار أجراه مع قناة quot;البي بي سيquot; أنه quot;مع فكرة منح التأشيرة لحزب التحرير غير المرخص لهquot; وأشار إلى أنه quot;يجب وضع هذا الحزب في إطاره القانوني لأنها الطريقة الوحيدة الذي سيعطي فكرة واضحة، أساسها إذا كان حزب التحرير سيلتزم بالقواعد الديمقراطية أم العكسquot;.

بالحاج: حق ممارسة العمل السياسي ليس quot;منةquot;

وتعقيباً علىكلام المرزوقي، صرّح الناطق الرسمي لحزب quot;التحريرquot; رضا بالحاج لـquot;إيلافquot; أن تصريح رئيس الدولة يعطي انطباعاً أن تأشيرة العمل الحزبي هو قرار سياسي بالأساسquot;، متسائلاً إذا أصبحت التأشيرة quot;منة وعطية من شخص ما فحسب زعمهم هناك قانون سارٍ على الجميعquot;.

واستنكر موقف السبسي الذي quot;أعلن في وقت سابق أنه من طلب من الداخلية رفض منح التأشيرة لحزب التحرير واليوم المرزوقي يقول أنا معquot;.

وقال quot;نحن لا ننتظر منّة أحد ووجودنا طبيعي في المجتمع وكل الضمانات الحزبية والسياسية متوفرة فينا وليست لنا ارتباطات خارجية والاهم أننا لا نحتكر الإسلام ولا نكفر من يعارضنا ولنا بديلquot;.

واستغرب القيادي في حزب quot;التحريرquot; استعمال quot;ضمير الأنا، فإذا كان الحاكم هو من يمنح لخصمه السياسي تأشيرة العمل الحزبي فعن أي ثورة نتحدث، والأصل في العمل السياسي هو الإعلام وقد أعلمنا وننشط حاليا أكثر من الأحزاب التي تحصلت على الترخيص، وفي ما يخص الناحية الإجرائية سننظر فيها ولن ندخل تحت رحمة لا حزب النهضة ولا المرزوقيquot;.

وشدد بالحاج على ان حزبه quot;موجود من عهد بورقيبة وتعرض لعديد من المحاكماتquot;، معتبراً ان quot;وجودنا هو الأصل ولسنا قيد الإنشاء ولذلك المزايدة على حزبنا مرفوضة وأعلمنا في وقت سابق عن عزمنا بالعمل السياسي وما راعنا إلا رفض مطلبنا ونحن ننتظر اعتذارا رسميا لعدم الاعتراف بنا في فترة حساسة من تاريخ تونسquot;.

ورأى ان quot;صيغة المرزوقي تتضمن اشتراطاتquot;، معقباً quot;نحن من ينظر في عمل الحكومة باعتبار أننا من عامة الناسquot;.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية رفضت في مارس (آذار) 2011 منح حزب quot;التحريرquot; ترخيصاً لممارسة العمل السياسي بحجة quot;مخالفته قانون الأحزابquot;.

ويعرف حزب quot;التحريرquot; نفسه على انه quot;حزب سياسي مبدأه الإسلامquot; وتقدم مؤخراً بمشروع quot;دستور الخلافةquot;.

الكيلاني : حزب التحرير لا يعترف بالدولة

وبدوره، هاجم الأمين العام quot;لـلحزب الاشتراكي اليساريquot; محمد الكيلاني، المنصف المرزوقي لكن من وجهة نظر معاكسة، فأكد لـquot;إيلافquot; أنها quot;ليست المرة الأولى التي يفاجئنا رئيس الجمهورية بمواقف تتجاوز كل الحدود، فالمنتمون إلى حزب التحرير من الأطراف الأكثر تشددا في البلاد، ولا مكان للحريات العامة والخاصة في تصوّراتهم وأفكارهم، ومع ذلك لا يقلق السيد الرئيس أن يساند منحهم تأشيرة العمل السياسيquot;.

وتابع مهاجمته لحزب quot;التحريرquot; قائلاً quot;يريدون العودة بالدولة إلى عهد الخلافة ويعتبرون أن الديمقراطية كفر فأي التزام بقواعدها ننتظر منهم ومصدر التشريع الوحيد بالنسبة لهم هو الدين الإسلامي ولا غير الدين ولا يعترفون بالدستور الذي سينبثق من المجلس التأسيسيquot;، متسائلاً quot;فأي مؤشرات أخرى للتأكد أنهم لن يلتزموا بقواعد الديمقراطية؟quot;

وطرح الكيلاني عدة إستفهامات حول ما إذا كان quot;حزب التحرير والمنتمون إليه سيقبلون الإنصهار في المجتمع التونسي، وأي ضمانات يجب ان تقدم لاحترام حزب التحرير للضوابط القانونية والمكتسبات الحداثية للبلاد؟quot;.

واعتبر ان quot;رئيسهم مثلا لا يعترف بالدولة التونسية، مذكراً بقوله quot;إن العلم التونسي معرة ويذكره بتقسيم الأمة الإسلاميةquot;، مضيفاً quot;أن حزب التحرير يتمتع بفضاء من الحرية ويمكن من خلال أنشطته استكشاف مدى إمكانية التزامه بالقوانين والديمقراطية والحريات دون الذهاب إلى حد مده بالتأشيرةquot;.

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي

النهضة: الرخصة مرتبطة باحترام القانون

ومن جانبه، أكد عضو مكتب سياسي في حركة النهضة سامي الطريقي لـquot;إيلافquot; أنه لو صح ان المرزوقي مع منح حزب التحرير التأشيرة، quot;فالأصل في الأشياء الحرية و الحرية لا تعطى لهذا ويحرم منها ذاك، وكل مواطن أو مجموعة بشرية لديها الحق أن تفكر بالطريقة التي تناسبها، ولهم أن ينتظموا في هيكل طالما احترموا قوانين البلادquot;.

وتابع الطريقي quot;ليس من المعقول إقصاء طرف بسبب تبنيه مجموعة من الأفكار، ففي حال اعترف حزب التحرير بالدستور الذي يصاغ وتماشت بعض أفكارهم معه و قَبِل الانصهار في الإطار العام واحترم الحريات العامة والخاصة فما المانع من منحه الترخيص القانوني ، والأمر بسيط إذا ما خالف القانون الذي على أساسه تقدم بطلب التأشيرة، فسيتعرض للملاحقة القضائيةquot;.

وفي سياق متصل، أعلن رئيس كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي الصحبي عتيق إن حزبه quot;مع منح التأشيرة لأي حزب يلتزم بضوابط العمل السياسي المدرجة في قانون الأحزاب بما في ذلك حزب التحريرquot;.

حزب التحرير وquot;الإنقلابquot;

ووفق بعض التقارير، تأسس حزب quot;التحريرquot; في تونس في يناير/كانون الثاني 1983 في عهد الرئيس بورقيبة، حين عقد عدد من الإسلاميين المؤمنين بفكر الحزب الاجتماع التأسيسي الأول لهم، وأعلنوا عن تأسيس quot;الفرع التونسي للتحريرquot;، وأصدروا عقب ذلك دورية سرية أطلقوا عليها اسم quot;الخلافةquot; ووزعوها داخل المساجد للتعريف بأفكارهم.

وتشير التقارير التي تناولت تلك الفترة إلى أن المجموعة التي مثلت القاعدة الأولى لحزب quot;التحريرquot; في تونس، خططت للاستيلاء على السلطة بالقوة، بهدف تأسيس دولة إسلامية، وذلك بعدما نجحت في استقطاب العشرات من ضباط الجيش، الذين أمدّوهم بالذخائر الحربية والأسلحة الخفيفة استعداداً لقلب نظام الحكم، إلا أن السلطات تمكّنت من الوصول إليهم وتصفية مخططهم في وقت مبكر.

وتمّ اعتقال وملاحقة معظم قياديي الحزب، وبينهم عدد من العسكريين، في النصف الثاني من عام 1983 بتهمة تشكيل جمعية سياسية، والانتساب إليها، وحضور اجتماعاتها، وتحريض عسكريين على الانتساب إلى هذه الجمعية، ومثل آنذاك أمام المحكمة العسكرية ثلاثون من القادة والكوادر.

وينتشر حزب quot;التحريرquot; في مختلف بلدان العالم تقريباً، وينشط بين quot;الأقلياتquot; المسلمة في الدول الأجنبية، لكنه quot;محظور ومطاردquot; من قبل معظم أنظمة الحكم في البلدان العربية والإسلامية.