قلق وسط عناصر الجيش المصري من التلاعب بصفوفه |
أثارت تقارير صحافية أميركية قضية المواجهات التي يعاني منها المجلس العسكري في مصر من انقسام في المواقف الأمنية والخلاف المتصاعد مع أميركا.
القاهرة: في ظل ما يواجهه من موقف أمني منقسم وخلاف متصاعد مع الولايات المتحدة، وجد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في مصر أنه من الأسهل بالنسبة له أن يستولي على السلطة بدلاً من أن يحكم، تبعاً لما ذكرته اليوم مجلة فورين بوليسي الأميركية.
بيد أن المجلس الأعلى يواجه الآن تحدياً آخر، أماطت النقاب عن تفاصيله مصادر دبلوماسية غربية وأخرى من داخل الجيش المصري، وهو ذلك المتعلق بفرضه السيطرة على الضباط الذين تهيمن عليهم حالة متزايدة من الاضطراب. وأضاف دبلوماسي غربي على دراية بالشأن الداخلي للمجلس أنه ( المجلس العسكري ) يشعر بقلق عميق نتيجة لتزايد الاحتكاك بينه وبين الضباط من ذوي الرتب المتوسطة.
وهو ما جعل المجلس يرفض على نحو متزايد أن يفعل أي شيء من شأنه أن يتسبب في زيادة تدهور علاقته بالجيش. وتابع هذا الدبلوماسي المطلع حديثه مع المجلة الأميركية بالقول: quot;لا يعطي المجلس أوامر يمكن عصيانها، ولو حتى بصورة محتملة. فهو يعلم أنه لا يمكنه أن يطلب من جنوده فعل شيء لا يودون القيام به. فإذا طلب من الجنود على سبيل المثال أن يطلقوا النار على المتظاهرين، فإن المجلس يعلم أن أمرا كهذا من الممكن أن يؤول إلى شيء مماثل للثورة الروسيةquot;.
ولفتت فورين بوليسي في السياق ذاته إلى أن هناك إشارات دالة على أن المجلس العسكري قد اتخذ خطوات تضمن عدم وضع الجيش في وضعية يتعين عليه فيها أن يتحمل العبء الأكبر من الغضب الشعبي. ورغم ابتعاد الجيش عن صدامات الشوارع التي شهدتها مصر مؤخراً، إلا أنه ما زال الضامن الأساسي لقوة المجلس العسكري.
وقال احد ضباط الجيش، متحدثاً للمجلة بعد رفضه الإفصاح عن هويته نظراً لحساسية الموضوع، إن هناك حالة من القلق المتزايد بين زملائه، الذين يشعرون أن هناك تلاعباً يحدث في الجيش ليتماشى مع التطلعات السياسية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وأضاف هذا الضابط :quot; فمن الجنون تماماً أن يُطلَب منا تطبيق القانون وفرض النظام في البلاد. لأن هذه هي مهمة الشرطة، وليس الجيش. لكن هناك بعض الأمور التي يعلمون أنهم لن يستطيعون دفعنا للقيام بهاquot;. ورغم حدوث عشرات الانشقاقات في صفوف الجيش بالفعل منذ سقوط النظام السابق، والتي كان أغلبها في صفوف الضباط، إلا أن مصادر دبلوماسية غربية أشارت إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عجَّل عشرات الترقيات لضباط صغار السن في محاولة من جهته لتسيير الأمور مع هدفه المعلن بتسليم السلطة لحكومة مدنية عقب انتخابات الرئاسة.
ثم نوهت المجلة إلى حالة التكتم التي كانت مفروضة على حقيقة الزيادة التي طرأت على رواتب ضباط الجيش منذ بدء التظاهرات في مصر العام الماضي، لافتةً إلى أن المكافآت التي يسلمها المجلس قد تكون أكبر مما كان يعتقد في السابق. وقال دبلوماسي غربي آخر إنه اطلع على أدلة تبين دفع رواتب تصل إلى 11600 دولار لضباط برتبة عقيد وما أعلى. كما أيد تقرير سابق لشخص مطلع بالجيش المصري، ادعى فيه أن رواتب ضباط الاحتياط قد تضاعفت أثناء التظاهرات في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير). وأكد الدبلوماسي كذلك أن طبقة الضباط هي الطبقة التي يولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة اهتماماً كبيراً من أجل استرضائها.
ثم لفتت المجلة إلى التهديد الآخر الذي يواجهه المجلس في غضون ذلك أيضاً، وهو المتعلق بخطر فقدان أبرز الممولين الدوليين لمصر، وهي الولايات المتحدة، على خلفية قضية التمويل الأجنبي، المتهم فيها 16 أميركياً، والتي جعلت عددا كبيرا من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي البارزين يطالبون بحجب المعونة السنوية نتيجة لذلك.
غير أن روبرت سبرينغبورغ، الأستاذ المتخصص في شؤون الأمن القومي بكلية الدراسات العليا البحرية والذي سبق له أن كتب باستفاضة عن المؤسسة العسكرية في مصر، أشار إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد يحاول تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل الحفاظ بشكل أفضل على النظام داخل صفوفه.
وبينما يتحضر المجلس لتسليم السلطة الرسمية لحكم مدني، نوهت فورين بوليسي إلى أن بعض الضباط بدؤوا ينتقدون الحكام المصريين لعدم قيامهم بخطوات كافية تعنى بالحفاظ على صلاحيات الجيش في الحكومة المستقبلية. وعاود ضابط الجيش المصري الذي تحدث مع المجلة ليقول :quot; هناك أناس صالحين في المجلس، لكن معظمهم لا يفهم ما يفعل. فهم يخافون ويرضخون لمطالب المحتجين. فالرضوخ مع كل مرة يتجمع فيها الناس بميدان التحرير ليس له علاقة بطريقة عمل الديمقراطيةquot;.
التعليقات