أحد المفاعلات النووية الإيرانية

يبدو أن الإدارة الاميركية توصلت إلى قناعة بأن العقوبات التي تفرضها على إيران لن تشكل رادعا لطهران للكف عن برنامجها النووي، وهو ما يجعل بعض الأطراف في الولايات المتحدةترجح القيام بعملية عسكرية ضد المفاعلات النووية الإيرانية.


يزداد مسؤولون اميركيون يتولون مناصب حساسة في ادارة اوباما اقتناعا بأن العقوبات المفروضة على ايران لن تثنيها عن مواصلة تنفيذ برنامجها النووي ، وهم يعتقدون أن الولايات المتحدة لن يبقى أمامها خيار سوى القيام بعمل عسكري ضد ايران أو مشاهدة اسرائيل تقوم به.

وكان الرئيس الاميركي أوضح في تصريحاته العلنية بأنه عازم على اعطاء الاجراءات الأخيرة مثل العقوبات المالية والحظر الاوروبي المقبل على استيراد النفط الايراني ، مهلة كافية لأن تؤدي مفعولها في الاقتصاد الايراني المضعضع قبل التخلي عن استراتيجيته الأساسية في مواصلة الضغط على ايران.

ولكن هناك تيار قويّ من الآراء داخل الادارة الاميركية ، بما في ذلك البنتاغون ووزارة الخارجية ، يرى ان العقوبات محكوم عليها بالفشل ، وان فائدتها الرئيسة الآن هي تأخير الضربة الاسرائيلية وطمأنة الاوروبيين الى ان الهجوم لن يأتي إلا بعد تجريب كل الوسائل الأخرى.

ونقلت صحيفة الغارديان عن مسؤول اميركي قوله quot;ان البيت الأبيض يريد ان تنجح العقوبات. فإن هذا ليس البيت الأبيض في عهد بوش وهو لا يحتاج الى نزاع آخرquot;. ولكنه اضاف ان المشكلة تتمثل في ان quot;المسؤولين في طهران يتصرفون وكأن العقوبات ليست مجدية ، وان اقتصادهم لا ينهار وان اسرائيل لن تحرك ساكناquot;.

وتابع المسؤول الاميركي قائلا quot;ان العقوبات هي كل ما لدينا لمعالجة المشكلة وإذا فشلت سيكون من الصعب ان نرى كيف لا ننتقل الى خيار quot;الحلول القصوىquot; ، على حد تعبيره.

وقال البيت الأبيض مرارا ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة بما في ذلك استخدام القوة لمنع ايران من امتلاك سلاح نووي رغم تشديده المستمر حتى الآن على الدبلوماسية والعقوبات.

ولكن الأحداث الأخيرة عززت الشكوك التي تساور مسؤولين اميركيين منذ فترة طويلة في امكانية اغراء ايران أو دفعها الى اجراء مفاوضات جادة.

ونقلت صحيفة الغارديان عن احد هؤلاء المسؤولين قوله quot;اننا لا نرى طريقا الى الأمام ، والسجل يبين انه ليس هناك شيء يمكن ان نعمل بهquot;.

ويكمن أساس الشك في نيات ايران في رفضها المستمر لمبادرات الرؤساء الاميركيين المتعاقبين ، من بيل كلنتون الى باراك اوباما ، الذي دعا بعد اسابيع على توليه الرئاسة الى اقامة quot;علاقات بناءةquot; والى quot;الاحترام المتبادلquot;.

وقُرئ اعلان الرئيس الايراني احمدي نجاد الأخير عن تشغيل احد مفاعلات ايران النووية بأول قضبان وقود محلية الصنع ، وتهديد ايران بقطع امدادات النفط عن ست دول اوروبية على انهما دليل آخر يؤكد اصرار ايران على الاستمرار في انشطتها النووية. وتَعزز هذا الرأي بالعرض الايراني الأخير للتفاوض مع القوى الدولية الكبرى في رسالة يبدو انها لا تتضمن تنازلات تُذكر.

وإذا خلص اوباما الى انه لم يبق لديه من خيار سوى مهاجمة ايران فانه من المستبعد ان يصدر الأمر بشن الهجوم قبل الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل إلا إذا كان هناك سبب ملح لشنه قبل هذا الموعد. والسؤال هو ما إذا كان الاسرائيليون سينتظرون هذه الفترة ، على حد تعبير صحيفة الغارديان مشيرة الى تصريح وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا لصحيفة واشنطن بوست متوقعا ان توجه اسرائيل ضربة عسكرية الى ايران في نيسان/ابريل أو حزيران/يونيو. ولكن محللين رسميين آخرين تحدثوا عما قالوا انه quot;بقعة حلوةquot; يتضافر فيها خليط من الدبلوماسية والمواعيد السياسية والقضايا العملية لتوحي بأنه إذا شنت اسرائيل هجوما احاديا فالأرجح ان يكون في ايلول/سبتمبر أو تشرين الأول/اكتوبر رغم انهم يعتبرون ذلك من باب quot;احسن التكهناتquot;.

وتحرص الولايات المتحدة من جهتها على ألا تفهم طهران خطأ التزام واشنطن بمنح العقوبات فرصة على انه يعني غياب الإرادة لاستخدام القوة كحل أخير.