دعا معارضون سوريون سكان العاصمة إلى العصيان اليوم الأحد تحت شعار laquo;عصيان دمشقraquo;، فيما أطلقت قوات الأمن السورية النار على مشاركين في تشييع متظاهرين قتلوا في دمشق، حيث تحول التشييع إلى تظاهرة في المزّة، اعتبرت الأكبر حتى الآن في دمشق.
دمشق: شهدت مناطق في دمشق الأحد انتشارًا أمنيًا وإقفالاً للمتاجر غداة تظاهرة حاشدة وسط العاصمة، أسفر قمعها عن سقوط قتيل، فيما سقط اليوم ستة قتلى في أعمال عنف في مناطق مختلفة من البلاد، بحسب ناشطين.
وقال المتحدث باسم تنسيقية دمشق وريفها محمد الشامي في اتصال مع فرانس برس quot;هناك انتشار أمني في دمشق، وهذا ليس جديدًا، ولكن الانتشار في المزّة هو الكثيف. هناك حواجر أقيمت اليوم في محيط المزة لفصل المناطق بعضها عن بعضquot;.
وأضاف الشامي إن quot;الكثير من المحال مغلق في برزة والقابون وجوبر وكفرسوسةquot; التزامًا بالإضراب العام والعصيان المدني (...) quot;رغم الخوف من انتقام الأجهزة الأمنيةquot;.
يأتي ذلك فيما دعا ناشطون إلى عصيان مدني في دمشق اليوم غداة تظاهرات حاشدة شهدها حي المزة واجهتها قوات الأمن بالرصاص لتفريقها، ما أسفر عن مقتل شاب.
وقال المتحدث باسم تنسيقية المزة أبو حذيفة المزي في اتصال عبر موقع سكايب مع فرانس برس إن quot;قوات الأمن أجبرت أهل الشهيد سامر الخطيب (34 عامًا) الذي سقط أمس برصاص الأمن في تظاهرة المزة على دفنه عند السابعة صباحًاquot;، في ظل انتشار أمني كثيف، فيما كان التشييع مقررًا عند العاشرة والنصف.
ميدانيًا، يتواصل القصف المتقطع للقوات النظامية على حي بابا عمرو في مدينة حمص (وسط)، فيما يتعرّض حي باب السباع لإطلاق نار كثيف.
ولفت ناشطون في ريف دمشق في اتصال عبر سكايب مع فرانس برس إلى تحرك قوة عسكرية أمنية على الطريق الدولية من دمشق إلى حمص، كما تحدثوا عن استقدام قوة مدرعة إلى محيط مدينة رنكوس في ريف دمشق.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان هذه المعلومات، موضحًا في بيان أن quot;25 دبابة وناقلات جند مدرعة و10 شاحناتquot; وصلت إلى محيط رنكوس، فيما توجّهت quot;قافلة قوامها نحو 32 حافلة كبيرة، ترافقها سيارات إسعاف وسيارات عسكريةquot; إلى حمص.
في هذه الأثناء، سجل سقوط ستة قتلى في مناطق سورية مختلفة صباح الأحد.
ففي مدينة إدلب (شمال غرب) اغتيل صباحًا النائب العام للمحافظة نضال غزال والقاضي محمد زيادة وسائقهما الشرطي عبد القادر محمد برصاص quot;مجهولينquot;، وفقًا للمرصد السوري، في حين اتهمت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) quot;عصابات إرهابية مسلحةquot; بالاغتيال quot;في إطار استهداف الكفاءات الوطنيةquot;.
وفي محافظة حلب (شمال)، ذكر المرصد أن رجلاً قتل إثر إصابته برصاص حاجز أمن على طريق الأتارب معرة مصرين.
وأضاف المرصد في بيان أن امرأة قتلت في مدينة السخنة الواقعة في البادية السورية على طريق تدمر دير الزور إثر اقتحام قوات الأمن للمنطقة.
كما قتل محام في بلدة العشارة في محافظة دير الزور برصاص قوات الأمن التي اقتحمت البلدة، وفقًا للمرصد.
سياسيًا، أعلنت الخارجية المصرية أن مصر قررت الأحد استدعاء سفيرها في سوريا، حيث تستمر حملة القمع رغم الضغوط الدولية.
وجاء في بيان صادر من الوزارة أن وزير الخارجية المصري محمد كمال عمرو استقبل السفير المصري في دمشق شوقي إسماعيل صباح اليوم، بعدما تم استدعاؤه، وتقرر أن يبقى في القاهرة quot;حتى إشعار آخرquot;.
في المقابل، انتقدت الجزائر موقف الجامعة العربية من الأزمة السورية، وقال وزير الدولة عبد العزيز بلخادم في مقابلة إذاعية إن quot;الجامعة لم تعد جامعة، وهي أبعد من أن تكون عربية مثلما يدل اسمها. إنها جامعة تطلب من مجلس الأمن التدخل ضد أحد أعضائها المؤسسين، أو الحلف الأطلسي لتدمير قدرات بلدان عربيةquot;.
من جهة أخرى، أكد رجل أعمال سوري بارز ونجل رئيس سابق الأحد للبي بي سي أن الاقتصاد السوري يعاني جراء العقوبات الدولية والحكومة quot;في طور التفكك البطيءquot; تحت ضغط الشارع.
وقال فيصل القدسي المقيم في لندن ونجل الرئيس السوري السابق ناظم القدسي (1961-1963) إن quot;جهاز الحكومة (السورية) يشهد تفككًا بطيئًا، وهو شبه غير موجودquot; في حمص (وسط) وإدلب (شمال غرب) ودرعا (جنوب).
وتابع quot;ليست هناك محاكم، والشرطة لا تهتم بالجريمة، ولهذا الأمر تداعيات كبيرة جدًا على الحكومةquot;، لافتًا إلى أن معظم رجال الأعمال الذين يعرفهم quot;غادروا البلاد من أجل سلامتهمquot;.
ويواجه النظام السوري منذ 11 شهرًا انتفاضة شعبية غير مسبوقة أسفر قمعها عن ستة آلاف قتيل على الأقل وفق ناشطين.
سياسيًا، دعا نائب وزير الخارجية الصيني بعد لقائه الرئيس السوري في دمشق السبت كل الأطراف في سوريا إلى quot;الوقف الفوري لأعمال العنفquot; في البلاد. وقال إن quot;موقف الصين هو دعوة الحكومة والمعارضة والمسلحين إلى الوقف الفوري لأعمال العنفquot;.
وأكد الموفد الصيني أنه quot;لا يمكن لأي دولة تحقيق التنمية والرفاهية لشعبها في ظل غياب الاستقرارquot;، مشددًا على ضرورة quot;عودة الهدوء في أسرع وقت ممكنquot;. وعبّر تشاي عن أمله في أن quot;يجري الاستفتاء على مشروع الدستور والانتخابات البرلمانية بصورة سلسة، وأن تحقق سوريا الاستقرار في أسرع وقت، لأن ذلك يصبّ في مصلحة الشعب السوري كلهquot;.
من جهته، قال الرئيس السوري خلال لقائه المسؤول الصيني إن الأحداث في سوريا quot;تهدف إلى تقسيم البلاد وضرب موقعها الجيوسياسي ودورها التاريخي في المنطقةquot;. وأكد الأسد من جهة أخرى أن سوريا quot;ماضية في مسيرة الإصلاح السياسي وفق خطة واضحة وجداول زمنية محددةquot;.
وكان الرئيس السوري أصدر الأربعاء مرسومًا يقضي بإجراء استفتاء على مشروع دستور جديد في سوريا ينهي الدور القيادي لحزب البعث، وينص على انتخاب رئيس البلاد لولاية مدتها سبع سنوات، تجدد لمرة واحدة فقط. وبدأت السلطات السورية بالفعل الإعداد لتنظيم هذا الاستفتاء على الدستور.
وقال العميد حسن جلالي معاون وزير الداخلية للشؤون المدنية، كما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية (سانا) السبت إن quot;عدد المواطنين الذين يحق لهم الاستفتاء يبلغ 14 مليون و600 ألف مواطن ومواطنة في مختلف المحافظاتquot;.
وأوضح جلالي أن quot;العدد الإجمالي للمراكز التي خصصت لعملية الاستفتاء يبلغ 13835 مركزًا، بما فيها المراكز التي تم افتتاحها على الحدود البرية وفي المطاراتquot;، علمًا أن العديد من المدن السورية الكبرى، مثل حمص وحماه وإدلب ودرعا، لا يزال الجيش يحاصرها ويمارس فيها قمعًا للانتفاضة الشعبية المناهضة للنظام، ما أسفر عن ستة آلاف قتيل على الأقل منذ آذار/مارس 2011 وفق منظمات حقوقية.
في بغداد أعرب رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي عن أمله في أن يحضر الرئيس السوري أو من يمثله القمة العربية المقبلة في بغداد، إلا أنه شدد على أن العراق سيلتزم بقرار الجامعة العربية حيال مسألة الحضور هذه.
وقال نوري المالكي في مقابلة مسجلة مع قناة quot;الرشيدquot; الخاصة بثت مساء السبت quot;نحن نسأل الجامعة العربية هل قرارها (...) بتعليق مشاركة سوريا هو فقط في (اجتماعات) الجامعة أم على مستوى القمة أيضًاquot;.
وأضاف quot;إذا كان فقط على مستوى المندوبين (في الجامعة) فنأمل حضور سوريا (القمة)، سواء أكان على مستوى رئيس الجمهورية أو من يمثلهquot;. وتدارك المالكي quot;أما إذا كان القرار يقضي بتعليق كل المشاركات، فنحن جزء من الجامعة العربيةquot;.
كما أعلنت الحكومة العراقية السبت أنها اتخذت quot;التدابير اللازمةquot; لتعزيز السيطرة على الحدود مع سوريا، لافتة إلى أنها تشهد quot;أحداثًا وإضطراباتquot; تنشط معها عمليات التسلل والتهريب، وquot;خصوصًا الأسلحةquot;.
التعليقات