لندن: أطلق اليمين الإسرائيلي حملة شعواء ضد القاضي سليم جبران، القاضي العربي الوحيد في المحكمة العليا الإسرائيلية، لأنهم لم يشارك نظرائه في ترديد النشيد الوطني الإسرائيلي خلال احتفال أُقيم بمناسبة انتهاء مهام رئيسة المحكمة دوريت باينيش وتنصيب خلفها.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ديفيد روتيم عضو الكنيست عن حزب إسرائيل بيتنا اليميني ان القاضي جبران quot;بصق بوجه دولة إسرائيلquot;. واضاف ان الذين يعترضون على النشيد الصهيوني quot;يستطيعون ان يجدوا دولة لديها نشيد وطني يروق لهم وينتقلوا اليهاquot;. وقال روتيم في اتصال هاتفي مع صحيفة نيويورك تايمز ان على القاضي جبران ان يستقيل من عضوية المحكمة العليا.

وقدم ميخائيل بن آري عضو الكنيست عن حزب الاتحاد القومي اليميني المتطرف مشروع قانون يقصر عضوية المحكمة العليا على مَنْ أدوا الخدمة العسكرية، وبذلك استبعاد الغالبية العظمى من العرب. واطلق على مشروعه اسم quot;قانون جبرانquot;.

ومن يعرف كلمات النشيد الوطني الإسرائيلي لن يستغرب موقف القاضي المسيحي العربي جبران إزاء عبارات النشيد التي تتحدث عن quot;توق الروح اليهوديةquot; الى ان تكون quot;أمة حرة في ارضنا، أرض صهيون والقدسquot;.وكما ان اليمنيين انتهزوا هذه الفرصة لتوجيه الاتهامات بعدم وفاء عرب إسرائيليين مثل القاضي جبران فان اليسار اغتنم المناسبة للدعوة الى اعادة النظر بكلمات النشيد لتكون أشمل.

وقالت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها ان الوقت حان لأن تفكر إسرائيل في تغيير كلمات نشيدها الوطني بحيث يستطيع جميع الإسرائيليين ان يرتبطوا بها. واضافت الصحيفة ان كلمات النشيد الوطني الإسرائيلي كُتبت في عام 1878 تعبيرا عن المشاعر القومية للشعب اليهودي ولا أحد غير الشعب اليهودي. واكدت انه quot;ما من مواطن عربي يحترم نفسه ولديه وعي سياسي أو وعي وطني يمكن ان ينشد هذه الكلمات دون ان يرتكب خطيئتي النفاق والكذبquot;.

ولكن غالبية الآخرين بمن فيهم زملاء للقاضي جبران في المحكمة العليا، قالوا انهم لا يرون سببا لتغيير الكلمات أو انتقاد العرب الذين يفضلون البقاء صامتين خلال عزف النشيد الوطني.

وقال القاضي الياكيم روبنشتاين خلال مؤتمر علمي في القدس ان عرب إسرائيل quot;يجب ألا يُطلب منهم ان ينشدوا كلمات لا تخاطب قلوبهم ولا تعكس اصولهمquot;. واضاف القاض روبنشتاين المحافظ ان العرب الذي يرددون كلمات النشيد الوطني ينبغي ان يكونوا موضع ترحيب ولكن القرار قرار شخصي.

دوليا تتركز الانتقادات الموجهة الى إسرائيل على معاملتها الأربعة ملايين فلسطيني الذين تحتلهم في الضفة الغربية وغزة. فهم ليسوا مواطنين إسرائيليين ولكن ارضهم وحياتهم خاضعتان لسيطرة إسرائيل وقوانيتها. وهناك ايضا 1.5 مليون عربي في إسرائيل يشكلون نحو 20 في المئة من السكان، والقاضي جبران واحد منهم.

ويتعهد اعلان الاستقلال الإسرائيلي بان دولة إسرائيل ستضمن المساواة التامة في الحقوق الاجتماعية والسياسية لجميع سكانها بصرف النظر عن الدين أو العرق أو الجنس وانها ستكفل حرية الدين والضمير واللغة والتعليم والثقافة.

ولكن احوال عرب إسرائيل ليست ميسورة مثل احوال يهودها وفرصهم أقل بكثير من فرص اليهود، كما تلاحظ صحيفة نيويورك تايمز مضيفة ان الجدل الذي أُثير حول قضية جبران يتعلق بعربي من حيفا يعمل قاضيا في اعلى محكمة إسرائيلية ويشارك في غالبية قراراتها المهمة بما في ذلك الحكم بسجن رئيس إسرائيل السابق موشي كتساف.

والقاضي جبران اول عربي في تاريح دولة إسرائيل الذي يمتد 60 عاما يتولى هذا المنصب بصورة دائمة حيث تولاه عربي بصورة مؤقتة قبل 12 عاما. وبالنسبة لمعلق يساري مثل جدعون ليفي فان تعيين جبران ورقة توت لا أكثر.

وقال ليفي quot;من بين كل الكلمات التي أُلقيت في مراسم تنصيب الرئيس الجديد للمحكمة العليا فان صمت جبران هو الذي علمنا درسا مهما يتمثل في ان ديمقراطية إسرائيل ديمقراطية مهلهلة وهشة، وكل ما تحتاجه لتدميرها قاض واحد يرفض الانضمام الى الجوقةquot;.

ولكن غالبية الإسرائيليين بدوا راضين على موقف القاضي جبران، الذي وقف باحترام لكنه ظل صامتا اثناء ترديد كلمات النشيد الوطني. وكانت احاديث الإسرائيليين فيما بينهم ان إسرائيل quot;دولة غير طبيعية وان بعض الدوائر لا يمكن تربيعهاquot;.

وكتب المعلق نوح كليغر في صحيفة يدعوت احرونوت ان أي شخص في بريطانيا سواء أكان مسلما او بوذيا أو مسيحيا أو يهوديا يستطيع ان يررد كلمات النشيد الوطني البريطاني التي تقول quot;الله يحفظ الملكةquot; بلا مشكلة quot;لأن هذه الكلمات تناسب الجميعquot;. وتابع ان القاضي جبران وهو مسيحي ماروني، رجل سار على السراط المستقيم مستخدما المثابرة والموهبة للوصول الى عضوية المحكمة العليا quot;ولكنه لا يستطيع ان يردد كلمات نشيدنا الوطني quot;هاتيكفاquot; ولا يتعين عليه ان يرددهاquot;.