تونس: تطغى مسالة الهوية والدين على الساحة السياسية في تونس وتخضع منذ أشهر لمزايدات ومناورات ادت الى حجب المشاكل الحاسمة مثل البطالة وانعدام المساواة اللذين تسببا في اندلاع الثورة السنة الماضية.

وبعد ان تبين انقسام النقاش السياسي بين quot;اسلاميينquot; وquot;حداثيينquot; خلال الحملة الانتخابية التي سبقت اقتراع 23 تشرين الاول/اكتوبر، اصبح الجميع يعتمد خط الفصل بينهما. ودفعت الحوادث المعزولة التي تسبب فيها سلفيون متطرفون يشكلون اقلية صغيرة جدا لكنهم يزدادون حضورا على الساحة السياسية- الى مواجهة ايديولوجية بين quot;المعسكرينquot;.

وترى آمنة منيف انه quot;لم يكن للثورة التونسية زعيم ولا ايديولوجيا، انها انطلقت من خلل اجتماعي كبير لكننا اليوم نرى صراعا بين تيار اسلامي معتدل متسامح يجسد تونس وتيار محافظ متشدد يقتدي بالتيار الوهابيquot;.

وتتزعم هذه الطبيبة التي كانت من قيادي حزب آفاق تونس الليبرالي اليوم quot;حركة مواطنةquot; تدعى quot;كلنا تونسquot; شاركت في تنظيم تظاهرة الثلاثاء احتفالا بذكرى الاستقلال ودفاعا عن quot;الديمقراطية وقيم الجمهوريةquot;.

وتنظم التظاهرة بعد خمسة ايام من استعراض قوة قام به انصار السلفيين عندما تظاهروا امام المجلس الوطني التاسيسي مطالبين باعتماد الشريعة في دستور البلاد الذي يعكف المجلس على صياغته. وقالت منيف quot;صحيح ان السياسة تمارس في الشارع حاليا، لان الاحزاب مهما كانت لم تتخذ موقفا واضحاquot; من قضية الهوية.

وتلزم حركة النهضة الاسلامية التي فازت بانتخابات تشرين الاول/اكتوبر الصمت في هذا الشان. ويرى محللون انها هي اصلا منقسمة وتريد مجاملة انصارها المتطرفين بينما ترى المعارضة ان القضية الدينية تسمح بحجب نقاط حاسمة مثل تدني النمو وارتفاع البطالة (19%) والاهتمام بالمناطق المحرومة في وسط البلاد

واعرب القيادي الشيوعي حمة الهمامي عن اسفه قائلا ان quot;انقسام النقاش بين طرفين يسمح بحجب المشاكل الحقيقيةquot; المتمثلة في quot;دستور يجب صياغته وتطلعات شعبية يجب تلبيتها وازمة اقتصادية واجتماعية يجب تسويتهاquot;.

وفي موقف اكثر صرامة قال الاقتصادي محمود بن رمضان العضو في حزب التجديد (شيوعي سابقا) ان quot;المشاكل الدينية تستعمل لتغطية افتقار الحكومة الى الكفاءةquot;. واضاف ان quot;قيادة البلاد السياسية ليس لديها اي برنامج ولا رؤية وتفتقر دوليا الى المصداقية، وفي الاثناء ما انفك الوضع الاجتماعي يتفاقم وتعاطف الشركاء الاجانب مع الثورة التونسية يتراجعquot;.

وفيما قد يكون ردا على الانتقادات اعلن الوزير المكلف الملفات الاقتصادية رضا السعيدي الاثنين ان الحكومة ستعرض نهاية اذار/مارس على المجلس التاسيسي برنامجا اقتصاديا واجتماعيا.

وصرح لوكالة الانباء التونسية ان الحكومة التي تراهن على النهوض بقطاع السياحة -المتداعي منذ 2011- وموسم زراعي quot;استثنائيquot; وانتعاش النشاط في قطاع الفوسفات، تعول على تحقيق نمو نسبته 3,5% خلال 2012. واكد الوزير ان quot;الحكومة الحالية تعتبر التوظيف اولية مطلقةquot;.

واعلن يوسف عبد الكاوي رئيس جمعية حاملي الشهادات العاطلين عن العمل في تطاوين (جنوب) quot;اننا ننتظر ونامل ان تتجسد الوعود في ملحق القانون الماليquot;. واضاف quot;حتى الان لا جديد بالنسبة لناquot;، ويشكل حاملو الشهادات العاطلين عن العمل ربع حوالى 800 الف شخص من طالبي العمل في تونس.