قيادات الإخوان والمجلس العسكري في قداس عيد الميلاد في لكنيسة

أدى إصرار المجلس العسكري في مصر على الابقاء على حكومة الجنزوري، ومطالبة جماعة الاخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة برحيلها وتشكيل حكومة جديدة إلى تصاعد الخلاف القائم بين الطرفين، الى حد وصل الى اتهام الاخوان للمجلس بتزوير الانتخابات.


القاهرة: تصاعدت حدة الخلافات بين المجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر بعد الثورة وجماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية العدالة، على خلفية إصرار الأول على الإبقاء على حكومة الدكتور كمال الجنزوري، بينما يطالب الثاني بإسقاطها، وتشكيل حكومة جديدة. ووصلت الخلافات إلى حد غير مسبوق منذ إنهيار حكم الرئيس السابق حسني مبارك في 11 فبراير 2011، لا سيما بعد تبادل الجانبان الإتهامات والتهديدات، فبينما اتهم الإخوان المجلس العسكري بالتحضير لتزوير الإنتخابات الرئاسية ورعاية حكومة فاشلة، رد المجلس بعنف مؤكداً أنه من رعى الإنتخابات التشريعية التي أتت بهم أغلبية في البرلمان، ودعاهم إلى قراءة التاريخ جيداً، والإستفادة من أخطاء الماضي، حتى لا تتكرر، في ِإشارة إلى إنقلاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على الإخوان في العام 1954، وحظر جماعتهم، وإدخالهم في السجون والمعتقلات وإعدام البعض منهم. ورد قيادي بالإخوان موجهاً كلامه للعسكر قائلاً: أن رئيسكم ـ مبارك ـ في السجون، وبإستطاعتنا أدخالكم معهquot;.

ويختلف الخبراء والسياسيون حول الأزمة الحالية بين الإخوان والعسكر، فبينما يرى البعض أنها خلافات عميقة، يؤكد آخرون أنها مجرد مناورات سياسية لتغطية حالة من التوافق الشديد بينهما، تم الإتفاق عليها منذ سقوط مبارك العام الفائت، أو للتغطية على صفقة جديدة يتم الإعداد لها خلف الستار.

صراع على السلطة

ووفقاً لجورج إسحاق الناشط السياسي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، فإن حقيقة الخلافات بين الإخوان والمجلس العسكري غير معروفة حتى الآن، مشيراً إلى أن ما يحدث بينهما جزء من حالة الضبابية التي تمر بها مصر طوال الفترة الإنتقالية، وقال لـquot;إيلافquot; إن الطرفان يتبادلان أوراق الضغط كل حسب مقدرته، وأضاف أن الصراع لا يقوم على المبادئ أو من أجل مصر، بل هو صراع على السلطة بعد انتهاء المرحلة الإنتقالية، مشيراً إلى أن الظاهر هو مطالبة الإخوان بإسقاط حكومة الجنزوري وتشكيل حكومة جديدة برئاستهم، ولكن ما خفي كان أعظم، ولفت إلى أن الطرفين يحاولان الإنفراد بالسلطة، ودعا كلاهما إلى النظر لمصلحة البلاد وترك المصالح الخاصة الضيقة، وأضاف أقول لهم: quot;اتقوا الله في مصر، وكفاية صراعاتquot;.

هجوم إخواني

جاء الهجوم الأشرس من جانب الإخوان ضد المجلس العسكري على لسان القيادي بالجماعة الدكتور حمدي حسن، وقال خلال مؤتمر صحافي عقدته الجماعة في مقرها الرئيسي بالإسكندرية موجها كلامه للمجلس العسكري: quot;رئيسكم بالسجن الآن، وإن أردتم أن تفلتوه بمحاكمات هزلية وقوانين تسمح للسارقين أن يردوا ما سرقوه مقابل براءتهم فإن الشعب لن يسمح لكم بذلك وسيدخلكم معهquot;، وأتهم حسن المجلس العسكري بأنه quot;يريد أن يجعل الحكومات والأنظمة القادمة في مصر كالدمى يحركها كيفما يشاء دون أن تكون لها صلاحيات، والإخوان وجميع القوى الوطنية يرفضون ذلكquot;. واتهم حسن المجلس العسكري كذلك بقيادة الثورة المضادة، وقال: quot;جميعنا استبشرنا بانضمام المجلس العسكري للشعب بعد الثورة، ولكن اكتشفنا بعد ذلك انها محاولة لاحتواء الثورة والانقضاض عليها بعد ذلك بثورة معادية، وذلك من خلال تفتيت الصف الوطني وتفتيت الجهود حتى لا يحصل الشعب على ثمار الثورة وإعادة إنتاج النظام القديم مرة أخرىquot;.

تحذير عسكري

فيما دعا المجلس العسكري الإخوان إلى دراسة التاريخ جيداً، في إشارة إلى ما حدث عام 1954، عندما انقلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على الإخوان، وأعادهم إلى السجون والمعتقلات، وأعدم بعضهم، ومنهم عبد القادر عودة والشيخ سيد قطب. وقال في بيان له quot;إن الحديث عن تهديدات بوجود طعن فى دستورية مجلس الشعب أمام المحكمة الدستورية العليا والإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية، إنما هو أسلوب غير مقبول يستهدف الإساءة إلى القضاء المصري العريق واستباق أحكامه، والسعي إلى تحقيق مصالح حزبية ضيقة على حساب قدسية القضاءquot;. وأضاف:quot;إننا نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ لتجنب تكرار أخطاء ماض لانريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وإن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبارquot;.

أزمة عميقة

ويرى الدكتور وحيد عبد المجيد النائب في مجلس الشعب أن هناك أزمة عمقية بين الإخوان والمجلس العسكري، قد تحل وقد لا تحل، وقال لـquot;إيلافquot; إن الخلافات تنبع بالأساس حول تحديد شكل الدولة وموقع الجيش فيها بعد انتهاء المرحلة الإنتقالية، مشيراً إلى أن هناك الكثير من الملفات العالقة بين الطرفين منذ 11 فبراير 2011، وكانت مؤجلة شهراً بعد الآخر، لكن مع إقتراب الإنتخابات الرئاسية صار فتحها وتصفيتها أمراً ملحاً، ولفت إلى أن هناك إحتمالين في الأزمة الحالية، الأول هو التصادم والآخر هو التسوية، مشيراً إلى أن الإحتمالين متساويين، متوقعاً أن يلجأ أحد الطرفين إلى تقديم تنازلات ما، أو تدخل أطراف محلية أو دولية في الأزمة للإنتهاء منها بحالة من التوافق، لا سيما أن الصدام أو الصراع ليس في مصحلة أي منهما، ولا في مصلحة مصر.

مناورة سياسية

وفي المقابل، يرى البعض أن ما يحدث ليس إلا مناورة، ولا تدل على خلافات حقيقية، بقدر ما تدل على صفقة جديدة يتم الإعداد لها خلف الستار، ويرى النائب والمرشح لإنتخابات الرئاسة أبو العز الحريري أنه لا خلافات حقيقية بين الجانبين، مشيراً إلى أنها خلافات وهمية أو مصطنعة، وقال لـquot;إيلافquot; إن ما يحدث بينهما ما هو إلا تجاذبات للتغطية على صفقة يتم طبخها في الخفاء، وأضاف الحريري أنه لو أن هناك خلافات سوف تحل بطريقة أو بأخرى، وفي إطار صفقة جديدة، يكون الضحية فيها الشعب المصري، وثورته.

صفقة الدستور

ويتبنى الدكتور عادل عامر رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والإقتصادية رأي المناورة أيضاً، وقال لـquot;إيلافquot; ما يحدث ليس إلا مناورة سياسية، وأضاف أن خطة إدارة المرحلة الإنتقالية متفق عليها بين الإخوان والمجلس العسكري مسبقاً، منذ إسقاط حكم الرئيس مبارك في 11 فبراير 2011، مشيراً إلى أن تلك المناورة الهدف منها التغطية على أزمة حقيقية أخرى، هى أزمة اللجنة التأسيسية للدستور، وأوضح أن الدستور يتم طبخه حالياً وفقاً لوثيقة الأزهر الشريف، وبما يمنح المجلس العسكري والقوات المسلحة وضعية خاصة في الدولة.

إختلاف وجهات نظر

وبين هذا وذاك، يؤكد المرشد العام للإخوان السابق مهدي عاكف أنه لا خلافات حقيقية بين الجانبين، وقال في تصريحات صحافية أن الأمر كله ينحصر في إختلاف وجهات النظر بشأن عدد من القضايا مثل الدستور وشكل الدولة وإقالة أو بقاء حكومة الدكتور كمال الجنزوري، ولفت إلى أن هناك محاولات لتقريب وجهات النظر، مؤكداً أن الإختلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية.