اضطر الثوار السوريون الى انهاء محاولتهم الاحتفاظ بمواقعهم في مدن وبلدات كبيرة بعد سلسلة من المعارك التي تكبدوا فيها خسائر فادحة ، كما أقر قادة ميدانيون في المعارضة لأول مرة.

وبعد خسارة معاقل بالغة الأهمية في مدن حمص ودرعا وادلب لقوات النظام السوري لم يبق امام الثوار من بديل سوى تعديل استراتيجيتهم باعتماد تكتيكات الكر والفر.

وقال قائد ميداني تحدث لصحيفة الديلي تلغراف من بيت آمن في شمال لبنان quot;ان الجيش السوري الحر ، بعد ما حدث في درعا وحمص وادلب ، لا يركز على الاحتفاظ بمدن بعد الآنquot;. واضاف ان المقاتلين يستخدمون الآن تكتيكات حرب العصابات على قاعدة quot;اضرب واهربquot; مشيرا الى ان لدى الجيش السوري الحر عناصر تراقب حواجز التفتيش ثم تهاجمها في اللحظة المناسبة.

وينطوي تغيير التكتيكات على اعتراف بأن سياسة النظام في قصف البلدات والقرى التي تحصن فيها الثوار قصفا عشوائيا حرمهم من قواعد شعبية ودعم سكان هذه المناطق لقضيتهم.

وقال القائد الميداني الذي قدم نفسه باسم ابو سليمان ان المدنيين في قرية حدودية حيث نفذ مع رجاله عمليات كثيرة ، ناشدوهم ان يرحلوا خشية ان تدمر قوات النظام قريتهم إذا لم يغادروا.

وجاء اول اعتراف بحجم الانتكاسات التي تعرضت لها كتائب الثوار خلال الاسابيع الستة الماضية مع اعلان المبعوث الأممي والعربي كوفي انان ان الحكومة السورية وعدت ببدء تنفيذ خطته في 10 نيسان/ابريل.

وابلغ انان مجلس الأمن الدولي ان اختراقا قد يكون وشيكا رغم انه لم يحقق تقدما في وقف سفك الدماء مناشدا الغرب والعرب ان يتحلوا بالصبر.

وقال انان ان الرئيس السوري بشار الأسد وافق على الالتزام بجدول زمني للبدء بسحب جنوده ودباباته من المراكز السكانية يوم الثلاثاء المقبل واعلان وقف شامل لاطلاق النار بعد 48 ساعة.

وشكك كثيرون في اوساط المعارضة والغرب بصراحة في صدق الأسد وخاصة بعدما قال الاسبوع الماضي ان على الثوار ان يتخذوا الخطوة الأولى بوقف القتال ونزع السلاح ، وهو مطلب يتعارض مع خطة انان.

ولكن الأسد منذ اعلان مطلبه تعرض الى ضغوط من روسيا حليفه الرئيسي للتراجع عن موقفه. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين ان على الحكومة السورية ان تتخذ الخطوة الأولى وتبدأ بالانسحاب وفق خطة انان.

ويرى مراقبون ان الأسد يراهن على تخبط الجبهة الدولية ضده وانقسامات المعارضة لتحويل مكاسبه العسكرية الأخيرة الى نصر.

وكانت قدرة المعارضة المسلحة على الاحتفاظ بمواقع على الأرض تعتبر عاملا حاسما إذا ارادت ان تكون لها فرصة واقعية في اسقاط الأسد ولكن الثوار تلقوا ضربات موجعة بسبب التفوق الساحق لجيش النظام في القوة النارية التي تبدت في عمليت قصف لا هوادة فيها منذ اوائل شباط/فبراير.

واقر الجيش السوري الحر بان هذا الوضع لم يبق لهم من خيار سوى اللجوء الى تكتيكات حرب العصابات.

وقال القائد الميداني ابو سليمان ان التكتيكات الجديدة رغم اعتمادها بحكم الضرورة ستكون شديدة الفاعلية لأنها ستجعل العاصمة دمشق نفسها هدفا لعمليات الثوار. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن ابو سليمان قوله quot;ان الخطة هي تنفيذ هجمات على قاعدة اضرب واهرب ضد الجيش في دمشقquot;. واضاف quot;يجب ان نقطع رأس الأفعىquot;.

وقال ابو سليمان quot;ان الجيش السوري الحر يشدد الخناق للوصول الى ساحة العباسيين في وسط دمشق وان خيرة المقاتلين من انحاء البلاد ينتقلون الى العاصمة للانخراط في المقاومة هناكquot;.

وسُمع انفجار شديد في دمشق يوم الأحد جاء بعد سلسلة من التفجيرات ضد اهداف عسكرية منذ تعهد الجيش السوري الحر بتنسيق هجماته في المدينة وحولها.

كما نُفذت عمليات انتحارية اسفرت عن مقتل عشرات المدنيين منذ كانون الأول/ديسمبر. واتهمت الحكومة السورية وبعض المسؤولين الغربيين جماعات تنتمي الى تنظيم القاعدة بالمسؤولية عنها.