باريس: يرى خبراء أن الدول الغربية أفسحت المجال أمام انتشار أعمال العنف والتمرد بتدخلها في ليبيا وتسببها في فرار مقاتلين طوارق مسلحين ومدربين الى منطقة الساحل.

واكد الخبراء ان سيطرة المتمردين الطوارق وحلفائهم مقاتلو الجماعات الاسلامية المسلحة المحلية وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، على نصف شمال مالي، هي نتيجة مباشرة لتدفق مئات السيارات الرباعية الدفع وعلى متنها رجال مجهزون ومدربون طيلة سنوات في صفوف قوات معمر القذافي في الربيع الماضي على المنطقة.

واضافوا ان المقاتلين الطوارق الذين مارسواالقتال في الكتائب الليبية وحلفائهم يحتلون في الوقت الراهن موقع القوة في بيئة نشأوا فيها ويعرفونها جيدا بينما لا تستطيع القوات الخارجية التحرك فيها بسهولة.

واكد اريك دينيسي مدير المركز الفرنسي للابحاث حول الاستخبارات ومؤلف تقرير حول التمرد في ليبا نشر في ايار/مايو 2001 بعنوان quot;ليبيا مستقبل غامضquot; quot;يجب ان نقول ونكرر ان العامل المفجر لكل ذلك هو التدخل الغربي في ليبياquot;.

واضاف quot;في البداية لم يكن هؤلاء المحاربون القدماء في الميليشيات الليبية يعادون مالي في شيء، لكن بما ان الطبيعة لا تحب الفراغ انتبهو لمهمة وتحالفوا مع الجماعات المحلية ووصلنا هذا الوضع اليومquot;.
واكد ان الدول الغربية وخصوصا فرنسا تلقت مرارا تحذيرات لكنها لم تفعل شيئا.

واضاف دينيسي ان quot;وزير الخارجية المالي سليمان بوبيي مايغا كان ياتي تقريبا كل شهر الى باريس يبحث مع وزارة الخارجية والرئاسة والمديرة العامة للامن الخارجي ويقول لهم +الان وقد تدخلتم واثرتم الفوضى ماذا ستفعلون لمساعدتنا، في بلادنا ومنطقتنا؟ تدخلكم ادى الى انتشار المقاتلين والاسلحة في كل انحاء الساحل، انتم تعرفون جيدا ان ليس لدينا الوسائل العسكرية والمالية لمكافحة هؤلاء الناس+quot;.

ولا يعرف احد بالتحديد كم من قدماء المقاتلين في الجيش الليبي فروا من الثورة التي اطاحت بنظام طرابلس الى الساحل لكن الخبراء يجمعون على الاعتقاد ان عددهم وعتادهم كان كافيا لقلب موازين القوى في المنطقة برمتها.

ومن الجزائر يقول الخبير محمد مقدم الملم جيدا بواقع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ومؤلف كتاب quot;فرنسا والتيار الاسلامي المسلحquot; انه quot;ليس هناك رقم دقيق لعدد المقاتلين الذين غادروا ليبيا وانتقلوا الى الجنوبquot;.

لكنه يضيف quot;اعتقد ان عددهم يناهز الالف على الاقل وربما اكثر، والاكيد هو ان الازمة الليبية اعطت دفعا لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وحركة تمرد الطوارقquot;. واوضح في اتصال هاتفي مع باريس quot;نشهد المرحلة النهائية من نشأة منطقة لا قانون لا يمكن ان يتحكم احد فيها بالساحلquot; مؤكدا ان quot;قسما كبيرا من الطوارق الذين همشوا منذ سنوات التحقوا بالاسلاميين المحليين والقاعدة، يشعرون انهم ينتقمونquot;.

واضاف مقدم ان quot;هؤلاء المقاتلين في ميليشيات القذافي سابقا اصبحوا قوة لا يملك احد المنطقة وسائل التصدي لها. لقد دمجوا مجددا في النسيج الاجتماعي في شمال ماليquot; وquot;ابرموا اتفاقا آنيا مع القاعدة والقبائل العربية والاسلاميين المحليينquot;.

وتابع quot;لا يمكن لجيش مالي ان يفعل شيئا في تلك المنطقة. لقد فقد السيطرة عليهاquot;. والقوة الوحيدة العملانية في المنطقة هي الجيش الجزائري الذي قال مقدم انه لن يتحرك quot;لان الدستور يمنعه من التدخل خارج اراضي الوطنquot;.

واعتبر اريك دينيسي انه اذا تفاقم الوضع وهددت الفوضى ونفوذ الحركات المتطرف بالانتشار في المنطقة واقامة علاقات محتملة مع حركتي بوكو حرام النيجيرية والشباب الصومالية فان الدول الغربية ستضطر الى التحرك.

وقال quot;بسبب تدخلهم في ليبيا يتحملون مسؤولية حقيقيةquot;. لكنه تابع quot;ما العمل؟ اذا تعاون الفرنسيون والاميركيون وربما الجزائريون، فقد نعود الى الوضع الذي سبق التدخل في ليبيا خلال حملة تستمر ثلاثة اشهرquot;. واضاف quot;لن نتمكن من تصفية كل العصابات لكن يمكننا مساعدة مالي على استعادة المدن وارغام العصابات على التنقل في مناطق الصحراء التي لا مدن فيهاquot;.