ناشطون سوريون للمعارضين المسلحين: أعيدوا لنا ثورتنا!

أجبر الجيش السوري الحر ناشطين سوريين، على الهروب إلى لبنان، بعد أن اعتقلهم النظام لأيام عدة، وتكلم الناشطون عن الممارسات التي حصلت بحقهم وكيف تحولت ثورتهم السلمية إلى حركات عنيفة أودت بحياة الآلاف من المدنيين.


لندن:غادر الناشط السوري محمد علوش بلده الى لبنان ليس هربًا من ملاحقات الأجهزة الأمنية لنظام الرئيس بشار الأسد، بل إن عناصر الجيش السوري الحر هم الذين أجبروه على الرحيل من مدينته حمص. وقال علوش في حديث لصحيفة كريستيان سانيس مونتر في بيروت، إن النظام اعتقله مرة أخرى في ايلول(سبتمبر) الماضي لتنظيمه احتجاجات وبعد الإفراج عنه، التقى مجموعة يعرف أن أفرادها من عناصر الجيش السوري الحر. وأضاف: quot;توجهتُ اليهم وصرخت quot;أنتم سرقتم ثورتنا! أنتم لا تقلون سوءًا عن الشبيحةquot;quot;.

بعد ذلك اعتقل عناصر الجيش السوري علوش وابقوه معهم أربعة أيام ثم قالوا له ألا يُري وجهه مرة أخرى في حمص.

وينتمي علوش الآن الى حركة من الثوار الشباب الذين بدأوا الاحتجاجات ضد نظام الأسد في آذار(مارس). ويشعر ناشطو الحركة بالتهميش بعد المنحى العسكري الذي اتخذته الانتفاضة منذ تشكيل الجيش السوري الحر في صيف العام الماضي.

ويتألف الجيش السوري الحر في الغالب من منشقين عن جيش النظام ولكن تقارير تحدثت عن تعاونه مع جهاديين من خارج سوريا، وأن العديد من وحداته يستخدم لغة طائفية بصورة متزايدة، كما أفادت صحيفة كريستيان ساينس مونتر ناقلة عن مغنية تستخدم إسم صافيناز لأنها ما زالت في سوريا قولها quot;إن ثورتنا سرقها منا أشخاص لديهم أجندتهم الخاصة. فنحن لا نؤمن بالعنف بل نريد العودة الى الانتفاضة الحقيقية التي كانت نظيفة حين بدأت لكنها اصبحت شيئًا آخر الآنquot;. وأضافت: quot;أنا ضد النظام ولكني ضد المعارضين المسلحينquot;.

واجتمع أكثر من 200 ناشط سوري في القاهرة لتوحيد الثوار حول هدف مشترك هو العودة الى الاحتجاجات السلمية. وفي حين أن الناشطين يعترفون بأن الجيش السوري الحر اكتسب زخمًا كبيرًا بدعوة العربية السعودية وقطر المجتمع الدولي الى تسليح الثوار، فإنهم يرون فرصة في عودة هذا الزخم لصالح الناشطين السلميين إذا صمد وقف اطلاق النار الذي تنص عليه خطة المبعوث الدولي كوفي أنان.

وقال هيثم خوري، عضو المنبر الديمقراطي السوري الذي شارك في مؤتمر القاهرة، quot;إن خطة انان هي أملنا الرئيسي ونعمل على التزام الجميع بهاquot;. وأضاف أن اتصالات تجري مع فصائل معارضة أخرى quot;محاولين أن نمنح الشعب أملاً من خلال الاعلام لينقل اليه، أن هذه خطوة جيدة جدًا نحو انقاذ الأرواح والعودة الى ثورة سلمية تمامًاquot;.
في دمشق، قال ناشط تحدث لصحيفة كريستيان ساينس مونتر عن طريق سكايب: quot;نحن بصراحة يأسنا من المجتمع الدوليquot;. واضاف الناشط الذي قدم نفسه باسم مار quot;أن الجيش السوري الحر هو أملنا الوحيد بالخلاص الآنquot;.

ويقول النظام السوري إن الانتفاضة من تدبير عصابات مسلحة ومجموعات ارهابية. ويرى مراقبون أن نشاط الجيش السوري الحر الذي اتُهم بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الانسان، تسبب في تعقيد ما بدأ ثورة جماهيرية سلمية، لكنها قويةالعزيمة في مطالبتها بالاصلاح السياسي على غرار ما حققه المصريون في ميدان التحرير.

ويؤكد ناشطون، أن نظام الأسد ينظر الى التغيير السياسي على أنه الخطر الأكبر وليس العمل المسلح ضده. وقالت يارا نصير التي أُجبرت على مغادرة سوريا الصيف الماضي بعد اعتقالها لمدة 18 يومًا لتوزيعها منشورات quot;إن النظام يخاف المحتجين السلميين اكثر مما يخاف الاسلاميين المسلحين.... وأنه ارادها أن تصبح انتفاضة مسلحة لأن ذلك يتيح له أن يقول للعالم إنه يقاتل ارهابيينquot;.

وكان وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو حين سُئل خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي إن كان النظام السوري يخاف أن يتكرر في دمشق ما حدث في ميدان التحرير في القاهرة، قدم اجابة ذات مغزى حين قال quot;إن هذا ما كنا نعتقده منذ اليوم الأولquot;.

وكان علوش الذي غادر حمص هربًا من الجيش السوري الحر من أوائل الناشطين الذين نظموا احتجاجات مناوئة للنظام في حمص حين بدأت الانتفاضة في آذار(مارس) 2011. وقال علوش إن النظام كان وقتذاك سيعمل على دس عناصر مسلحة بين المحتجين يتذرع بهم لإطلاق النار على المتظاهرين quot;ولكنه الآن لا يحتاج الى القيام بذلك لأن الجيش السوري الحر قدم له ذريعة مثلى لقتل الناسquot;.

في شباط (فبراير) عاد علوش سرًا الى حمص وطاف على المساجد لإقناع الخطباء بالدعوة الى الابتعاد عن العنف. وحين عرف به الجيش السوري الحر هرب عائدًا من جديد الى لبنان.

واثار ناشط آخر يستخدم إسم يوسف الشامي غضب الجيش السوري عليه. إذ كان الشامي في طرابلس شمالي لبنان في آذار(مارس) ليطلب مساعدة الجيش السوري الحر في إرسال شحنة أدوية الى المدن السورية المحاصرة، عندما نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان تقريرها عن انتهاكات عناصره ضد حقوق الانسان، بما في ذلك الضلوع في اعمال خطف وتعذيب واعدامات. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن الشامي quot;قلتُ لهم بوجهم إنكم مجرمون إذا فعلتم هذه الأشياء وانهم لا يعرفون معنى كلمة الحريةquot;. وقيل للشامي ألا يُري وجهه ثانية في طرابلس إذا أراد ان يبقى على قيد الحياة.

واتهم الشامي الجيش السوري الحر بأنهم quot;خربوا كل شيء. في البداية كنا كلنا سوريين ولكن عندما كنتُ في حمص (اواخر العام الماضي) وجدت الناس لا يعرفون حتى بما يجري في انحاء البلاد الأخرى. فهم ينظرون الى الأمر على أنه حركة مسلحة يقوم بها السنة واتهموني بأنني جاسوس بسبب اصولي الدرزيةquot;.

سبب انحسار الانتفاضة

بادر ناشطون في الآونة الأخيرة الى تشكيل تنظيم جديد للعودة الى التظاهرات السلمية في أيام الثورة الأولى.

وقالت ناشطة تحدثت لصحيفة كريستيان ساينس مونتر عن طريق سكايب باسم سيلين: quot;نحن الذين نريد ثورة سلمية ما زلنا كثيرين ولكن منذ أن أصبحت نزاعًا مسلحًا انسحب العديد ممن كانوا متعاطفين مع قضيتناquot;. واصبح تنظيم احتجاجات أخطر بكثير الآن وقالت سيلين quot;إننا هذه الأيام لا نفاتح إلا من نعرفهم معرفة جيدةquot;.

ونتيجة لذلك أصبحت الاحتجاجات اصغر بكثير، وتحدثت سيلين عن فعالية أخيرة قائلة: quot;اتفقنا على التحشد عند مفترق استراتيجي وسط دمشق وأحرق بعضنا اطارات فيما ردد البعض الآخر هتافات. ولم تستمر العملية كلها أكثر من 5 دقائق وكان المارة يريدون الانضمام الينا لكننا اختفينا قبل أن يحدث ذلكquot;. وشددت سيلين على quot;أن من المهم إسماع اصواتنا ، ونحن نحرص على تصوير احتجاجاتنا وارسالها الى وسائل الاعلامquot;.

الحاجة الى قيادة في هذه المرحلة الحساسة

شُكل المجلس الوطني السوري بوصفه اطارًا تنظيميًا للعمل من اجل التغيير السياسي. ولكن حتى يارا نصير المتحدثة باسم المجلس في لبنان ترى أن المجلس الوطني السوري متحالف تحالفًا وثيقًا مع الجيش السوري الحر بحيث أنه لا يمثل بديلاً حقيقيًا عن العمل المسلح.

ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن نصير قولهاquot;إن المجلس الوطني السوري يدعي أنه ممثل الشعب السوري. وهذا ليس صحيحًا. فهم لا يتحدثون إلا عن تسليح الثوار ولا يتحدثون ابدًا عن المقاومة اللاعنفية، وهم قطعًا لا يتحدثون عن quot;الرماديينquot;، أي الأغلبية الصامتة من الذين لا يؤيدون النظام ولا الثوار المسلحينquot;.

وأشارت نصير الى أنها فكرت في الاستقالة من المجلس الوطني السوري كما فعل آخرون quot;ولكنني أُقنعتُ بالبقاء ومحاولة التغيير من الداخلquot;.

وعبرت نصير عن آمالها في مؤتمر القاهرة حيث دعت الى الاتفاق على quot;رسالة يمكن أن يقف وراءها كل من يعارض الاستمرار في عسكرة هذا النزاعquot;.

وقال الناشط علي الذي شارك في مؤتمر القاهرة حيث يقيم الآن بعدما قام بدور نشيط في التخطيط للانتفاضة إن على المعارضة نفسها أن تحل هذه المشكلة. واضاف أن الذين يتظاهرون في الشوارع يحتاجون الى وقف إراقة الدماء quot;ويحتاجون الى معارضة حقيقية لقيادة هذه الفترة الحساسةquot;.

وقالت الناشطة أروى الأحمد التي تقيم في دبي إن مؤتمر القاهرة quot;حلبة لالتقاء جميع الأفكار والرؤى السياسية وأن الغالبية هي مع المبادرة السلمية ولكن تحقيق ذلك يتطلب مشاركة قيادات ورؤى سياسيةquot;.

ويدرك الناشطون الذين اجتمعوا في القاهرة أنهم لا يستطيعون أن يعيدوا عقارب الساعة الى الصيف الماضي، قبل تحول الانتفاضة الى العنف. ولكنهم مصممون على العمل من أجل حلول سلمية. وقال علوش quot;إن الجيش السوري الحر حقيقة قائمة وعلينا أن نقبل به ولكن هذا لا يعني قبولنا بهم قيادة لهذا الثورة. فأنا أعرف هؤلاء الناس وأعرف أن العديد منهم يريدون تحويل سوريا الى جمهورية اسلامية إذا أُتيحت لهم الفرصةquot;، على حد تعبيره.

ودعت المعارضة الى تظاهرات جماهيرية لاختبار خطة أنان التي تنص في أحد بنودها على حرية التجمع. وقالت الناشطة صافيناز quot;إن لدينا نافذة صغيرة ولكن الوقت ضدنا. فنحن الآن نقاتل نظامين وجيشينquot;.