جاء التساؤل المتعلق بالطريقة التي يمكن من خلالها مواجهة الرئيس السوري بشار الأسد، في ظل مواصلة قواته عمليات القتل والتنكيل ضد عناصر المقاومة السورية، ليتسبب بحرج القادة الغربيين والعرب على مدار أشهر، في وقت يحاولون فيه إيجاد طريقة تجبر الأسد على وقف حملته القمعية المميتة التي يمارسها ضد الانتفاضة الشعبية المتواصلة منذ 14 شهرا، والتي راح ضحيتها أكثر من 9000 قتيل.


العنف ما زال متواصلاً في سوريا

القاهرة: ما زال الغموض يكتنف التفاصيل المتعلقة بالتداعيات التي قد تعود على الأسد إذا ما استهزأ بالترتيب الخاص بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع، بعدما التقى وزير الخارجية الفرنسي، آلان جوبيه، في باريس، نظيرته الأميركية، هيلاري كلينتون، و12 آخرين من وزراء الخارجية، بمنفيهم وزراء كل من تركيا وألمانيا وقطر ومصر.

وبسؤاله عمّا إن كانوا سيقررون في نهاية المطاف توجيه ضربات عسكرية ضد قوات الأسد ndash; على غرار ما حدث في العام الماضي في ليبيا ndash; قال جوبيه إن الأولوية بالنسبة إليهم في تلك المرحلة هو تنفيذ قرار وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بمفاوضات من جانب الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي أنان. وأضاف: quot;إذا فشلت تلك المهمة، فسيتم النظر في خيارات أخرى، لكن تلك ليست القضية اليومquot;.

وتحدثت في هذا السياق اليوم مجلة التايم الأميركية عن باقي الخيارات التي يمكن اللجوء إلى أي منها، على أمل النجاح في وقف نزيف الدم الحاصل في سوريا منذ أكثر من عام.

ولفتت المجلة في هذا الجانب كذلك إلى أن هيلاري كلينتون صرحت خلال وجودها في باريس أخيرًا بأن الولايات المتحدة سوف تساعد جماعات المعارضة، وستمدّها بمزيد من المعدات اللوجيستية ومعدات الاتصال، كما أعلنت عن تأييدها فرض عقوبات أممية جديدة لحظر الأسلحة وفرض قيود على السفر ضد أفراد نظام الأسد.

وهي التدابير التي رأت المجلة أنها ستُرفَض ربما من جانب حليفي سوريا البارزين، روسيا والصين، اللذين يمتلكان حق النقض في مجلس الأمن، واللذين رفضا حضور ذلك الاجتماع الخاص بوزراء الخارجية الذي عقد في باريس يوم الخميس الماضي.

وبنبرة بدا عليها الإحباط نتيجة عجز القادة العرب والغربيين عن إنهاء أكثر انتفاضات العالم العربي دموية، وصف جوبيه وكلينتون اتفاق أنان الخاص بوقف إطلاق النار بأنه صفقة حياة أو موت، قد تتسبب بفرض عقوبات أشد ضد الأسد إن فشلت.

ثم مضت التايم تتحدث عن حقيقة فشل تلك الصفقة، بعد خرق قوات الأسد بنود اتفاق وقف إطلاق النار على مدار الأيام القليلة الماضية. وفي حديث له مع منظمة quot;أفازquot; المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، قال أحد المواطنين السوريين، ويدعى أحمد: quot;لا يقتصر نشاط قوات الأسد على القتل، بل تقوم كذلك بنهب وتحطيم المنازل وإضرام النار في بعضهاquot;. كما أكد بان كي مون، الأمين العام الحالي للأمم المتحدة، أن القوات الحكومية وقوات الثوار تطلق هجمات منذ وقف إطلاق النار قبل بضعة أيام.

وأعقب مون حديثه بالقول quot;ورغم موافقة الأسد على استقبال 250 مراقباً، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم حقيقي على صعيد العمل الخاص بهم على أرض الواقع. وهذا أمر غير مقبول تماماًquot;.

ولقناعته بأن اتفاق وقف إطلاق النار خطوة محكوم عليها بالفشل، نشر رئيس الجيش السوري الحر، الجنرال مصطفى أحمد الشيخ، مقطع فيديو على شبكة الانترنت أول أمس، يطالب فيه الائتلاف العسكري للدول الصديقة بإطلاق هجمات على المنشآت الحكومية.

وأوردت التايم في الإطار عينه عن جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، والذي يدير مدونة التعليقات بشأن الوضع السوري، قوله: quot;المشكلة هي أن سوريا قد تصبح عراقًا آخر. فنحن بمقدورنا قتل الأسد وتدمير جيشه، وهذا هو الجانب الأسهل، لكن ماذا بعد؟ فستكون لدينا بعدها دولة فاشلةquot;.

هذا وما زال يعتقد كثير من النشطاء أن الأسد يجر القادة الغربيين والعرب إلى مفاوضات مطولة بغية مواصلة حملته القمعية. وفي حديث له مع التايم من باريس، حيث يعيش في المنفى، قال العميد السابق في الجيش السوري عقيل هاشم quot;لا يثق أحد بتلك الصفقة. ولا يؤمن أحد بذلك. ويحظى النظام بتاريخ حافل من الخداع والكذب والتلاعب بكل شيءquot;.

وتابع هاشم، الذي استقال في الشهر الماضي من منصبه في المجلس الوطني السوري لرفض مسؤوليه المطالبة بتدخل عسكري خارجي، بقوله إنه يعتقد أن التدخل العسكري سيكون لازماً في نهاية المطاف. وأضاف: quot;الشيء الوحيد الذي يفعله النظام الآن هو شراء الوقت، معتقداً أنه قد يعثر في تلك الأثناء على طريقة ينجح من خلالها في إنهاء الثورة. غير أن ذلك لن يكون مجدياً ndash; لأن تلك الثورة لا رجعة فيهاquot;.

وفي ظل عزم الأسد إنهاء تلك الثورة، باتت هناك مساحة محدودة للمناورة أمام القادة العرب والغربيين، فضلاً عن عدم وجود قيادة واضحة بينهم. وختمت التايم بلفتها إلى أن العقوبات الاقتصادية المشددة قد تلحق أضراراً بالغةً بالسوريين الفقراء.