متظاهرون ضد الأسد في كفرنبل في 20 أبريل 2012

يرى محللون أن بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا، الأولى من نوعها في الأمم المتحدة، خطوة لا بد منها في المرحلة الحالية في غياب أي حل بديل للأزمة، على الرغم من أنها تتيح للنظام كسب مزيد من الوقت وتثير شكوكًا حول إمكان نجاحها.


بيروت: يقول مدير مركز بروكينغز للابحاث في الدوحة سلمان شيخ لوكالة الأنباء الفرنسية إن quot;المجتمع الدولي مستمر في إعطاء دفع لمهمة المراقبين لأنها القاسم الأدنى المشترك في الوقت الحالي، والأمر الوحيد الذي يوافق عليه الجميعquot;.

ويشير في الوقت نفسه الى quot;تباعد كبير في قراءة دور البعثة واحتمالات نجاحها. في الغرب ولدى بعض الدول العربية، هناك شعور قوي بانها خطوة ضرورية حتى لو انتهت بالفشل. في الجانب الروسي، يسود الاعتقاد بانها الفرصة الافضل لفرض واقع وجود الامم المتحدة على الارض وإرساء نوع من الاستقرارquot;.

واقر مجلس الامن الدولي الاسبوع الماضي ارسال 300 مراقب الى سوريا للتحقق من وقف اطلاق النار وتطبيق خطة الموفد الدولي الخاص كوفي أنان لحل الازمة. وكان اقر الاسبوع الفائت ارسال فريق صغير من ثلاثين مراقبا للتحضير للبعثة، وهو القرار الاول الذي يصدر عنه خلال 14 شهرا من اضطرابات تسببت بمقتل اكثر من احد عشر الف شخص.

وتعرقل الصين وروسيا، حليفتا النظام السوري، صدور اي قرار يدين النظام او يفرض عقوبات عليه بسبب قمعه الحركة الاحتجاجية القائمة منذ منتصف آذار/مارس 2011. ويقول بيتر هارلينغ من مجموعة الازمات الدولية للابحاث (انترناشونال كرايزيس غروب) quot;في غياب اي سياسة بديلة واضحة ومقبولة في الوقت الحاضر، مهمة المراقبين هي الخيار الوحيد المتاحquot;.

ويضيف quot;الاهداف المعلنة لهذه البعثة هي حل الازمة، لكن الاهداف الواقعية اكثر تواضعا وهي تعزيز نوع من التوافق الدولي، والحصول على موطئ قدم على الارض (...) وايجاد فسحة جديدة للعودة الى السياسةquot;. الا ان الخبراء يأخذون على خطة أنان انها تسمح للنظام السوري بكسب الوقت، وهو بالضبط ما يسعى اليه.

ويقول شيخ quot;ما تقوم به هذه البعثة هو شراء الوقت للاسد ليواصل القيام بما يقوم بهquot;، معتبرا ان quot;حصيلة القتلى اليومية باتت تخضع لما يعتبر +مقبولا+ في معايير المجتمع الدولي، بينما على هذا المجتمع ان يشدد معاييره لكي يصبح سقوط قتيل واحد امرا غير مقبولquot;.

ويضيف ان على المجتمع الدولي quot;ان يتحلى بالشجاعة الكافية ليقول بوضوح: هذا ليس وقف اطلاق نار، والوضع لا يتحسنquot;.

ورغم انحسار اعمال العنف بعض الشيء، سقط في سوريا اكثر من 300 قتيل في اقل من اسبوعين منذ بدء تطبيق وقف اطلاق النار. وتنص خطة أنان على سحب الآليات الثقيلة من الشوارع، ووقف العنف من كل الأطراف، والسماح بالتظاهر السلمي ودخول المساعدات الانسانية، واطلاق المعتقلين، وبدء حوار حول عملية سياسية انتقالية.

ولم يتم الالتزام باي بند من هذه البنود بشكل كامل، بحسب مراقبين وناشطين. ويقول شيخ quot;من الآن وحتى تنفيذ هذه الامور، لا اعرف ان كان في استطاعتنا ان نواصل الادعاء او الامل بان مراقبي الامم المتحدة قادرون على تحقيق السلامquot;.

وطالب أنان في مجلس الامن الدولي الثلاثاء بنشر quot;سريعquot; للمراقبين الثلاثمئة، معتبرا ان الوضع في سوريا ما زال quot;غير مقبولquot;. ويشدد الخبراء على quot;الطابع الاستثنائيquot; للمهمة، فهي المرة الاولى التي يرسل فيها مراقبون غير مسلحين للنظر في نزاع داخلي فيما العنف المسلح لم ينته بعد. وهذا ما يجعلها معرضة لاخطار كثيرة.

ويرى المتحدث السابق باسم قوات الطوارئ الدولية في لبنان تيمور غوكسيل ان السلطات السورية quot;لديها خبرة كبيرة مع بعثات الامم المتحدة في الجولانquot; (على الحدود مع اسرائيل)، وquot;سيتعاملون بلطف وتحبب مع المراقبين، لكنهم سيبذلون اقصى جهدهم لمنعهم من التحرك بحرية والذهاب الى حيث يريدونquot;.

ويشير الى quot;ان العنف سيستمر مهما كان مصدره، وستلام الامم المتحدة على ذلك، وهذا امر خطيرquot;. ويضيف غوكسيل، استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت، ان على مسؤولي الامم المتحدة ان يقولوا للعالم quot;نعم، سنرسل هؤلاء الاشخاص، وسنتحمل كل الاخطار، لكن لا تتوقعوا العجائب ولا حل الازمةquot;.

ويجمع الخبراء على ان مهمة المراقبين قد تفتح بابا الى الحل في حال تجاوبت السلطات مع خطة أنان كاملة، ولا مؤشرات على ذلك بعد.

ويتخوف هارلينغ من quot;تصعيد كبير على الارضquot;، في حال فشل مهمة المراقبين كما حصل بعد فشل بعثة مراقبي الجامعة العربية. ويقول شيخ ان الحل quot;في حال استمرت اضاعة الوقت قد يستغرق سنوات، وتأثير ذلك في سوريا والمنطقة سيكون مأسوياquot;.

المراقبون الدوليون يواصلون مهامهم في سوريا ودعوات إلى تسريع اكتمال البعثة
الى ذلك يواصل المراقبون الدوليون مهمتهم في سوريا وسط استمرار خروقات وقف اطلاق النار، في وقت طالب الموفد الدولي الخاص كوفي انان بنشر سريع لثلاثمئة مراقب من اجل تفعيل مهمة البعثة الدولية المكلفة التحقق من وقف اعمال العنف في البلاد تمهيدا لبدء عملية سياسية.

وافاد المسؤول في الفريق الدولي المكلف مراقبة وقف اطلاق النار في سوريا نيراج سينغ الاربعاء ان مراقبين اثنين استقرا في حماه (وسط) التي شهدت الاثنين عملية عسكرية عنيفة للقوات النظامية اسفرت عن مقتل 31 مدنيا. وقال لوكالة فرانس برس quot;لدينا الآن مراقبان في حمص ومراقبان في حماه يقومون بمهامهم في تلك المناطق، ولدينا فريق يقوم ايضًا بجولات ميدانية من دمشقquot;.

واعربت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون عن استيائها ازاء quot;هذا النوع من التصرفات والمضايقات واعمال العنف في حق سوريين لهم كل الحق بلقاء المراقبين والتحدث اليهم. لهذا السبب، ارسلوا بالتحديدquot;. وقال المبعوث الدولي كوفي انان انه يشعر quot;بقلق خاصquot; حيال تقارير تشير الى ان القوات الحكومية دخلت مدينة حماه بعد زيارة للمراقبين وقتلت عددًا quot;كبيرًاquot; من الناس. واضاف quot;اذا تأكد ذلك فهو امر غير مقبول ومدانquot;.

من جهة ثانية، سلمت الاجهزة الامنية جثماني مواطنين اثنين الى ذويهما بعد ايام من اعتقالهما في مدينة حماة (وسط)، كما سلم جثمان مواطن لذويه في قرية دار عزة في ريف حلب (شمال) بعدما قضى تحت التعذيب، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد المرصد عن مقتل شخص من قرية شنان في ادلب quot;قضى تحت التعذيب بعد 25 يوما من اعتقاله في مدينة حمصquot;.

واعتبر موفد الامم المتحدة والجامعة العربية الثلاثاء ان quot;الانتشار السريع لبعثة المراقبة التابعة للامم المتحدة في سوريا امر مصيريquot; حتى وان quot;كان اي حل لا يخلو من المخاطرquot;. واضاف امام اعضاء مجلس الامن quot;نحن في حاجة الى ان تكون لدينا عيون واذان على الارض قادرة على التحرك بحرية وسريعاquot;.

واوضح انان انه تلقى في 21 نيسان/ابريل رسالة من السلطات السورية اعلنت فيها انها سحبت كل قواتها وكل اسلحتها الثقيلة من المدن السورية ولكنه طلب ايضاحات من دمشق حول هذا الانسحاب. ويؤكد ناشطون على الارض ان سحب الاليات لم يتم، فيما يشهد وقف اطلاق النار الذي بدأ تطبيقه في الثاني عشر من نيسان/ابريل خروقات يومية اوقعت حتى الآن اكثر من 300 قتيل.

وبحسب سفيرة الولايات المتحدة لدى الامم المتحدة سوزان رايس، فان رئيس قسم عمليات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة هيرفيه لادسو ابلغ مجلس الامن ان مئة مراقب سيتوجهون الى سوريا، خلال شهر بينهم ثلاثون قبل نهاية نيسان/ابريل. وبحسب خبراء في الامم المتحدة، فان النشر التام للبعثة مع تجهيزاتها خصوصا الآليات المدرعة سوف يتطلب اشهرا عدة.

سياسيا، اعلن وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه الاربعاء ان بلاده تعتبر ان خطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان في quot;خطر كبيرquot; وتريد نشر مراقبين تابعين للامم المتحدة quot;خلال 15 يومًا وليس ثلاثة اشهرquot;. وقال جوبيه بعد استقباله معارضين سوريين قالوا ان خطة انان quot;مبادرة محكوم عليها بالفشلquot;، ان quot;الامور لا تسير بنحو جيد، وخطة انان في خطر كبير لكن لا تزال هناك فرصة لهذه الوساطة شرط نشر سريع لـ 300 مراقب في غضون 15 يومًا وليس ثلاثة اشهرquot;.

واكد جوبيه اثر اتصاله بانان هاتفيا ليطلب منه نشرا سريعا جدا للمراقبين ان quot;نظام دمشق لا يحترم تعهداته. القمع مستمر والمراقبون لا يتمكنون من العمل في الميدان ولا يمكن ان يستمر هذا الوضع الى ما لا نهايةquot;. وكان رئيس المجلس الوطني السوري برهان غليون اعرب الثلاثاء عن امله في ان يفتح وزراء الخارجية العرب الذين يعقدون اجتماعا الخميس في القاهرة الباب لقرار يتخذه مجلس الامن الدولي تحت الفصل السابع الملزم من ميثاق الامم المتحدة لارغام النظام السوري على وقف العنف.

من جهته، طالب الهلال الاحمر السوري الاربعاء quot;الاطراف المعنيةquot; بحماية طواقمه خلال تقديمها المساعدة الى المحتاجين في سوريا، وذلك بعد مقتل احد متطوعيه الثلاثاء في اطلاق نار في مدينة دوما في ريف دمشق. وذكرت وكالة انباء quot;ساناquot; الرسمية السورية الاربعاء ان quot;الجهات المختصة احبطت محاولة تسلل مجموعة ارهابية مسلحة من تركيا الى سورياquot; وقتلت quot;ارهابياquot;. كما افادت ان quot;ارهابيا فجر نفسه بسيارة مفخخة في احدى نقاط قوات حفظ النظام في موقع مصرف بلدة سيجر على طريق ادلب- سلقينquot;، ما ادى الى مقتل عنصر امن.

كما استهدفت quot;مجموعة ارهابية مسلحةquot; اخرى ليلاً محلاً لبيع الزهور في منطقة الحمدانية في حلب، بحسب الوكالة، quot;بنيران بنادقها الرشاشةquot; ما تسبب بمقتل صاحب المحل. وتنسب السلطات السورية كل الاعمال الامنية والعسكرية في البلاد الى مجموعات مسلحة، ولا تقر بوجود حركة احتجاجية.

واعربت رابطة الصحافيين السوريين الاربعاء عن قلقها ازاء تدهور الوضع الصحي للصحافي والناشط الحقوقي مازن درويش والمدون حسين غرير اللذين اعتقلا في السادس عشر من شباط/فبراير الماضي مع عدد من زملائهما في دمشق، مطالبة المنظمات الدولية بالتدخل في هذه القضية.