القاهرة: حين منعت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بريطانيا من ترحيل رجل الدين المتشدد أبو قتادة على خلفية اتهامه بالإرهاب، استشاط أحد الساسة الإنكليز غضباً، وطالب حكومة بلاده بأن تشير بعلامة الاحتقار والكراهية (التي تعود لفترة حروب القرون الوسطى) لتلك المحكمة التي يوجد مقرها في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.

وقد استضافت بريطانيا الأسبوع الماضي قمة بخصوص مستقبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين الجانبين حالة من التوتر بسبب الخلاف القائم بشأن مسألة ترحيل أبو قتادة. حيث قالت المحكمة إن الداعية الأردني، واسمه الحقيقي عمر عثمان، لا يمكن ترحيله إلى بلاده قبل أن تتخذ قرارها بشأن ما إن كانت خطوة كهذه ستشكل تعدياً على حقوقه أم لا.

وفي هذا الصدد، أشار اليوم موقع بلومبيرغ إلى أن قضية أبو قتادة، التي يزعم فيها أن الأدلة التي ستستخدم ضده قد تم تجميعها من خلال التعذيب، قد جددت النقاشات القديمة التي كانت تتحدث عن الدور الذي تلعبه أوروبا في الشؤون البريطانية.

وأضاف الموقع أن رئيس الوزراء، دافيد كاميرون، يرغب في الحد من اختصاص المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، بحيث تركز على القضايا الكبرى وتقلل من تدخلها في شؤون الحكومات الوطنية. فيما عبر بعض الساسة البريطانيين عن رغبتهم في الذهاب لما هو أبعد من ذلك بإطلاقهم دعوات لتجاهل أحكام المحكمة كليةً.

وقال أنطوني ليستر، وهو محام متخصص في قضايا حقوق الإنسان وعضو مجلس اللوردات البريطاني ويؤكد أن المحكمة تعمل بشكل جيد لصالح بريطانيا :quot; إن كنت قلق بشأن الحريات والحقوق الأساسية للـ 800 مليون مواطن أوروبي الذين يعيشون في 47 دولة، فإن المحكمة يهمها ذلك بشكل كبيرquot;.

ومن الجدير ذكره أن قتادة قد فاز في كانون الثاني/ يناير الماضي بحكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لمنع ترحيله من إنكلترا بسبب احتمالية تجميع الأدلة المستخدمة ضده عبر التعذيب.

وهو الحكم الذي كان سبباً في إطلاق سراحه من أحد السجون البريطانية، ليتم اعتقاله من جديد في السابع عشر من الشهر الجاري، وتعلن في غضون ذلك وزيرة الداخلية البريطانية، تيريزا ماي، أنه سيُرَحَّل بعد أن أكدت لها السلطات الأردنية أنه ( أبو قتادة ) سيخضع لمحاكمة عادلة لا تشتمل على أدلة تم تجميعها عبر التعذيب.

وفي خضم تلك الأزمة، بدأ يشعر بعض الساسة الإنكليز بالغضب، نتيجة تشككهم في الدور الذي تلعبه المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنهم يرفضون أي فقدان للنفوذ.

وقال في هذا الإطار تشارلز ووكر، عضو محافظ بالبرلمان البريطاني، إنه يتعين على الحكومة أن تتجاهل الحكم الذي أصدرته المحكمة وأن تقوم بترحيل أبو قتادة، وذلك من منطلق أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ليست مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي.

وتابع ووكر quot; لا يتوجب علينا أن نتأخر في إرسال هذا القذر ورفاقه القتلة على متن طائرة خارج البلاد. وبإقدامنا على ذلك، هل سنرسل علامة احتقار مجازية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟quot;.

فيما أكد ريتشارد بيلامي، مدير المعهد الأوروبي في كلية لندن الجامعية، أن فكرة أن المحكمة تخبر بريطانيا بما لها أن تفعله هي فكرة خاطئة، مشيراً إلى أن المحكمة تتفق في معظم القضايا مع القضاة البريطانيين.