اقتناء الأسلحة مستمر في العراق |
على الرغم من وجود حالة أمنية قريبة من الاستقرار في العراق، إلا أن تجارة الأسلحة مستمرة هناك على مختلف أنواعها، ويرى البعض أن حرص العراقيين على اقتناء الأسلحة يعود الى فترة طويلة في وقت يقول آخرون إنه قطعة ضرورية للدفاع عن النفس.
بغداد: على الرغم من انحسار الأعمال المسلحة، واستتباب الأمن في الكثير من مناطق العراق، الا ان العراقيين يحرصون على اقتناء الأسلحة على اختلاف أنواعها، من الخفيفة الى المتوسطة وحتى الثقيلة في بعض المناطق.
ويبلغ حرص البعض على اقتناء المسدس على وجه الخصوص الى درجة أنه يستبدله بين الفترة والأخرى، بنسخة اكثر تطورا، على الرغم من أنه لم يستعمله ولا مرة واحدة.
وبدا في الكثير من الأحيان كما لو أنّ السلاح أصبح سلعة أساسية في قائمة احتياجات المواطن بحسب أسعد كريم الذي يبيع الأسلحة النارية بصورة سريعة، حيث يرى أن السلاح اصبح هو المعنى للأمن، وأصبح المواطن لا يرى نفسه مطمئنا إلا بامتلاكه قطعة سلاح .
ورغم سعي الدولة الدؤوب لسحب الأسلحة من السوق، وحصر تداولها بالجهات الأمنية فقط، الا أن الكثير من المواطنين يضع امتلاكه للسلاح فوق أي اعتبار وإن كان ذلك مخالفا للقانون .
احصائيات
واذا كانت إحصائيات أصدرتها قيادة القوات الأميركية في العراق قدرت وزن الأسلحة الصغيرة والخفيفة الموجودة في العراق بما يزيد على 650 ألف طن وتشمل في معظمها بنادق، وصواريخ، وذخائر، وغيرها من المواد والمعدات الحربية عام 2005، فهي انخفضت بشكل هائل وأصبحت تشكل في الوقت الحاضر نحو عشرين بالمائة من تلك الكميات بحسب مقدم الشرطة صلاح حسن، الذي يؤكد أن كميات الأسلحة في السوق لم تعد كما في السابق، ولعل هذا سبب رئيس في اشتعال أسعار السلاح، حيث تزامن ذلك ايضا مع تهريب الأسلحة من العراق الى سوريا .
ويرى المتابع للشؤون الأمنية سعد مطر، ان هناك هجرة عكسية واضحة للاسلحة والمسلحين من العراق الى سوريا، بعدما كان العراق يعاني العكس طوال السنوات الماضية .
ويروي تاجر السلاح المحلي حسن ابو علي، ان بامكانه تزويد المشتري بقطعة السلاح الخفيفة التي يريدها باقل من 24 ساعة ويشمل ذلك حتى قذائف الـ آر بي جي .
اقتناء السلاح بصورة سرية
ويشدد القانون العراقي على شروط محددة لاقتناء الأسلحة، ويتطلب ذلك الحصول على موافقة رسمية، الا أن الكثيرين لا يكترثون للأمر ويفضلون اقتناء السلاح بصورة سرية بعيدا عن اعين الرقابة والقانون .
ومنذ العام 2005 شجعت الدولة على تسليم الأسلحة الخفيفة والصواريخ ومختلف انواع الأسلحة ، لكن البعض يفضلون عدم تسليم البنادق الأوتوماتيكية والمسدسات.
ويتابع: هناك الآلاف من قطع الأسلحة الصغيرة، غير خاضعة لأية سيطرة وستبقى هكذا طالما يشعر المواطن انها تفيده في الدفاع عن نفسه.
وكان النظام العراقي السابق شجع على تسليم الأسلحة بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية (1980 - 1988) وحدد سعرا لكل قطعة سلاح، حيث جمعت الآلاف منها في ذلك الوقت .
وتنص المادة 3 من قانون الأسلحة رقم 13 الصادر عام 1992 انه لا يجوز استيراد او تصدير الأسلحة الحربية وأجزائها وعتادها او حيازتها او إحرازها او حملها او صنعها او إصلاحها او نقلها او تسليمها او تسلمها او الاتجار فيها .
أما السلاح الناري، وهو المسدس والبندقية الاعتيادية وبندقية الصيد، فيتوجب الحصول على تصريح باقتنائهم .
وتستثنى الأسلحة الأثرية والتذكارية والرمزية من أحكام هذا القانون .
وبحسب ضابط الشرطة حميد سعد، لا يمكن إحصاء الأسلحة التي يمتلكها العراقيون لكنه يخمن بوجود قطعة او قطعتي سلاح في كل بيت عراقي تقريبا.
ويتابع: حتى الشخص الذي لا يمتلك سلاحا فإن الرغبة تعتريه في امتلاكه في المستقبل، ولا يشذ عن ذلك النخب السياسية والأكاديمية .
الدفاع عن النفس
ويضع احمد عبيد في سيارته مسدسا، يصفه بـ quot;الضروريquot; في الحالات التي يتطلب فيها الامر الدفاع عن النفس .
بينما يؤكد المزارع سعيد الخفاجي انه يضع بندقية رشاش تحت مقعد السيارة تحسبا لأي محاولة للنيل منه ولاسيما أنه يسكن في قرية بعيدة عن مركز محافظة النجف (160 كم جنوبي بغداد).
لكن الباحث الاجتماعي كريم حسين لا يرى ان هذه السلوكيات وليدة الحالة غير المستقرة بعد العام 2003، بل هي ظاهرة موجودة منذ القدم في المجتمع العراقي حتى في اشد حالات قوة الدولة والقانون.
ويتابع: أغلب المجتمعات العربية والشرقية تحرص على اقتناء السلاح، لكن الحالة في العراق ازدادت بشكل واضح بعد عام 2003، وتطورت من اقتناء الأسلحة الخفيفة، لاسيما المسدس الى البنادق الرشاشة والعبوات الناسفة والصواريخ في بعض المناطق .
ويتابع: كثيرون من ابناء القرى والأرياف حين يعثرون على اكداس الأسلحة، لا يسلمونها الى الجهات المعنية بل يسعون الى تخزينها في المزارع بل وحتى في البيوت في بعض الاحيان .
ويشير حسن الى ان ذلك جرّ الويلات للكثيرين بسبب انفجار الأسلحة والعتاد على الاشخاص والحيوانات على حد سواء .
ويبرر ابو ادهم الجبوري امتلاكه خمس بنادق رشاشة على الرغم من ان منطقته في شمال بابل (100 كم جنوب بغداد) مستتبة امنيا الى درجة كبيرة، بأن الجميع يريد حماية نفسه وبيته، وان هذه البنادق لا تستخدم للاعتداء او الارهاب بل للدفاع عن النفس فقط .
ويؤكد ابو ادهم ان الغالبية تبحث عن السلاح عبر تجار ووسطاء معروفين.
ويؤكد ابو حيدر انه وسيط بين المواطنين وتجار أسلحة في بغداد ومناطق اخرى، حيث لا يمكن التعامل معهم الا عبر معرفة شخصية مسبقة مبنية على الثقة لأن هذه الاعمال مخالفة للقانون ويجب أن تكون بعيدة عن أعين السلطات.
ويتابع: حركة بيع السلاح جيدة وهناك زبائن بشكل دائم .
الأوضاع في سوريا
ويؤكد ابو حيدر أن سوق السلاح تزداد ازدهاراً في ظل الاضطرابات الأمنية، مشيرا الى أن الاوضاع في سوريا ترفع من اسعار القطع الى الضعف .
ولا يستطيع ابو حيدر التأكيد ان هناك تجارا يبيعون الأسلحة الى سوريا، لكنه يرى أن الأمر ممكن جدا، حيث يمكن تمرير السلاح بسهولة عبر القرى المحاذية للحدود العراقية السورية.
وبحسب ابو حيدر، فان هناك تجارا تتجاوز تجارتهم السوق المحلية الى اسواق الدول المجاورة.
لكن احمد كامل ضابط الشرطة المتقاعد، يؤكد ان تجارة السلاح موجودة في العراق منذ السبعينات لكنها كانت على نطاق محدود، ويقوم بها تجار معروفون في غالب الاحيان للجهات الامنية .
ويتابع: كان المسدس هو البضاعة الأكثر رواجا بين العراقيين، لكن التجارة تشمل اليوم انواع الأسلحة ومصادرها وأصبحت تدار عبر شبكات تهريب منظمة تقف خلفها أجندة سياسية وحزبية ومصالح اقليمية.
وتتضمن التشريعات العراقية حق الاشخاص في حيازة الأسلحة الصغيرة من المسدسات والبنادق بشرط استحصال الموافقة الرسمية .
الاكاديمي والباحث في الاجتماع في جامعة الكوفة كاظم الجنابي، يرى أن عدد الأسلحة الثقيلة ومدى سهولة حصول المواطنين عليها، اضافة الى عدد حوادث القتل بين السكان تعطي مؤشرا واضحا عن الاستعداد والقابلية لافتعال العنف بين السكان، وبالتالي تؤشر إلى مدى التهديد الذي يتعرض له السلم الاهلي .
التعليقات