واشنطن: يتوقع الخبراء ان تسعى الولايات المتحدة التي باتت تولي منطقة آسيا والمحيط الهادئ اولوية استراتيجية، الى لعب دور قيادي اقل اهمية داخل الحلف الاطلسي، لكنها ستظل تستند الى حلفائها الاوروبيين quot;في اللحظات الحاسمةquot;.

وتاخذ الاستراتيجية التي كشف عنها الرئيس الاميركي باراك اوباما في مطلع كانون الثاني/يناير في الاعتبار تزايد قوة الصين في المنطقة. ومع ان هذه الاستراتيحية تبقي الحلف في قلب نظام التحالفات الاميركي، الا ان واشنطن توجه رسالة ببدء عهد جديد سيتعين فيه على الدول الاوروبية ان تكون مستعدة لمواجهة مشاكل الامن في جوارها دون ان تنتظر دورا قياديا من الولايات المتحدة كما في الماضي.

واختصر باري بافيل المسؤول الكبير السابق في البنتاغون والبيت الابيض والذي بات خبيرا في مركز quot;اتلانتك كاونسلquot; بالقول quot;لا تعتمدوا علينا في كل شيءquot;. اما في ما يتعلق بالتحديات التي لا تشكل تهديدا لكل دول الحلف، فاشار بافيل الى ان quot;الولايات المتحدة لن تكون حاضرة هناك طوال الوقتquot;.

واضاف ان العملية العسكرية في ليبيا العام الماضي والتي كانت بقيادة الدول الاوروبية مع دور اميركي مساعد ومشاركة من بعض دول الخليج غير الاعضاء في الحلف، تشكل مثالا على نموذج ممكن لتطور الحلف.

ومع ان دور الولايات المتحدة كان مهما، الا ان واشنطن اختارت الا تكون في الطليعة مكتفية بدور quot;مساعدquot; لعمليات الحلف. وكشفت العمليات في ليبيا خصوصا الهوة المتزايدة على صعيد القدرات العسكرية بين الجانبين في الحلف. فقد ساهمت واشنطن بغالبية طائرات التزويد بالوقود والاستطلاع والمراقبة.

وكان وزير الدفاع الاميركي انذاك روبرت غيتس حذر في كلمة في حزيران/يونيو 2011 من ان الحلف سيواجه quot;مستقبلا قاتماquot; في حال لم تستخلص الدول الاوروبية العبر من العملية في سوريا ولم تقم بالاستثمار في انظمتها الدفاعية.

وبعد عشرين عاما على انهيار الاتحاد السوفياتي، لا تزال الولايات المتحدة تنشر 80 الف عنصر في اوروبا، وذلك على الرغم من اعلان سحب الالاف منهم. ويقاتل هؤلاء العناصر في افغانستان الى جانب عشرات الاف القوات الحليفة وغالبتيها من الحلف الاطلسي.

وعلى الرغم من تغيير الاستراتيجية نحو آسيا كما اعلن المسؤولون الاوروبيون، الا ان الحلف يمكن ان يجد نفسه ملتزما بملفات جديدة ذات اهمية حيوية على جانبي المحيط الاطلسي من بينها الملف النووي الايراني، كما يرى المراقبون.

ويمكن لردارات الحلف في تركيا وعلى متن سفن تجوب البحر المتوسط ان ترصد اي اطلاق صاروخ من قبل ايران. وذكر بافيل بان quot;اطلاق صاروخ بالستي ايراني واحد على خلفية ازمة في الخليج، يكفي لبدء المشاورات بشكل شبه تلقائي حول اللجوء الى البند الخامسquot;، الذي يعتبر تعرض احدى الدول ال28 الاعضاء في الحلف لهجوم يشكل هجوما على الحلف نفسه.

وذكر نيكولاس بورنز السفير الاميركي لدى الحلف الاطلسي بين 2001 و2005 ان سياسة ادارة جورج بوش الاحادية داخل الحلف اظهرت مدى محدوديتها ومدى اهمية الوحدة مع الدول الاوروبية. واضاف بورنز quot;بعد (اعتداءات) 11 ايلول/سبتمبر، كانوا يقولون اذا لم تكونوا معنا فانتم ضدنا وسنمضي قدما وحدنا لو اضطررنا الى ذلك. لقد راينا نتيجة تلك السياسة فهي لم تنجح كثيرا بالنسبة الى بلادناquot;.

وقال بورنز انه سواء تعلق الامر بالحفاظ على السلام او تنفيذ عمليات انسانية او عسكرية، فان الحلف يظل quot;السبيل الافضل في حال حصول ازمةquot;، مذكرا بان اوروبا لا تزال الحليف الاقتصادي الرئيسي للولايات المتحدة وquot;اكبر مجموعة حلفاء للولايات المتحدة في العالمquot;. وختم بورنز بالقول quot;في اللحظات الحاسمة، الاوروبيون يقفون الى جانبنا، لقد لاحظت ذلك مرار طيلة مسيرتي المهنيةquot;.