الخرطوم: انسحب الجيش السوداني الثلاثاء من منطقة ابيي المتنازع عليها بين جوبا والخرطوم، كما طلبت الامم المتحدة بحسب وسيلة اعلام قريبة من السلطات. واعلن مركز الإعلام السوداني القريب من أجهزة الاستخبارات ان quot;القوات المسلحة السودانية انتشرت خارج منطقة ابيي هذا مساء، وسلمت المجمع العسكري إلى قوات حفظ السلام الدوليةquot;.

وكان المتحدث باسم الجيش العقيد الصوارمي خالد سعد قال مساء الاثنين quot;ان السودان قرر إعادة نشر قواته خارج قطاع ابيي بغية توفير بيئة جيدة للمحادثاتquot;. والتقى المفاوضان ادريس محمد عبد القادر ممثل الخرطوم، وباقان اموم ممثل جوبا في العاصمة الاثيوبية بعد الظهر بحضور وسيط الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي والمبعوث الاميركي الى السودان وجنوب السودان برنستون ليمن كما افادت صحافية لوكالة فرانس برس.

وبعد مواجهات عنيفة في نيسان/أبريل الماضي اثارت المخاوف من نشوب حرب شاملة بين السودان وجنوب السودان، دعا مجلس الامن الدولي الدولتين الجارتين الى وقف الاعمال العسكرية على طول حدودهما واستئناف المحادثات حول المسائل العالقة منذ انفصال الجنوب في تموز/يوليو 2011.

وطلب مجلس الامن ايضا من السودان quot;ان يسحب على الفور وبدون شروطquot; جنوده وعناصر شرطته من منطقة ابيي الحدودية، في قرار مدد لستة اشهر مهمة قوة الامم المتحدة في هذه المنطقة.

استئناف المفاوضات بين السودان وجنوب السودان

واستأنف السودان وجنوب السودان الثلاثاء في اديس ابابا مفاوضات السلام المعلقة منذ نيسان/ابريل بعد معارك عنيفة على حدودهما المشتركة بحسب مراسلة فرانس برس.

والتقى كبير المفاوضين للسودان ادريس محمد عبد القادر ولجنوب السودان باقان اموم في العاصمة الاثيوبية بعد الظهر بحضور وسيط الاتحاد الافريقي ثابو مبيكي. وافادت مراسلة فرانس برس ان الموفد الاميركي للسودان وجنوب السودان برينستون ليمان كان حاضرًا ايضًا.

وترمي المفاوضات بين الخرطوم وجوبا الى تسوية خلافات لا تزال عالقة بعد اكثر من 10 اشهر على استقلال جنوب السودان. وتأتي المفاوضات رغم اتهامات جديدة الثلاثاء بحصول قصف سوداني على ثلاث ولايات جنوبية، هي شرق بحر الغزال وغرب بحر الغزال والوحدة.

وقبل استئناف المفاوضات قال اموم quot;اليوم فيما نتفاوض يقومون بقصفناquot;. واضاف لكننا quot;سنشارك (في المفاوضات) مهما حصلquot;. وكان جيش جنوب السودان احتل منطقة هجليج النفطية لفترة وجيزة، واعقب ذلك قصف سوداني لأراضي الجنوب، ما ادى الى معارك عنيفة في الاسابيع الماضية.

وكانت الخرطوم رفضت مطلع نيسان/ابريل المشاركة في المفاوضات، ولم يكن البلدان اقرب من نزاع جديد مفتوح، منذ استقلال الجنوب في تموز/يوليو 2011.

وبضغط من الاسرة الدولية - مجلس الامن الدولي والاتحاد الافريقي - وافق الجانبان في الاسبوع الماضي على استئناف المفاوضات.

أبرز نقاط الخلاف بين السودان وجنوب السودان
ورث جنوب السودان ثلاثة ارباع الموارد النفطية التي كان يملكها السودان الموحد قبل التقسيم. لكن جوبا تبقى مرتهنة كليا بالبنى التحتية في الشمال لنقل نفطها الخام حتى البحر الاحمر، ولم يتوصل الطرفان الى تفاهم حول رسوم العبور.

وفي غياب اي اتفاق قرر الشمال اقتطاع جزء من النفط المصدر. وردا على ذلك اوقف الجنوب انتاجه في كانون الثاني/يناير الماضي وهدد ببناء خط انابيب جديدا يمر عبر اثيوبيا او كينيا.

- ترسيم الحدود -
يبقى على الاقل خمس الحدود بين الشمال والجنوب الممتدة على طول 1800 كلم موضع خلاف. والمناطق التي تثير الخلاف تعتبر غنية بغالبيتها بالنفط والمعادن او اراض صالحة للمرعى.

وينص اتفاق السلام الموقع في 2005 بين جوبا والخرطوم والذي مهد الطريق لتقسيم السودان، على ان يكون ترسيم الحدود الجديد على اساس حدود الاول من كانون الثاني/يناير 1956، عندما نال السودان استقلاله من البريطانيين. لكن معظم خرائط الفترة الاستعمارية تتضمن ترسيما متناقضا للحدود، ولم يجر اي عمل ترسيم على الارض فعلي منذ ذلك الحين.

- المناطق المتنازع عليها -
بمعزل عن الخلاف بشأن ترسيم الحدود، يتنازع الجاران على مناطق بكاملها، منها منطقة ابيي التي تضاهي مساحتها مساحة لبنان، وحقل هجليج النفطي الذي كان سبب المعارك الاخيرة التي ادت الى تعليق المحادثات بين الشمال والجنوب في نيسان/ابريل الماضي واثارت المخاوف من نشوب نزاع شامل بين البلدين الجارين.

وكان يفترض اجراء استفتاء في كانون الثاني/يناير 2011 في منطقة ابيي لتحديد انضمامها الى الشمال او الجنوب. لكن خلافا حول الاشخاص المؤهلين للتصويت حال دون ذلك. ثم بدأت القوات السودانية في نيسان/ابريل 2011 احتلال المنطقة، مما ارغم حوالى 110 الف شخص للهرب. وتؤكد الخرطوم استعدادها للانسحاب من المنطقة ان تم الاعتراف بابيي كجزء لا يتجزأ من اراضيها.

- الامن والمجموعات المتمردة -
تتبادل جوبا والخرطوم الاتهامات بدعم المجموعات المتمردة على اراضي كل منهما. وينفي كل طرف اي دعم للمتمردين. وتعتبر هذه المسألة اساسية لتحقيق تقدم في المفاوضات. وتنشط ميليشيات عدة في المناطق النفطية في الجنوب. وفي السودان ينشط المتمردون في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق.

- المواطنة -
لا يزال يتواجد 350 الف جنوب سوداني على الاقل في السودان، والاف السودانيين في جنوب السودان. وعدد كبير منهم ولدوا او امضوا عقودا على الاراضي التي يتواجدون عليها، عندما خاضت جوبا والخرطوم حربا اهلية دامية.

ومنذ انتهاء الموعد الاقصى في الثامن من نيسان/ابريل لتسوية اوضاعهم القانونية او الرحيل، يسعى العديد من السودانيين الجنوبيين الى العودة الى الجنوب، لكنهم يجدون انفسهم مرغمين على البقاء بسبب القيود التي تفرضها الخرطوم، اذ يحظر الشمال السفر عبر النيل خشية استفادة المتمردين من هذه الوسيلة للحصول على السلاح، فيما الطرق البرية تعتبر خطرة جدا.