عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة عامر العريض خلال حوار خصّ به quot;إيلافquot; أن الاختلافات داخل الائتلاف الحاكم في تونس عادية وستعالج في الإطار القانوني والإطار السياسي الذي يحيط بها، وان الترويكا (الائتلاف الحاكم في تونس) سيستمر في قيادة البلاد مضيفا أنه يرفض فكرة تكوين حكومة إنقاذ وطني.


تونس: قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة في تونس عامر العريض، إن الحركة لا تزال بحاجة إلى رئيسها راشد الغنوشي خاصة خلال هذه المرحلة مشيرا إلى انه من المستبعد جدا الفصل بين العمل الدعوي والعمل السياسي خلال المؤتمر التاسع للحركة.

ما هي الأولويات التي سيتناولها المؤتمر التاسع لحركة النهضة؟

هناك مجموعة من اللوائح التي سيتناولها المؤتمر كالأولويات السياسية، والقوانين المنظمة للحركة وأيضا اللائحة التنظيمية، ولكن بما أن هذه المرحلة سياسية بامتياز ونحن في مرحلة بناء الدولة، وحركة النهضة هي الآن أكبر حزب في البلاد عبر انتخابات نزيهة، وبالتالي هي معنية بدرجة أولى بإعطاء مواقفها بخصوص الشراكة السياسية والتوجهات في الدستور والسياسة العامة في البلاد، وكل ما ينتظره الفاعلون السياسيون والتونسيون جميعا من مواقف الحركة في ما يتعلق بكل هذه القضايا، وبطبيعة الحال ستكون للمؤتمر وظيفة انتخابية حيث سيتم انتخاب رئيس للحركة ومجلس لها بين المؤتمرين.

يرى البعض أن الفصل بين العمل الدعوي والعمل السياسي بات إحدى ضروريات المرحلة، ما رأيكم؟

إذا كان المقصود بالفصل بين السياسي والدعوي بما هو فصل بين الدين والدولة فبالتأكيد هذا لن يكون موقف الحركة، أما إذا كان المقصود هو الفصل المنهجي والفصل في التكليفات ما يجعل للحركة مؤسسات تعنى بالعمل السياسي ومكتب ثقافي يساهم في تنمية الحالة الثقافية في البلاد، فهذا ممكن.

ويقول البعض إن كل الأحزاب تتحدث عن أمورها على الملأ، ما عدا حركة النهضة وأنا أقول ذلك لأن النهضة بتنوعها واختلافاتها، لا تزال تمتلك الأريحية داخل مؤسساتها، ما يتيح لها أن تدير هذه الخلافات وان تحسم فيها باعتماد الشورى والتصويت، وهذا الأمر من أهم تحديات المرحلة المقبلة من خلال اللائحة التنظيمية والقانونية.
بصفة عامة، انا لست مع الذين يقسمون الحركة الى ما هو دعوي وما هو سياسي، والى حركة وحزب. ولا أرجح أن يتجه المؤتمر الى تقسيم الحركة الى حزبين أو حركتين واحد يعنى بالسياسة وآخر بما هو دعوي أو ثقافي، كما أرى وجوب محافظة الحركة على طبيعتها السياسية المدنية وان يكون لها دور في المجتمع وفي السياسة.

بقاء الشيخ راشد الغنوشي على رأس حركة النهضة لم يحسم بعد، الى أين يتجه هذا الموضوع؟

موضوع رئاسة الحركة وبقاء الشيخ راشد الغنوشي على رأسها، بعد المؤتمر، وهو موضوع لا يبت فيه إلا المؤتمر العام للحركة باعتباره السلطة الوحيدة التي يحق لها اتخاذ القرار، وبالنسبة إلى الشيخ راشد هو تحفظ عن الترشح للقيادة واعتذر عن المواصلة بحجة فسح المجال لجيل آخر، ولكن الرأي الغالب هو أن الحركة ما زالت بحاجة كبيرة لوجود الشيخ راشد على رأسها ويتوقع أن ينتخبه المؤتمر رئيسا.

يرى مراقبون أن الترويكا قد تصدّعت بسبب توجه واضح لحركة النهضة للسيطرة عليها خاصة بعد الأزمة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ما تعليقكم؟

الحكم الائتلافي في أي بلد كان هو أصعب أنواع الحكم وأفضلها في تقديري، ويعتبر أصعب من ناحية أن القرار داخل الحكم الائتلافي يحتاج الى دوائر كثيرة، ولذلك يكون أحيانا بطيئا وتحصل توترات وتنازع حول الصلاحيات، ولكنه الأفضل لأنه يعطي فرصة إضافية لدراسة المواقف ومشاركة المختلفين، وهو ما ينطبق على الوضع الحالي للترويكا حيث إن هناك بعض الاختلافات حول الصلاحيات وحول القوانين المنظمة للمرحلة وهذا ليس أمرا مفاجئا أو خطيرا لأن هذه الاختلافات ستعالج في الإطار القانوني والإطار السياسي الذي يحيط بها وبالتالي الائتلاف لم يتصدع وسيستمر في قيادة البلاد.

رغم أن المجلس يعتبر السلطة العليا في البلاد، يتهم عدد من النواب والفاعلين السياسيين رئاسة الحكومة بتجاوزه في العديد من المسائل، ما تعليقكم؟

من حق النواب الذين لاحظوا أي تجاوز للسلطات التنفيذية لصلاحيات المجلس الوطني التأسيسي أن يتقدموا باعتراض يدرج ضمن جدول الأعمال وتتم المساءلة حوله، ولكن حتى الآن هذا لم يحصل.

لكن تم توقيع لائحة لوم من طرف 74 نائبا لسحب الثقة من الحكومة احتجاجا على هذه التجاوزات؟

هذا ما يورده القانون الداخلي للمجلس وأنا كنت رئيس لجنة النظام الداخلي التي أعدت هذا القانون، وهذا طبيعي في كل الديمقراطيات ويجب أن تحصل هذه اللائحة على توقيع ثلث أعضاء المجلس حتى تعتمد في جدول الأعمال ويتم تداولها في جلسة عامة علنية بحضور الحكومة.
ما أستطيع تأكيده هو أن لائحة اللوم التي تقدم بها النواب، يمكن أن تدرج في جدول أعمال المجلس ولكن من المستبعد جدا حصولها على الأغلبية بحكم أن الكتل الكبرى داعمة للحكومة وبالتالي ستكون فرصة للحوار مع الحكومة دون أن يصل الأمر إلى سحب الثقة منها.

ما رأيكم في دعوة بعض الأطراف في المعارضة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتكون من كفاءات وبعيدة عن كل التجاذبات السياسية خاصة بعد ما وصفته بالأزمة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية؟

الحكومة الحالية تضم العديد من الكفاءات السياسية والتكنوقراط، ومشكلتنا تتمثل في ضرورة وجود نوع من التوافق على الأساسيات ونحن نجد أحيانا معارضة لكل شيء، للإيجابي والسلبي، نحن نريد معارضة للتقصير وتفاعلا بشكل آخر مع الإنجازات، يدنا ممدودة للحوار مع الجميع أما الحديث عن حكومة إنقاذ وطني فلا أظن انه من الأولويات خلال هذه المرحلة.

وصف تثبيت رئيس الحكومة لمحافظ البنك المركزي في منصبه، رغم انتهاء مهامه، بالتوافق بين رئيس الجمهورية وقيادات حركة النهضة، بأنه رسالة مفادها ان مركز القرار الوحيد هو القصبة؟

أقول بخصوص هذا الموضوع الذي أثار جدلا إن الإصلاح والتغيير سياسة رئيسة في الائتلاف الحاكم وما قرره رئيس الجمهورية هو إحالة ملف تغيير محافظ البنك المركزي على المجلس التأسيسي وما تفضل بذكره وزير الاقتصاد، هو أن الموضوع لا يزال محل نقاش لا يحيل على تناقض في المواقف فالمجلس الوطني التأسيسي هو من سيقرر في نهاية المطاف، وإحالة هذا الملف تزامن مع بعض القرارات الأخرى ما احدث نوعا من الإرباك وربما دفع بعض الأوساط المالية الدولية الى التخوف من تغيير السياسة النقدية ولكن هذا التغيير في حال حصوله سيكون تغييرا إداريا.

لكن وفق ما هو متداول، الخلاف بين الحكومة ومحافظ البنك المركزي سببه عدم التوافق بخصوص السياسة النقدية للبلاد؟

هذا غير صحيح، الخلاف مع محافظ البنك المركزي ليس بخصوص السياسة المالية الخارجية للبلاد وعلاقتها بالاستثمار، إنما مرده موضوع إلى مقاومة الفساد ومعالجة ملفات استرجاع الأموال المهربة، ويبدو ان البنك المركزي لم يقم بما هو مطلوب منه على هذا المستوى.

على ذكر الفساد، ما تعليقكم على تأكيد وزير الإصلاح الإداري أن سبب استقالته يعود لعدم تمكينه من الصلاحيات الكفيلة بمقاومة الفساد الإداري؟

الأستاذ محمد عبو، أحد المناضلين الذين أحترمهم، وهو شريك أساسي في هذه المرحلة قبل استقالته وبعدها، ولكن لا أتفق معه بخصوص تأكيده انه لم يجد المساحة الكافية أو الصلاحيات اللازمة لمكافحة الفساد، ومن حقه أن يعلن عن ذلك وربما الأخ محمد عبو يريد أن يتفرغ لحزبه ويستعد للمرحلة المقبلة وان يشارك من خلال موقعه كأمين عام وليس كوزير.

تسليم المحمودي البغدادي وصف من طرف وسائل إعلام محلية وأجنبية بالصفقة، ما تعليقكم؟

الحكومة الحالية المنتخبة طورت علاقاتها مع كل دول الجوار وليس مع ليبيا فحسب، وبالتالي ليس هناك بغدادي للجزائر وبغدادي لموريتانيا حتى نطور علاقاتنا مع تلك الدول، وثانيا موضوع البغدادي المحمودي موضوع إنساني بمعنى أن هناك ضحايا كثرًا يريدون محاسبة النظام السابق، كما نطالب نحن بجلب بن علي وعائلته ومحاكمتهم، ومن ناحية ثانية، الموضوع قانوني حيث إن هناك اتفاقيات بين البلدين، وهناك حكم قضائي والحكومة نفذته وبالتالي لا علاقة لتسليم البغدادي المحمودي بكل ما يروج له من قبيل صفقة وتبادل مصالح.

بالحديث عن العلاقات مع دول المغرب العربي، وجه عدد من الأطراف انتقادات بالجملة اثر إعلان نية الحكومة فتح الحدود من قبيل المخاطر الأمنية؟

ما حصل هو إعلان احد المسؤولين التونسيين رغبة تونس في إحياء الاتفاقيات السابقة بين بلدان المغرب العربي، والعمل على أن يصبح فضاء مفتوحا لسكانه، وهذا ما يستدعيه الوضع الدولي، والإجراءات الترتيبية التنظيمية لم تتخذ بعد وليس هناك قرار تنفيذي عملي لفتح الحدود كما أكدت بعض الصحف، وعندما يتخذ القرار التنفيذي بين الحكومات المغاربية وفي مقدمتها الحكومة التونسية، ستتخذ التراتيب الضرورية، ما يجعل البلاد تستفيد من هذا الإنفتاح ولا تلحقها أي أضرار أمنية أو غيرها من المخاطر.