بعد أشهر من التوتر السياسي بينهما التقى كل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي أول لقاء رسمي بينهما لوضع حد للأزمة السياسية في البلاد.


المالكي والنجيفي

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: حسم لقاء القمة الشيعي السني العراقي يوم أمس في بغداد التوقعات بإعادة خارطة التحالفات السياسية العراقية بعد فشل مشروع سحب الثقة من الحكومة العراقية الذي تنادت إليه أطراف سياسية عراقية.
وجاء اللقاء الرسمي بين كل من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي تأكيداً لتزعمها أكبر مكونين طائفيين في العراق، بعد تراجع بقية القادة من الطرفين أو اصطفافهما خلفهما بسبب ما حصداه من شعبية خلال الأشهر الماضية بين أوساطهما الانتخابية الشعبية.

وأشار الموقع الرسمي لرئيس الوزراء نوري المالكي على الانترت الى أن quot;رئيس الوزراء أكد خلال اللقاء ضرورة إحراز تقدم على طريق الإصلاحات ومعالجة القضايا على أساس الدستور، وبالأخص في ما يتعلق بقوانين النفط والغاز والعفو العام والمساءلة والعدالة، والمضي بالمهام اللازمة في طريق بناء الدولةquot;.
وشدد quot;على ضرورة إنهاء جميع الخلافات حول العقود النفطية والإستثمارات في مجال النفط ، مشيرا الى سعي العراق لتطوير قدراته العسكرية الدفاعية ومن ضمنها طائرات F16 التي من المفترض أن نتسلم الوجبة الأولى منها في آذار المقبلquot; .

وأضاف الموقع أن رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي أكد quot;أهمية ترصين الوضع الداخلي، وحل جميع المشاكل العالقة، وإجراء الإصلاحات وفق الدستور وبما يخدم جميع الأطراف،ويحقق مصلحة الشعب العراقيquot;.
من جهته، وصف مقرر مجلس النواب العراقي محمد الخالدي، لقاء رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي quot;بالجيد والوديquot;، مؤكداً أنه بحث قضايا عدة، أهمها العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية والمساءلة والعدالة والعفو العام .

وأزاح هذا اللقاء جانباً كلا من قادة الائتلاف الوطني العراقي والقائمة العراقية ليشكل قمة بين قطبين أثبتا قوتهما الداخلية.
ورشح من اللقاء توجه لحسم كل الملفات العالقة خاصة الوزارات الأمنية وورقة الاصلاح والتكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. والإسراع بدفع الحكومة للتشريعات المعطلة للبرلمان لغرض التصويت عليها.
وأثار غياب المكون الكردي عن اجتماع القمة العراقية تفسيرات ومخاوف كردية أن تكون من بين غايات اللقاء إبرام تحالف بينهما ضد الكرد.

لكن النائب عن التحالف الكردستاني شريف سليمان استبعد ذلك قائلا في تصريح صحافي quot;نحن في التحالف الكردستاني لا نتخوف من تقارب أي كتل مع بعضها، ونرى أن مصيرنا واحد، ولا نزال مشتركين في عملية سياسية واحدة، ولسنا غرباء على بعضنا، ومن السهولة التقارب بين الكتلquot;. واستدرك quot;فقط اذا كان هذا التقارب خارج النطاق الدستوري، فهذا سيشكل خللا في العملية السياسيةquot;.
ويرتبط التحالف الكردستاني مع الائتلاف الشيعي بتحالف استراتيجي كان في مهب رياح قوية خلال الاشهر الماضية حين تزعم رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني دعوات سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي.

ويرى متابعون أن التقارب العربي السني الشيعي يشكل إنذارا للكرد من قبل الشيعة بعدم الذهاب بعيداً في الالتفاف على تحالفهما.
وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود برزاني ورئيس مجلس النواب والقيادي في القائمة العراقية أسامة النجيفي وزعيم القائمة العراقية أياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وقعوا على ورقة تطالب بسحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، فيما لو لم ينفذ مطالب عديدة لهم. لكن تلك المطالب وبعد لقاءات مكوكية بين أربيل النجف تراجعت بعد سحب نواب في القائمة العراقية تواقيعهم وتراجع زعيم التيار الصدري لينجو المالكي من سحب الثقة ويستعيد قوته من جديد.

ويصار لعقد اجتماع وطني بعد عودة رئيس الجمهورية جلال طالباني من رحلته العلاجية لألمانيا يضم جميع الكتل السياسية.
وسارعت أربيل بالمطالبة برفع حصة الإقليم من الميزانية العامة للدولة بأكثرمن 17%.
وقال مسؤول دائرة العلاقات الخارجية فيحكومة الإقليم فلاح مصطفى في بيان إن quot;الإقليم يجب أن يحصل على أكثر من 17% من الموازنة العامة، لأننا عندما قبلنا بهذه النسبة فإننا أبدينا المرونة في القبول بها حتى إجراء تعداد للسكان في العراقquot;.

وأشار مصطفى إلى أن quot;رئيس النظام السابق صدام حسين ورغم دكتاتوريته إلا أنه وفي إطار برنامج النفط مقابل الغذاء كان يمنح إقليم كردستان العراق الغذاء بنسبة 13-15%quot;، مؤكدا أن quot;وقتها كانت نسبة السكان في العراق أقل من الوقت الحالي، في حين تشير تصريحات المسؤولين العراقيين إلى أن النسبة السكانية للمحافظات ازدادت بشكل كبير ونسبة السكان في الإقليم تراجعتquot;.
وأعرب مصطفى عن اعتقاده أن quot;أفضل حل لإخراج العراق من أزمته الحالية هو العودة إلى الدستور العراقي وتهيئة الأرضية ووضع خارطة الطريق لمعالجة المشاكلquot;، لافتا إلى أن quot;العراق يعاني مشاكل الخدمات والأمن، إضافة الى عدم وجود سياسة متعلقة بمستقبله والمشاكل الموجودة بين بغداد واربيلquot;.
ويشكل الخلاف النفطي وتوقيع العقود في الإقليم دون الرجوع للمركز عقبة كبيرة بين بغداد وأربيل وتنتظر جميع الكتل والشركات النفطية الكبرى إقرار البرلمان العراقي لقانون النفط والغاز ليضع حداً للتوتر المستمر بين الإقليم والمركز.

يذكر أن العراق يشهد خلافات منذ تشكيل الحكومة العراقية عام 2010، لكنها بقيت من دون الوزارات الأمنية الداخلية والدفاع والمخابرات التي توزعت بين المكونات الرئيسة في العراق الشيعة والسنة والكرد. و بقيت تدار حتى اليوم بالوكالة وباشراف رئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، الأمر الذي جعل بقية الكتل تتهمه بالتفرد والدكتاتورية وعدم إشراك بقية الكتل في القرارات السياسية، وهو ما ينفيه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الحكومة نوري المالكي.
وفشل خصوم المالكي المشاركون في الحكومةفي سحب الثقة منه. وينتظرون عودة رئيس الجمهورية من ألمانيا حيث يعالج ليبدأ المؤتمر الوطني الذي دعا اليه الرئيس العراقي قبل سفره ليشمل جميع الكتل السياسية.