لو سئل أي متابع للتاريخ البريطاني عن ألدّ أعداء مارغريت ثاتشر، لسارع في الإشارة إلى نقابات العمال، التي كادت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تقضي عليها مرة وإلى الأبد. ويبدو أن العمّال لن ينسوا هذا الأمر كما عبّر عنه أحد مظاهر مؤتمرهم السنوي الآن.


قمصان تحتفي بـlaquo;وفاةraquo; ثاتشر

صلاح أحمد: أجبرت انتقادات عنيفة laquo;اتحاد نقابات العمالraquo; في مؤتمره العام السنوي في مدينة برايتون الجنوبية على إزاحة قمصان laquo;تي شيرتraquo; تباع في أحد الأكشاك المحيطة بقاعته، لأنها تحتفي بموت رئيسة الوزراء المحافظة السابقة مارغريت ثاتشر، رغم أنها حية ترزق الآن.

أتت هذه الانتقادات من مختلف الجهات العمالية، وعلى رأسها زعيم حزب العمال نفسه، إد ميليباند، الذي قال إن مسلكًا كهذا لا يليق بالعمّال وبحزبهم. ذلك أن القمصان، التي تباع بعشرة جنيهات للقطعة وغيرها من التذكارات، تحمل شعارات يفيد أحدها، مثلاً، أن العمّال البريطانيين laquo;سيرقصون فرحًا على قبر مارغريت ثاتشرraquo; لدى وفاتها.

يذكر أن من إنجازات laquo;السيدة الحديديةraquo; الكبرى هي قصّها في الثمانينات جناح نقابات العمال وكسرها شوكة أقواها (نقابة عمال المناجم) بعد أطول إضراب عمالي تشهده بريطانيا في تاريخها الحديث. لكن صحيفة laquo;ديلي تليغرافraquo; (الموالية تقليديًا للمحافظين) نقلت عن ميليباند قوله: laquo;ندين هذه المشاعر القاسية. لا أحد يجب أن يرقص فرحًا على قبر أي إنسان كانraquo;.

الواقع أن تلك القمصان هي جزء من عدد من التذكارات التي تنضح بكراهية ثاتشر، ومنها بالونات وأكواز وأباريق وغيرها، ظل المندوبون العماليون يتخاطفونها حتى لحظة إزاحتها. لكن الصحيفة نفسها تقول إن مبيعاتها استمرت عبر موقع الشركة المنتجة لها على الإنترنت. بل إن أحد موظفي الشركة قال إن التذكارات بيعت بكميات كبيرة لزبائن في مختلف أنحاء الدنيا، مثل بلجيكا وسنغافورة وتايلاند، وإنها لهذا قاربت النفاد خلال 24 ساعة فقط.

وربما كان غنيًا عن القول إن المحافظين أبدوا أقصى درجات الامتعاض إزاء هذه المحاولة لامتهان امرأة من أبرز زعمائهم على الإطلاق. بل قد لا يختلف كثيرون حول أنها كانت أكبر صنّاع التاريخ السياسي البريطاني، لكونها أول وآخر امرأة تتزعم حزبهم

السيدة الحديدية

وتترأس الوزراء. أضف إلى هذا ثورتها في تركيبة بريطانيا الاقتصادية والاجتماعية، بغضّ النظر عن الاتفاق أو الاختلاف معها أيديولوجيًا.

في هذا الصدد قال كونور بيرنز، وهو من أصدقاء ثاتشر، ويزورها بانتظام في دارها اللندنية حتى الآن، إن التذكارات العمالية laquo;تفتقر إلى الكياسة والذوق والأدب، وتكشف عن الوجه الحقيقي لليسار العمالي المتطرف، الذي لن ينسى هزيمته المريرة أمام هذه المرأة العظيمة، وإن كانت واهنة الآن. وكل ما يفعله أولئك المتطرفون هو أنهم يثبتون بما لا يترك مجالاً للشك أن ثاتشر من معدن لا مثيل لهraquo;.

يذكر أن ثاتشر وقعت فريسة للخرف تبعًا لما رفعت عنه النقاب ابنتها كارول في كتاب مذكراتها الذي أصدرته العام 2008. وقالت فيه إن هذا المرض، المصحوب بعدد من الجلطات الدماغية غير القاتلة، laquo;قلّص والدتي إلى مجرد ظل لمارغريت ثاتشر التي يعرفها العالم بكامله كإحدى أعظم رؤساء الوزراء البريطانيينraquo;.