لاجئون سوريون في معبر باب السلام على الحدود مع تركيا

بين أشجار الزيتون والاسلاك الشائكة، يقوم السوريون الساعون إلى الفرار والجيش التركي بما هو أقرب إلى لعبة القط والفأر التي تتحول في بعض الأحيان الى مواجهات.


آعزاز: الموقف التركي واضح مبدئيًا: لا يسمح بدخول البلاد الا للسوريين المزودين بجواز سفر. ففيما كان الحصول على وثيقة سفر سهلاً قبل اندلاع الازمة بات الامر اليوم شبه مستحيل لكثير من السوريين العالقين وسط المعارك.

بالنسبة للآخرين تمت اقامة خيم في الجهة التركية. لكن المخيمات امتلأت وتنتظر تجهيز مخيمات اضافية قيد البناء، فيما اغلقت المعابر الحدودية بين البلدين. لكن مئات الاشخاص يعبرون الحدود يوميًا ولا سيما عبر الالتفاف على نقطة العبور أعزاز للدخول الى تركيا عبر مدينة كيليس الصغيرة.

وفي بستان زيتون يطل على اسلاك شائكة ارتفع علم الثوار السوريين فوق خيمة كبيرة، تشكل نقطة تجمع الساعين الى عبور الحدود سراً. وابو محمود الذي يمثل الجيش السوري الحر هو الآمر الناهي في المكان.
كما انه هو من يطمئن ويشجع وينصح ويوجه العائلات التي غالبًا ما تكون منهكة عند وصولها في سيارات مكتظة وشاحنات صغيرة تحمل اكثر من قدرتها من الامتعة.

وقال: quot;هناك جنود اتراك لكنهم قلائل. الثقوب في السياج لا تعد ولا تحصىquot;. وتابع: quot;يكفي تضليلهم عبر ارسال احد شبابنا ليعبر بشكل مكشوف. عند توقيفه تعبر عائلات بأسرها من نقطة ابعد بقليلquot;. وتحذر لافتات مثلثة صغيرة حمراء اللون من وجود الغام. وعلق المسؤول: quot;لا مشكلة...نعلم جميع مواقعهاquot;.

وصلت عائلة محمد ابو علي في ثلاث سيارات كورية الصنع وشاحنة نقل محملة بالامتعة، وهي تتألف من 25 شخصًا من بينهم حوالي عشرة اطفال بدأوا يلعبون تحت الاشجار. وقال رب العائلة: quot;نحن من الباب. حصلت عدة غارات جوية والنساء مرتعباتquot;. في المقاعد الخلفية جلست اربع نساء يرتدين الاسود ولم يجرأْنَ على الترجل.

وتابع quot;نخاف من عودة الطائرات، والمدارس مغلقة. والدي مريض وسبق أن نقل الى المستشفى في تركيا. سنذهب لموافاتهquot;. ودار الموكب على عقبه ولحق بشاب على دراجة نارية. في بستان الزيتون ادى العبور المتكرر لدراجات نارية صغيرة صينية الصنع الى تصاعد الغبار الاحمر.

هؤلاء هم الكشافة الذين يمهدون للمهرب الاكبر الذي يعبر الحقول بسرعة وراء مقود سيارته من طراز كيا التي لا تحمل رقم تسجيل واضعاً هاتفه دوما على اذنه. وردًا على سؤال ان كان وجود الجيش على الطريق التي تمتد الى جانب الاسلاك الشائكة يشكل مشكلة له، تبدو على وجه المهرب ابتسامة عريضة.

وقال quot;انك تمزح (...) نحن كثر وهم لا يقبضون الا على من نريدهم أن يقبضوا عليهquot;. وجلس شاب يعتمر قبعة سوداء ويحمل حقيبة رياضية صغيرة في انتظار وقت عبوره. وقال quot;عبرت عدة مرات في الاتجاهينquot;.

واضاف quot;الامر يعتمد في الحقيقة على الضابط التركي. ان كان علويًا فعليهم بالدبلوماسية، وان كان سنياً يصبح الامر اسهلquot;. وتابع quot;عندما يسلمون المسؤوليات يعرف الجميع اسم القائد الجديد في غضون دقائق على طول الحدود...quot;.

فجأة تعلو اصوات طلقات نارية. ثلاث رصاصات ثم اربع. انه ابو محمود، يطلق النار من بندقيته الكلاشنيكوف جالسًا امام طعامه في ظل شجرة زيتون معمرة. عندئذ يتراجع جنديان تركيان ويتناقشان بحدة مع ثلاثة رجال حاولوا رفع السياج، ويصوبان بندقيتيهما. اقترب احد الثوار ورشاشه على الكتف ليهدّئ من حدة الجميع، ثم غادر السوريون الثلاثة الى نقطة ابعد.