قلعة حلب أصيبت بأضرار

دخل طرفا النزاع في سوريا في لعبة تهريب الآثار لقاء الحصول على أسلحة يتقاتلون بها حتى أن الجيش الحر نظّم هيئات تعمل على التنقيب عن الآثار في المواقع الأثرية.


بيروت:تزدهر تجارة تهريب الآثار على الحدود اللبنانية ـــ السورية أكثر من اي وقت مضى، ففي ظل غياب السلطات وازدياد الطلب على السلاح، باتت التجارة سهلة: الآثار مقابل السلاح للجيش الحر، والآثار مقابل السيولة للسلطة.
في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;تايمquot; إلى أن تجار الآثار أكدوا أن طرفي النزاع دخلوا اليوم في لعبة التهريب، فالجيش النظامي بحاجة إلى السيولة لدفع مرتبات للشبيحة، أما الجيش الحر فقد نظّم هيئات تعمل على التنقيب عن الآثار في المواقع الأثرية!
لكن الناطق باسم الجيش الحر في تركيا لقي المقداد نفى هذه المزاعم، مؤكداً أن quot;عمليات سرقة الآثار تحدث في سوريا ولكنها فردية، ولا دخل للجيش الحر في تنظيمهاquot;. غير أن مهرّبي القطع الأثرية يبررون عملهم قائلين إنهم في حالة ثورة، ولا تنجح الثورة من دون تضحيات، والهدف هو الإطاحة بالرئيس بشار الأسد مهما كان الثمن.
وأشارت مراسلة الـ quot;تايمquot; إلى أنها رأت صورة لقطعة منحوتة في حجر من المرمر، أكد لها التاجر أنها بيعت في بيروت، وأنه قبض سعرها بالقطع الحربية. وبحسب التاجر، فإن الحروب مصدر رزق لهم لأنهم يشترون القطع الأثرية بأسعار رخيصة جداً ويبيعون السلاح بأسعار مرتفعة.

في سوريا، تؤدي الحرب الأهلية الشاملة إلى أضرار لا تقتصر على نهب الآثار والوجهة الثقافية للبلاد، فالسوق المزدهرة لكنوز هذه الأرض القديمة التي لا تقدر بثمن، تعمل على إطالة وتكثيف الصراع، وتوفير إمدادات جاهزة من السلع التي يتم تداولها مقابل الأسلحة.
علاوة على ذلك، فإن الدمار الذي لحق بالبلاد ادى إلى تشويه المواقع الأثرية التي استقر الرصاص والقذائف في جدرانها، كالمدن الرومانية القديمة، وبقايا الكنائس البيزنطية والمساجد والقلاع الصليبية، الأمر الذي يهدد بتقويض اي فرصة لسوريا لتزدهر سياحياً واقتصادياً في مرحلة ما بعد الثورة.
إلى جانب أكثر من 20 ألف قتيل و250 ألف لاجئ و1،2 مليون نسمة نازح، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة، لحقت تداعيات الهجمات المدمرة بالتراث الأثري للبلاد. كما تضررت المواقع الأثرية الستة التي صنفها اليونسكو للتراث العالمي بنيران الصواريخ والدبابات والأسلحة الصغيرة، البعض منها غير قابل للإصلاح، وفقاً لإيما كونليف، عالمة الآثار من جامعة دورهام في المملكة المتحدة التي نشرت تقريراً مفصلاً عن المواقع التاريخية التي دمرت في سورية.

ونقلت الـ quot;تايمquot; عن كونليف قولها إن quot;سوريا أصبحت منطقة كوارث من ناحية الآثار التاريخيةquot;، مشيرة إلى سرقة بعض المتاحف التي تحوي آثاراً آرامية تعود إلى القرن الثامن قبل الميلاد من متحف حماة، إلى جانب نهب الآلاف من القطع من المواقع الأثرية الاخرى في سوريا.
وكانت سوريا بمثابة نقطة التقاء للثقافة والدين على مدى آلاف السنين. ويعتقد أن المجتمعات الزراعية في العالم ظهرت أولا في سهولها الخصبة، كما أن دمشق هي مركز المعابد القديمة التي يعود تاريخها إلى ما يقدر بنحو 5000 سنة، إضافة إلى المدن التي بناها الاسكندر المقدوني وكنائس الرسول بولس والمساجد التي بنيت في زمن النبي محمد.

وفقاً لكونليف، بدأ علماء الآثار لتوهم بفهم تاريخ العديد من المواقع السورية، مشيرة إلى أنه quot;لا يزال هناك الكثير مما ينبغي البحث عنه تحت الارضquot;.
من جهتها، تقول عالمة الآثار اللبنانية جوان فرشخ بجالي، التي عملت على توثيق حالات نهب الآثار العراقية في أعقاب الغزو الاميركي عام 2003، إن ارتفاع منسوب الفوضى سوف يزيد من الطلب على الآثار السورية.

quot;حرب العراق أيقظت الجوع لتحف وآثار الشرق الأوسط، فهواة جمع التحف يتابعون صراعات المنطقة عن كثب. مع انهيار الاقتصاد أسهل شيء هو أن نقول للناس أن يذهبوا لحفر ىالآثارquot;، مضيفة أن هواة جمع التحف يسألون عن تحف معينة ومستعدون لدفع أي مبلغ من المال للحصول عليها.
حتى الآن، يسعى كل من نظام الأسد والثوار بنشاط لاستغلال تدمير مواقع التراث السوري لأغراض دعائية، فالنظام يلوم الجيش السوري الحر وquot;الإرهابيينquot; متهماً إياهم بنهب الآثار، في حين أن المعارضة توجه إصبع الاتهام إلى الجيش الذي يستخدم المدفعية الثقيلة بعشوائية ضد المواقع التاريخية.
لكن صحيفة الـ quot;تايمquot; اعتبرت أن المسؤولية عن الدمار الثقافي للبلاد تقع على جانبي الصراع، من القوات العسكرية التي تقصف القلاع والمواقع الأثرية إلى الثوار الذين يختبئون في هذه الأماكن.