عنصر من الجيش الحر يعاين آثار الدمار في حمص

مع تزايد الضغوط على الحكومات الغربية لوضع حد لإراقة الدماء في سوريا، أصبحت المساعدةquot;غير القاتلةquot; وعداً تتعهد به الكثير من الدول. ويتم تداول هذا المصطلح في كل مكان، ابتداءً من إحاطات البيت الأبيض الإعلامية إلى تقارير الإتحاد الأوروبي عن حظر تصدير الاسلحة إلى سوريا.


رغم طبيعة انتشار مصطلح المساعدةquot;غير القاتلةquot; للثوا في سوريا، إلا أنه ليس هناك تعريف قانوني مقبول على نطاق واسع حتى الآن. وعموماً، يتم استخدام هذا التعبير لوصف المعدات والاستخبارات التي لا يمكن استخدامها للقتل مباشرة.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; أن هذا التعريف يمكن أن يشمل أي شيء: من الخوذات والدروع الواقية للرصاص، إلى أجهزة مثل الراديو المشفر وصور الأقمار الصناعية. وفي الممارسة العملية، الخطوط الفاصلة بين المعدات غير القاتلة والمعدات المميتة غير واضحة على الإطلاق. وفي الواقع، كلاهما مطلوب للجندي لتحقيق الاستفادة القصوى من سلاحه.

يقول بيتر ويزمان، الباحث البارز في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن quot;الرجل الذي يملك خوذة وجهاز راديو هو أكثر احتمالاً لاستخدام بندقيته على نحو فعال من أجل البقاء على قيد الحياة، كما أن جهاز الراديو الخاص به يحسن من قدرته على الاستهدافquot;.

ومع ذلك، فإن التمييز بين الأسلحة القاتلة وغير القاتلة أمر حاسم بالنسبة للحكومات المشاركة في إمداداتها. ووفقاً لويزمان، فإن التحرك نحو تسليح الثوار قد يكون quot;حساساً للغاية من الناحية السياسيةquot;. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن الموقف البريطاني quot;غير منحاز إلى أحد الجانبين، أما كيف سينظر نظام الأسد إلى التحرك البريطاني نحو مساعدة الثوار، فهذه قصة أخرى.

وحتى الآن، الجزء الأكبر من شحنات المساعدة غير القاتلة تصل إلى كتائب المقاتلين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وقد خصصت وزارة الخارجية الأميركية مبلغ 25 مليون دولار لتزويد المعارضة السورية بمساعدات غير قاتلة، وقامت بتوزيع 900 قطعة من المعدات من خلال مكتب عملياتها لإدارة الصراع والاستقرار.

وقد وضعت الحكومة البريطانية حالياً مبلغ 1.9 مليار جنيه استرليني لتسليم وتوزيع المساعدات من خلال توسيع شبكة الاتصالات ببطء ودقة. وكان النهج الفرنسي مختلفاً قليلاً، إذ تركز باريس بدلاً من ذلك على المناطق المستهدفة، وقد حددت إدارة فرانسوا هولاند خمس نقاط يسيطر عليها الثوار داخل المناطق لتوزيع مساعدتها. وتتمركز هذه المواقع داخل دير الزور وحلب وادلب وغيرها من المحافظات التي واجهت في الأشهر الأخيرة موجات من القصف المكثف من قبل قوات النظام.

وأشارت الصحيفة إلى أن تتبع مرور المساعدات غير قاتلة الغربية هو مسعى صعب. فكما هو الحال مع ترسانة الثوار، غالباً ما يكون من الصعب تحديد ما إذا كان مصدرها عنصر واحد أو تم تهريبها عبر الحدود، أو نهبت من الداخل من مخزونات النظام.

ومع ذلك، فقد وجدت عدة أنواع معروفة من المساعدات طريقها إلى سوريا عن طريق بريطانيا، الولايات المتحدة، والجهود الفرنسية، من الدروع الواقية للرصاص، معدات الاتصالات، معدات الاستخبارات، وصور الأقمار الصناعية.

ومن المؤكد أن تسليح الثوار في سوريا خرق للحظر الذي فرضته الاتحاد الأوروبي على البلاد، فركزت الحكومة البريطانية بدلاً من ذلك على تقديم الدروع والخوذات كجزء من حزمة المساعدة التي تقدمها.

وقالت المحكمة الحنائية في لاهاي للصحافة إن هذا النوع من المساعدة أشبه بمحاولة quot;لإنقاذ الحياة عبر تأمين معدات الحماية للمدنيين لمساعدة هؤلاء بمهمات حيوية خلال تبادل إطلاق النارquot;. وقد عبرت الولايات المتحدة وفرنسا أيضاً عن التزامها في هذا السياق.

وأشارت الصحيفة إلى أن واحدة من أكثر أشكال المساعدة غير القاتلة على نطاق واسع هي معدات الاتصالات، وهذا يشمل أجهزة الراديو المشفرة، والهواتف الفضائية، وبطاقات الهواتف. وعلى الرغم من أن المبررات الإنسانية، التي تشير إلى أنه يمكن استخدام المساعدة البريطانية لتحذير المدنيين من الاعتداءات الوشيكة، إلا أن هذه المساعدات يمكن أن تستخدم أيضاً من قبل الألوية المتمردة لتعزيز قدرات قتالها.

ويقول ويزمان: quot;من الممكن أن يكون الثوار قد حصلوا على نوع من القوة النارية التي يحتاجون إليها، لكنهم يحتاجون أيضاً إلى تنظيم وسائل قتالهم، وبهذا تكون معدات اتصالات أمر أساسي في حملة عسكرية على هذا المستوىquot;.

واعتبرت الـ quot;فورين بوليسيquot; أن معدات الاتصالات أداة هامة لمراقبة النظام وإرسال إشارات التشويش. كما تسمح لكتائب الثوار بالاتصال بشكل آمن عبر مناطق مختلفة، وفتح القنوات يمكن أن تستخدم لإعطاء إنذار مسبق من الهجمات الحكومية.

المهمة الأخرى للمساعدات غير القاتلة هي الاستخبارات. فيقول مسؤولو المعارضة السورية بأن ضباط المخابرات البريطانية يتمركزون في قاعدتين عسكريتين في قبرص، حيث يقومون بجمع المعلومات التي يتم تمريرها بعد ذلك إلى قادة الثوار.

وتسمح هذه المعلومات لمقاتلي المعارضة باستباق تحركات النظام كما توفر وسيلة للتخطيط لهجمات مفاجئة، وهي ضرورة تكتيكية للمقاتلين من أجل التفوق على ترسانة الدولة. ووفقاً لمسؤولين سوريين، سهل الدعم الاستخباراتي نجاح عدد من الكمائن الناجحة في إدلب، بما في ذلك هجوم شنه الثوار على 40 دبابة للجيش.

ورجحت الصحيفة أن تكون وزارة الدفاع الأميركية واحدة من مصادر أعمال التوثيق التي تصوّر الأعمال القتالية في سوريا، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة هي حالياً الدولة الوحيدة التي لديها القدرة التكنولوجية لإجراء مهمات التصوير العادية عبر بعثات فضائية فوق سوريا.