إردوغان يريد اعتلاء كرسي الرئاسة لكن الظروف لا تخدم طموحاته
تواجه مخططات رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان في اعتلاء كرسي الرئاسة الكثير من العقبات، في وقت تواجه فيه بلاده أزمات إقتصادية، وحالة من عدم الاستقرار السياسي، وبحسب استطلاعات الرأيفإن المنافسة لن تكون في صالحهإذا ماقرر الترشح للرئاسة.

يبدو ان مشاريع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب إردوغان للانتقال من منصبه الحالي الى كرسي الرئاسة اصطدمت بعقبات وسط تصدعات داخل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه.وتظهر هذه العقبات في نتائج استطلاع للآراء أُجري حديثا وفي انقسام نشأ داخل الحكومة بشأن السياسة الاقتصادية.
وكما يشير الوزراء الاتراك في احيان كثيرة فإن الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي كانا يعززان احدهما الآخر خلال السنوات العشر الماضية.ولكن بعدما وعد إردوغان بألا يبقى أكثر من ولايتين على رأس الحكومة وتباطؤ النمو الاقتصادي بالمقارنة مع سنوات الشطر الأعظم من فترة حكمه فان هذه العلاقة بين السياسة والاقتصاد تواجه امتحانا عسيرا اليوم.
ومن التطورات التي يمكن ان تعرقل مشاريع إردوغان نتائج استطلاع اجرته منظمة مترو بول التركية تبين انه إذا تنافس إردوغان مع الرئيس الحالي عبد الله غُل، رفيقه المؤسس في حزب العدالة والتنمية، في انتخابات رئاسية بمرشحين فقط فان غُل سيتقدم على إردوغان بنسبة 30 في المئة.
وتطغى الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2014 على سواها من جوانب الحياة السياسية، بما في ذلك خطط إردوغان لتجديد الحزب في مؤتمره الذي يبدأ أعماله يوم الأحد.وكان اختيار رئيس الدولة التركي يتقرر سابقا في البرلمان ولكنه سيكون من الآن فصاعدا بانتخابات مباشرة ، وعلى جولتين إذا اقتضت الضرورة.
ويرى مراقبون ان السياق الذي تتقدم فيه عملية انتخاب الرئيس ليس لصالح إردوغان الذي استأثر بنصيب متزايد من اصوات الناخبين خلال ولايته في رئاسة الحكومة بوصفه شخصية سياسية ذات شعبية واسعة.
واظهر الاستطلاع نفسه ان 56 في المئة من الاتراك ليسوا راضين على سياسة حكومتهم في التعامل مع الأزمة السورية.كما ينفذ حزب العمال الكردستاني حملة هجمات من اشد الحملات عنفا منذ ما يربو على عشر سنوات، ويتعثر النمو الاقتصادي عند حدود 3 في المئة بالمقارنة مع مستويات نمو زادت على 8 في المئة خلال العامين الماضيين.
والحق أن السياسة الاقتصادية ايضا تحولت الى ساحة معركة بسبب الصراعات داخل الحكومة نفسها التي يمكن ان تُعزى الى اختلافات في النظرة العامة بين اردوغان القوي وغُل الرقيق، على حد وصف فايننشيال تايمز.
ورحبت مؤسسات اقتصادية دولية بتصريحات نائب رئيس الوزراء ومسؤول الملف الاقتصادي علي باباجان هذا الاسبوع عندما دعا الى التروي معترفا بتحقيق معدلات نمو اقتصادي متواضعة.
وشبه باباجان ادارة الاقتصاد التركي بقيادة حافلة في الضباب على طريق متعرج وقال ان الأجواء المتقلبة حاليا ليست مناسبة لزيادة سرعة الحافلة حتى إذا كان بعض الركاب يطالبون السائق بالضغط بقوة أشد على الدواسة.
وإذ توقع باباجان معدلات نمو في حدود 3 في المئة أو أكثر هذا العام وربما 4 في المئة العام المقبل فانه قلل من أهمية الدعوات المطالبة بمعدلات اعلى وقال ان quot;هذه هي اسرع معدلات نمو في اوروبا ، وأُكرر انها اسرع معدلات نمو في اوروباquot;.
ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن المحلل تيم آش من بنك ستاندرد في لندن ان تصريحات باباجان تعكس القلق من ان ضخ مزيد من المال في الاقتصاد قد يجبر البنك المركزي التركي على تشديد السياسة النقدية وما ينطوي عليه ذلك من خطر رفع سعر الليرة التركية فوق قيمتها وبذلك تهديد الموقع المريح الذي يتمتع به الاقتصاد التركي به حاليا.
ولكن الدعوات المطالبة بزيادة معدلات النمو تنطلق من داخل حكومة باباجان نفسها. وكثيرا ما يُنظر الى باباجان على انه اقرب الى غُل منه الى إردوغان. وعلى النقيض من ذلك كثيرا ما يُنظر الى وزير الاقتصاد ظافر جاغليان على انه يمثل وجهة نظر رئيس الوزراء في الحكومة.
وكان جاغليان تحدث بعد يوم على تصريحات باباجان مستخدما الاستعارة نفسها لطرح وجهة النظر الأخرى.وقال جاغليان quot;ان الحذر مطلوب ولكن السيارة لا تتحرك إذا أبقيتَ قدمك على الكابح.... إذ ليس من شأن ذلك إلا ان يتلف منصات الكابح ويسبب انبعاث رائحةquot;. واضاف ان quot;لا داعي للخوف إذا كانت لدى الجالس وراء المقود مهارات متقدمة في السواقةquot;.
ولا يدور السجال بطبيعة الحال حول طرق القيادة بل حول ادارة الاقتصاد في وقت يتعين اتخاذ قرارات مالية ونقدية مهمة.وقياسا على ما تبينه الاستطلاعات فان الانقسام الذي تكشف عنه في صفوف الحزب الحاكم يمكن ان يتسع الى أزمة أخطر.
ولا يمكن التنبؤ بما ستؤول اليه هذه الخلافات ولكن الخبرة السابقة لرؤساء وزراء اقوياء يتسلقون الى كرسي الرئاسة لا تبعث على التفاؤل لأن مثل هذه النقلة كانت تنتهي بخيبة أمل واسعة إزاء رئيس وزراء لم يثبت جدارة في رئاسة الدولة أو كانت تنم عن وجود خلاف بين رئيس الدولة ورئيس الحكومة.
ولعل نتائج الاستطلاعات الأخيرة تبين رغبة الاتراك في الإبقاء على الوضع الحالي رغم طموحات إردوغان الرئاسية.