فيما تتواصل الاحتجاجات وأعمال العنف في مصر بشكل متقطع، لاسيما في محيط قصر الاتحادية، وبينما تطرح مختلف القوى السياسية المصرية مبادرات للخروج من الأزمة السياسية الحالية، قال قرّاء إيلاف إن تنحّي الرئيس محمد مرسي، قد يكون حلاً جيداً لتفادي دخول مصر في نفق مظلم، بينما يرى الخبراء السياسيون أن ذلك الحل سوف يفضي إلى حالة من الفوضى، وسيناريوهات كارثية ومرعبة، مؤكدين أن أي رئيس مصري آخر لن يستطيع الصمود طويلاً، وسيتكرر معه السيناريو نفسه، خاصة أن الأطراف السياسية المعارضة للسلطة سوف تتخذ من طريقة الاحتشاد والعنف سبيلاً لإسقاط أي رئيس قد لا يعجبها.


القاهرة: طرحت إيلاف على القرّاء السؤال الآتي، ضمن الاستفتاء الإسبوعي،: quot;هل تجد في تنحّي مرسي حلاً للأزمة في مصرquot;، نعم.. لاquot;. شارك 6867 قارئاً، رأى 3782 منهم، أي بنسبة 55.7%، أن تنحّي مرسي سوف يكون حلاً مرضياً لأطراف الأزمة، وبما يضمن عدم انهيار الدولة المصرية، بينما رفض 3085 قارئاً، بنسبة 44.3%، أن هذا الحل لا يمكن أن يساهم في تهدئة الأزمة، بل قد يزيدها اشتعالاً.

حرب أهلية
وبينما ترى غالبية قرّاء إيلاف أن تنحّي مرسي سيحلّ الأزمة التي تعانيها مصر منذ يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، يرى الخبراء السياسيون أن هذا الحل ستكون له تبعات غير جيدة، وسوف يساهم في اندلاع حرب أهلية بين التيار الإسلامي، الذي أكد مراراً وتكراراً أنه سوف يدافع عن الرئيس مهما كلفه الأمر، في حال المساس بشرعيته، أو عودة حكم العسكر، وفشل الثورة نهائياً.

وقال الدكتور جمال جاد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إن تنحّي مرسي عن الحكم ليس الحل الأمثل للخروج من نفق الأزمة الحالية، مشيراً إلى أن إسقاط الرئيس المنتخب عبر الضغوط بالعنف أو الحشد، ليس عملياً.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن هذا الحل سوف يجرّ مصر إلى مستنقع الحرب الأهلية. ولفت إلى أن التيارات الإسلامية بقيادة جماعة الإخوان المسلمين لن تقف مكتوفة الأيدي حيال أي محاولة لإسقاط الرئيس، والنتيجة هي الاقتتال في الشارع، وقد تتحول مصر إلى صومال جديدة لا قدر الله، وتغرق في هذا المستنقع لسنوات طويلة.

عودة العسكر
ولفت إلى أنه إضافة إلى سيناريو الحرب الأهلية، فإن سيناريو عودة حكم العسكر سيكون قائماً بقوة، لاسيما في ظل عدم جاهزية أي فصيل سياسي آخر لحكم مصر، وستكون الثورة قد فشلت تماماً وقضي عليها للأبد. وأشار إلى أن العسكر سوف يفرضون الأحكام العرفية ويعطلون الدستور، من أجل إحكام قبضتهم على البلاد.

ولفت إلى أن المعارضة رغم قوتها الحالية، إلا أنها لا تمتلك القدرة على الحشد الإنتخابي، وسوف تتفرق وتتشرذم، وفي حالة إجراء إنتخابات رئاسية جديدة، من المتوقع بقوة فوز مرشح إسلامي آخر، وغالباً سيكون من المتشددين، مثل خيرت الشاطر أو أي شخصية أخرى، وسوف تحمله ماكينة الإخوان إلى كرسي الحكم، وسيتم تكرار السيناريو نفسه من جديد.

دولة ميليشيات
وقال الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حلوان، لـquot;إيلافquot; إن الحل يكون في الجلوس إلى مائدة الحوار مع الرئيس، وليس بالدعوة إلى إسقاطه، مشيراً إلى أن استمرار التناحر عبر المظاهرات المليونية أو التهديد باستخدام العنف ضد الآخر، وإحراق وتدمير المنشآت العامة ليس في مصلحة الجميع، سلطة ومعارضة، وليس في مصلحة مصر كلها. وحذر من أن رفض المعارضة، ولاسيما جبهة الإنقاذ، الحوار الوطني، يعقد الأمور، ويهدد باستمرار حالة الشلل التي تعيشها مصر، ويساهم في استمرار وتصاعد أعمال العنف.

ونبّه إلى أن الجميع في مصر، سلطة ومعارضة، ظهرت نواياهم الحقيقية تجاه السلطة، فالطرفان لا يرضيان بأقل من السيطرة الكاملة، وليس التشارك في الحكم معاً، ولفت إلى أن سقوط مرسي يدفع باتجاه عودة حكم العسكر أو الاقتتال الداخلي بين الإسلاميين والليبراليين والأقباط، وسوف تتحول مصر إلى دولة ميليشيات، وسيتكرر السيناريو اللبناني، الذي وقع في القرن الماضي، من جديد.

وأشار إلى أن المعارضة، وإن كانت موحدة الآن، إلا أنه في حالة تنحّي مرسي، سوف تتناحر معاً، لاسيما في ظل تطلع غالبية قياداتها إلى السلطة والانفراد بها، وقد يتقاتلون معاً.

مشهد كارثي
حسب وجهة نظر الدكتور سامح علي، الخبير السياسي في مركز الدراسات العربية، فإن المشهد المصري سيكون كارثياً من أي زاوية يتم النظر إليه منها، في حال سقوط مرسي، لاسيما أن الدولة هشّة جداً، والجميع يتطلع إلى السلطة بأي ثمن، حتى ولو كان هذا الثمن دماء المصريين.

وقال إن إسقاط رئيس منتخب لم تمضِ على ولايته سوى ستة أشهر سيكون سابقة خطيرة في التاريخ، مشيراً إلى أن مصر quot;لن يعيش فيها أي رئيس بعد ذلك أبداًquot;، خاصة أن أي رئيس في العالم لا يمكنه أن يرضي شعبه بدرجة مائة في المائة، ناهيك عن أن الإسلاميين لن يسمحوا بحدوث هذا السيناريو أبداً، مهما كانت التضحيات، حتى ولو سقطت مصر في مستنقع الحرب الأهلية. وشدد على ضرورة استماع الرئيس إلى مطالب المعارضة، وفي الوقت نفسه أن تخفض المعارضة من سقف مطالبها التعجيزية، ليجلس الجميع في منطقة وسطى من أجل الخروج من الأزمة.