القاهرة: كشفت الدعوة التي أطلقها الرئيس المصري، محمد مرسي، لكل من إيران وتركيا والسعودية للتعاون مع مصر لحل الأزمة السورية عن توجهات السياسة الخارجية الجديدة للقاهرة، وانتقالها من سياسة quot;الخنوعquot; التي كانت سمة عهد النظام السابق إلى سياسة quot;التوازن والاستقلاليةquot;، بحسب ساسة وخبراء. وقال مرسي مساء الثلاثاء في الجلسة المغلقة للقمة الإسلامية بمكة المكرمة إنه من الضروري أن تتعاون مصر والسعودية وتركيا وإيران لحل الأزمة السورية.
وحملت إشارة مرسي لإيران رسالة بالرغبة في تحسين العلاقات مع طهران، والتي اتسمت بالتوتر والجمود في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، على خلفية تكريم إيران لأحد قتلة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ووقوف مصر إلى جانب العراق في حرب الخليج الأولى ضد إيران، والتقارب الشديد بين النظام المصري السابق وبين الولايات المتحدة الأمريكية وحكومات خليجية حرصت على إيجاد مسافة بين مصر وإيران.
وقال جمال حشمت، عضو لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين المحسوب عليها مرسي، إن السياسية الخارجية المصرية quot;تغيرت بفعل ثورة 25 يناير، وخلعت ثوب الخنوع للغرب، لقد انتهت حالة الخنوع والخضوع التي كانت تعيشها مصر وأفسدت سياستها الخارجيةquot;.
ووصف حشمت دعوة مرسي للتعاون المشترك بين كل من السعودية وتركيا مصروإيرانلحل الأزمة السورية بأن مصر quot;تسترد ريادتها، وهي وجهت هذه الدعوة لأن هذه هي الدول الفاعلة في القضية السوريةquot;.
وعن مستقبل العلاقات المصرية الإيرانية قال حشمت: quot;نحن اليوم أصبحنا أحرارًا في تحديد سياستنا الخارجية.. ولا مانع من التعاون مع إيران؛ فالإمارات العربية المتحدة لديها علاقات جيدة معها على الرغم من أن بعض أرضها محتلة من قبل إيران.. فلن نكون ملكيين أكثر من الملكquot;.
جهاد الحداد، مسؤول ملف العلاقات الخارجية بحملة مرسي الانتخابية، قال quot;إن هناك معايير وضعتها الحملة وهي الانفتاح علي كافة البلدان التي تحترم حقوق الإنسان والقيم الديمقراطيةquot;، مشيرًا إلى أن مصر اليوم quot;لا تخشي الإدارة الأمريكية، خاصة وأن الوضع الاقتصادي الأميركي متراجع، وأصبح رهينا للصين، وعلاقتنا بالصين تتجه للأفضل.. فمصر ترسم استراتيجية تحقق مصالح الوطن العربي ككلquot;.
ومن جانبه قال عمر الحسن، رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، لـquot;الأناضولquot; إن دعوة مرسي لتعاون الدول الأربعة يهدف إلى حل الأزمة السورية بأقل الأضرار، والاتفاق على كيفية خروج نظام الأسد بدون أن يخلف وراءه حربًا أهلية بين مكونات المجتمع السوري، على أن يخلفه نظام غير خانع للغرب ولإسرائيل وعلى علاقة طيبة بإيران.
ويتحدث خبراء وسياسيون عرب هذه الأيام عن سيناريو إسرائيلي مدعوم غربيًا يتمثل في إدخال سوريا في دوامة حرب أهلية خلال الصراع على الحكم في حال سقط نظام بشار الأسد، وإشاعة الفوضى لإتاحة الفرصة لتشكيل نظام جديد يضمن مصالح الغرب، وهو ما تنبهت له مصر وتركيا اللتين تسعيان لكسب تعاون إيران والسعودية لاستخدام نفوذهما في الداخل السوري للحيلولة دون وقوع هذا السيناريو، والعمل على إيجاد نظام على علاقة طيبة بالاثنين.
وبحسب ما صرحت به مصادر في الرئاسة المصرية تقوم مصر في هذا الاتجاه على قيام إيران بالضغط على الأسد للتنحي، وتقوم تركيا من جانبها بالضغط على المعارضة السورية للدخول في مفاوضات مع الحكومة بعد تنحيه.
وعن مستقبل التعاون المصري الإيراني بشكل خاص قال رئيس مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية إن دعوة مرسي لإيران لتشارك في حل الأزمة السورية quot;تجعل الكرة الآن في الملعب الإيراني، وتحمل رسالة واضحة بأن مصر خلعت عباءة التبعية الأمريكية التي كان يتسم بها نظام مبارك، وأن التحالف الرباعي سيصب بالفائدة على إيران، ويعم السلام على المنطقةquot;. وتوقع الحسن أن يقبل مرسي زيارة طهران وحضور قمة عدم الانحياز التي ستنعقد هناك نهاية الشهر الجاري.
من جانبها رأت شيرين فهمي، الباحثة السياسية بجامعة القاهرة أن الهدف من هذا التعاون الرباعي هو أن يرحل الأسد بموافقة إيرانية للحد من احتمال اندلاع حرب أهلية (بين من تدعمهم إيران وغيرهم) وبما يضمن عدم مجئ نظام معاد لإيران وموال لإسرائيل.
وأرجعت اختيار مرسي لكل من السعودية وإيران وتركيا إلى أنهم quot;الدول الكبرى التي تملك التأثير في المنطقة؛ وهو ما سيغير من خريطة العالم وموازين القوى.. كما أن هذا الاختيار يحمل فهم عميق للوضع في الشرق الأوسط والتحديات التي تنتظر السياسة الخارجية المصريةquot;.
واعتبرت شيرين دعوة مرسي بمثابة quot;الفرصةquot; التي ستستغلها إيران للانضمام إلى تحالف يساندها في مواجهة التهديدات الإسرائيلية الأميركية، متوقعة أن ترفض أميركا هذا التعاون الرباعي، وربما تلوح بقطع المعونة الأميركية للقاهرة، ومن ثمَّ لابد أن يوفر هذا التعاون الرباعي بدائل لتقديم الدعم لمصر عن المعونة الأميركية.
- آخر تحديث :
التعليقات