تأجل التصويت على أضخم موازنة في تاريخ العراق إلى الشهر المقبل بعد أن تراجع الأكراد عن اتفاق حل وسط كان يمهد للتصويت عليها اليوم. وأبدت حكومة كردستان إستعدادها لإرسال وفد إلى بغداد لحل أزمة الموازنة التي بلغت قيمتها 118 مليار دولار.


بعد يوم من الإعلان في بغداد عن اتفاقات حل وسط تمهد للتصويت اليوم الاثنين على أضخم موازنة في تاريخ العراق، تراجع الأكراد عنها وصعدوا من مطالبهم الأمر الذي عرقل التصويت على الموازنة وأجّله مجددًا حتى الشهر المقبل فيما أكدت حكومة كردستان استعدادها لإرسال وفد إلى بغداد لحل أزمة الموازنة التي بلغت قيمتها 118 مليار دولار احتلت تخصيصات الطاقة والأمن والقوات المسلحة الأولوية فيها لكن أرقامها أشارت إلى عجز قيمته 15.5 مليار دولار.

وجاء تراجع الأكراد عن هذه التفاهمات بعد يوم من الاعلان عن التوصل إلى حلول أنهت الاعتراضات التي أثارتها كتلتا التحالف الكردستاني والقائمة العراقية على بعض بنودها. فبعد أن تم التفاهم امس على دفع مستحقات الشركات النفطية الاجنبية العاملة في اقليم كردستان والبالغة حوالى 4 مليارات دولار من الموازنة العامة بالتدريج عاد الأكراد اليوم فطالبوا دفعها مرة واحدة وان يضاف نص بذلك إلى مسودة مشروعها الامر الذي أدى إلى تأجيل التصويت إلى الرابع من الشهر المقبل.

فقد فجر النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون مفاجأة اليوم بقوله ان حسم مستحقات الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان ضمن الموازنة المالية لعام 2013 يحتاج إلى المزيد من الوقت. وأشار إلى أنّه على الرغم من الجهود المبذولة والاجتماعات المتكررة من قبل اللجان النيابية مع وزراء الحكومة الاتحادية في المالية وكالة والتخطيط علي الشكري والنفط عبدالكريم لعيبي لحسم موضوع استحقاقات الشركات العاملة في إقليم كردستان فان هناك حاجة للمزيد من الدراسة كما قال في تصريح صحافي تلقت quot;إيلافquot; نسخة منه.

وأضاف السعدون ان المناقشات أسفرت عن تشخيص الحاجة إلى ضرورة دراسة فنية لموضوع استحقاق الشركات الاجنبية وتثبيت الضوابط لآليات التصدير والرقابة الامر الذي يستدعي حضور وفد نفطي رفيع المستوى من اقليم كردستان برئاسة وزير الثروات الطبيعية آشتي هورامي إلى بغداد من اجل الاتفاق على quot;آلية التصدير والحقوق المكفولة للحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم.

ومن جهته، أوضح المتحدث الرسمي باسم حكومة إقليم كردستان سفين دزيي أن حكومة إقليم كردستان في تواصل مستمر مع اللجنة المشكلة لتسوية الخلافات بشأن الموازنة مشدداً على أنه إن كان هناك حاجة لتواجد وفد من وزارة الثروات الطبيعية أو المالية في حكومة إقليم كردستان في بغداد فإنها مستعدة لارساله.

وأضاف دزيي أن الحكومة الإتحادية هي التي يفترض أن تدفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في إقليم كردستان وذلك بموجب الإتفاق الذي تم بين اربيل وبغداد في أيلول (سبتمبر) عام 2011 موضحا انه قد تم دفع جزء من هذه المستحقات أما الباقي والذي يقدر بـحوالى 150 مليار دينار عراقي (140 مليون دولار) لم تدفع بعد مبيناً ان مسودة مشروع قانون الموازنة لا تتضمن فقرة دفع مستحقات الشركات النفطية ما يستدعي إعادة النظر فيها وإضافة فقرة دفع مستحقات الشركات النفطية العاملة في الإقليم للقانون كما نقل عنه مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكرستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني.

وكانت لجنة شكلها مجلس النواب ضمت نائب رئيس المجلس عارف طيفور ورؤساء الكتل البرلمانية واللجنة القانونية بمشاركة وزيري التخطيط والمالية علي الشكري والنفط عبد الكريم لعيبي وممثل لديوان الرقابة المالية قد نجحت امس الاحد في التوصل إلى صيغة نهائية لقانون الموازنة المالية للعام الحالي 2013 حيث تم الاستماع إلى تقرير وفد ديوان الرقابة المالية المشكل لتدقيق صادرات إقليم كردستان من النفط واتضح من خلاله ان كمية النفط المنتج في كردستان منذ عام 2008 ولحد الان هو 160 مليون برميل صُدر منها 56 برميلا فقط بلغت تكلفة انتاجها مليارين و600 مليون دولار تم دفع مليار و200 مليون دولار منها فجرى الاتفاق على ان يتم دفع المبلغ المتبقي للشركات العاملة في الاقليم من الخزينة العامة للدولة بالتدريج.

أما بشأن مطالب القائمة العراقية باضافة ملياري دولار إلى موازنة مشاريع تنمية الاقاليم فإن اتفاقاً كان حصل مع ممثليها على إضافة فقرة تنص على مناقلة مبلغ ترليون و300 مليار دينار (حوالى مليار دولار) من مشاريع الوزارات إلى مشاريع تنمية الاقاليم.

ويوم الخميس الماضي حذر عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية عن حزب الفضيلة حسين المرعبي من أن العراق يخسر أكثر من أربعة مليارات دولار شهريا بسبب تأخر إقرار الموازنة وقال إن quot;العراق خسر نحو ثمانية مليارات دولار خلال الشهرين الماضيين بواقع أربعة مليارات شهريا بسبب تأخر إقرار الموازنة quot;. وأكد أن عجلة التنمية باتت معطلة لأن الموازنة الاستثمارية والبالغة 47 مليار دولار غير مقرّة ما يعني أن مشاريع قيد التنفيذ متوقفة.. موضحا أنquot;خسارة العراق ثمانية مليارات دولار خلال شهرين قد افقده فرصة تشغيل حوالى مليون و600 مليون مواطن.

أولوية للطاقة والقوات المسلحة

وتحتل الاموال المخصصة للامن والقوات السلحة إحدى أولويات الموازنة وشكلت نسبة 14.37% بحوالى 16 مليار دولار لكن تخصيصات الطاقة التي تستهدف حل مشكلة الكهرباء المستعصية منذ 10 سنوات واعادة بناء المنشآت النفطية فاقتها واخذت 21.31 بالمائة بحوالى 26 مليار دولار فيما احتلت الخدمات الاجتماعية المرتبة الثالثة بحوالى 14 مليار دولار بينما خصص 47 مليار دولار للمشاريع الاستثمارية.

وقد احتل قطاع الطاقة الاولوية القصوى العام المقبل لان العراق يملك رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم وتسهم عائدات النفط بنسبة 95 بالمئة في تمويل ميزانيته الوطنية حيث صدّرت بغداد العضو في منظمة أوبك 2.6 مليون برميل يوميا في المتوسط خلال الاشهر الماضية وهو أعلى إجمالي لصادرات الخام في عقود لكنه يريد زيادة الشحنات إلى أكثر من 2.8 مليون برميل يوميا هذا الشهر.

ويسعى العراق لزيادة انتاجه إلى الثلثين خلال ثلاث سنوات بعد عقود من إهمال البنية التحتية نتيجة الحروب والعقوبات الاقتصادية الامر الذي دفع لتخصيص هذا المبلغ الضخم البالغ 26 مليار دولار بما يشكل خمس الموازنة العامة للعام المقبل. ويمتلك العراق رابع أكبر احتياطيات نفطية في العالم ويصدر حاليا 2.5 مليون برميل يوميا في المتوسط حيث يسهم النفط بنحو 95 بالمئة من ايرادات الميزانية العراقية.

وللمرة الاولى تتراجع التخصيصات التي ستنفق على الامن وتسليح وتجهيز القوات العراقية منذ تسع سنوات حيث بلغت حوالى 17.2 مليار دولار وجاءت بالمرتبة الثانية بعد تخصيصات الطاقة التي بلغت 25.2 مليار دولار.

وبحسب الموازنة فإن التخصيصات المالية لمختلف قطاعات الدولة ستكون كما يلي:

الامن والدفاع: 17.2 مليار دولار، الطاقة 25.2 مليار دولار، الخدمات الاجتماعية 15.3 مليار دولار، التربية والتعليم 11.2 مليار دولار، البيئة والصحة 6.1 مليارات دولار،الماء والمجاري والصرف الصحي 3.5 مليارات دولار، التقل والاتصالات 1.7 مليار دولار، القطاع الزراعي 2.4 مليار دولار، القطاع الصناعي 1.7 مليار دولار، التشييد والاسكان 1.5 مليار دولار، الثقافة والشباب والاندية والاتحادات 1.7 مليار دولار، الالتزامات الدولية والديون 8.5 مليارات دولار، الادارات العامة المركزية والمحلية 11.7 مليار دولار.

إيرادات الموازنة العامة

وبلغ إجمالي الإيرادات الاتحادية (119.3) ترليون دينار (102 مليار دولار) جاءت نتيجة إحتساب الإيرادات الناجمة عن تصدير النفط الخام بمعدل سعر (90) دولارًا للبرميل الواحد وبقدرة تصديرية تصل إلى (2.9) مليون برميل يومياً من ضمنها الكمية المنتجة والمصدرة من إقليم كردستان والبالغة (250) ألف برميل يومياً حيث ستدخل ايرادات النفط هذه صندوق تنمية العراق بعد خصم (5) % عن تعويضات حرب الكويت وقد بلغت الموازنة الإستثمارية (55) ترليون دينار والموازنة التشغيلية (83) ترليون دينار توزعت على مؤسسات ووزارات وهيئات الدولة كافة حيث سيتم توزيع النفقات العامة وفق النسب السكانية بعد استبعاد تخصيصات مركز الوزارة الإتحادية والنفقات السيادية.

تغطية عجز الموازنة البالغ 15.5 مليار دولار

وبلغ العجز في الموازنة (18.8) ترليون دينار (16.7 مليار دولار) ستتم تغطيته من المبالغ النقدية المدورة من موازنة عام 2012 وصندوق تنمية العراق ومن الاقتراض الداخلي بموجب حوالات الخزينة والخارجية وكذلك من الوفر المتوقع من زيادة أسعار بيع النفط أو زيادة الإنتاج أو الاقتراض من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حيث سيخوّل وزير المالية الإتحادي صلاحية الإستمرار بالإقتراض من صندوق النقد الدولي بما يكمل مبلغ (4.5) مليارات دولار ومن البنك الدولي بما يكمل مبلغ الـ (2) مليار دولار خلال عام 2013 وباستخدام حقوق السحب الخاص بحدود (1.8) مليار دولار لتغطية العجز المتوقع في الموازنة العامة الاتحادية.

تخصيصات البترو دولار

وتم تخصيص مبلغ (250) مليار دينار كإحتياطي للحكومة ومبلغ (7.2) ترليونات دينار لمشاريع إعمار وتنمية الأقاليم والمحافظات وبضمنها إقليم كردستان ليتم إنفاقها وفق خطط إعمار للمحافظة مقدمة من قبل المحافظ ومصادق عليها من قبل مجلس المحافظة إلى وزارة التخطيط الإتحادية حيث سيتولى المحافظ حصراً تنفيذ خطة الإعمار المقرة ويتولى مجلس المحافظة مسؤولية مراقبة التنفيذ ولا يجوز إجراء أي مناقلة ضمن هذه التخصيصات بين المحافظات كما سيتم تخصيص مبلغ (1.318) ترليون دينار والتي تسمى بتخصيصات البترودولار وهي مبلغ دولار عن كل برميل نفط خام منتج في المحافظة أو مكرر في مصافي المحافظة ودولار عن كل (150) مترا مكعبا منتجا من الغاز الطبيعي في المحافظة وعلى المحافظة أن تستخدم ما لا يزيد عن (50)% من تخصيصات البترودولار لشراء الطاقة الكهربائية وستخصص الإيرادات المتحققة من تأشيرة الدخول إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة لعام 2012 لخدمات الزائرين والبنى التحتية.