تعيش عائلة سورية تتألف من 26 فردًا في شاحنتين على أطراف مخيم للاجئين في شمال سوريا. وهرب محمد حسن وعائلته من قريته في حماة التي قصفتها قوات النظام لعدة أيام مدمرة معظم منازلها.


لندن: اتخذ محمد حسن و26 من أفراد عائلته الحوض الخلفي لشاحنتي بك آب مضعضعتين سكنًا لهم على أطراف مخيم لاجئين في شمال سوريا.

ومنذ أن نزح حسن هربًا من قصف قوات النظام السوري لقريته في محافظة حماة في شباط (فبراير) ومعه والدته وخالته واخوانه واخواته الخمس و19 طفلا تتراوح أعمارهم بين 14 سنة و4 أشهر ينام الجميع على أرضية الحوض المعدنية الباردة للشاحنتين، وبذلك يكون ثلاثة أجيال محشورين تحت بضع بطانيات تكرم بها محسنون، تحميهم قطعتان مهلهلتان من الغطاء المشمع.

وتوخيا للدقة فإن حسن (27 عاما) وشقيقه ينامان في الخارج لأن المكان لا يتسع لهما ولكنه لا يتذمر. وقال حسن لصحيفة التايمز quot;إنه على الأقل مكان آمن. وان تكون حيًا هنا أفضل من أن تكون ميتًا في بيتكquot;.
وما إن انهى كلامه حتى مرت سيارة إسعاف تطلق صفارتها لنقل مزيد من المدنيين أو المقاتلين الجرحى الى تركيا للعلاج.

وكانت قوات النظام السوري قصفت قرية الغرب التي يسكنها حسن على بعد 80 كلم من مدينة حماة لعدة أيام مدمرة العديد من منازلها. وبعد ليلة من القصف الاستثنائي بشدته وسقوط قذائف على بعد امتار من منازل آل حسن قرر افراد العائلة الفرار بسرعة حتى انهم لم يأخذوا من متعلقاتهم سوى بطانيتين.

وأمضوا ست ساعات على الطريق متوجهين بشاحنتيهما شمالًا في رعب من طائرات النظام التي لا تتورع عن قصف سيارات اللاجئين. وتعين عليهم الالتفاف على حواجز تفتيش وتجنب المرور في قرى شيعية أو علوية تحسبا لينضموا الى قافلة من السيارات العتيقة المحملة بالمدنيين الهاربين من القتال في محافظات حمص وحماة وحلب وادلب.

وكان حسن يأمل في إيصال عائلته الى برّ الأمان في تركيا ولكنه وجد الحدود مغلقة بعد ان استقبلت تركيا 185 الف لاجئ رسمي وآلافا من اللاجئين غير الرسميين. وتجمع زهاء 15 الف شخص شردتهم الحرب في مخيم ضخم انبثق العام الماضي على بحيرة من الأوحال خارج بلدة عتمة. وأُقيم مخيم آخر يضم 4500 لاجئ على الجانب الآخر من عتمة قبل شهرين وسرعان ما ازدحم هو الآخر باللاجئين فأُقيم مخيم كبير ثالث قرب قرية قار.

منازل بدائية

وتوجهت عائلة حسن الى مخيم رابع قرب معبر باب الهوى الحدودي أُقيم على أرض محطة تعبئة قبل تسعة أيام. وكان المخيم مكتظا باللاجئين، 25 منهم في كل خيمة ونحو 4000 لاجئ اجمالا.

وكانت 30 عائلة تنام في المسجد وعائلات أخرى في أكشاك محطة التعبئة. وكان هناك مكان بالكاد يكفي لانضمام شاحنتي آل حسن الى طابور من السيارات والعربات الأخرى التي اصبحت منازل بدائية للنازحين بأعداد كبيرة من النساء والأطفال.

ولا توجد في المخيم كهرباء أو مرافق صحية أو ماء صالح للاستهلاك البشري. وليس فيه مدرسة أو عيادة طبية أو أي خدمات أساسية سوى مسجد موقت. ولكن لم يتبق لدى العائلة النقود لشراء الطعام وهم يعتمدون على ما يوزع من أغذية.

quot;مخيم خمسة نجومquot;

المكان بائس والظروف مزرية ولكن حسن يسميه quot;مخيم خمسة نجومquot; لأنه أُقيم على أرض صلبة وليس على بحيرة من الأوحال. وأضاف حسن قائلا لصحيفة التايمز إنه لن يعود الى بيته لأن قريته دُمرت.

طلب حسن خيمة قد يطول انتظاره لها. فان وكالات الغوث التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الانسانية الدولية تعمل في مناطق تخضع لسيطرة النظام وفي بلدان الجوار التي استقبلت حتى الآن نحو مليون لاجئ وما زال 6000 لاجئ يتدفقون عليها كل يوم.

ولكن هذه الوكالات والمنظمات تتجنب المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في شمال سوريا بسبب المخاطر ولأن النظام سيمنعها من العمل في مناطقه إذا عملت في مناطق المعارضة ايضا.

وحاول الهلال الأحمر السوري إرسال شاحنات محملة بالملابس والبطانيات الى مخيم عتمة مؤخرًا. ولكن المحاولة كانت اقرب الى الكارثة. فان بعض اللاجئين ينظرون الى الهلال الأحمر السوري على انه أداة بيد النظام.

وقبل ايام على وصول شاحناته انفجرت سيارة مفخخة يُشتبه اعوان النظام بزرعها عند معبر باب الهوى الحدودي واسفر انفجارها عن سقوط قتلى وجرحى. وابدى اللاجئون مخاوف من ان تكون شاحنات الهلال الأحمر ايضا مفخخة. ورغم كل البؤس الذي يعيشون فيه فانهم طوقوا قافلة الهلال الأحمر وأجبروها على الفرار.