يحلل الغرب الوضع اللبناني من زاوية استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فيُجمع محللوه على أن الاستقالة تدخل لبنان في أزمة هي الأسوأ منذ بدء الأزمة في سوريا، وتأتي على خلفية شعور سنّي بالحرمان من أي نفوذ سياسي في بلد يسيطر حزب الله على مفاصله.


جاءت الاستقالة التي تقدم بها ليلة الجمعة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، خطوة يحتمل أن تلقي بالبلاد في أكثر أزماتها السياسية عمقًا، منذ الفوضى التي اندلعت في الجارة سوريا قبل عامين، وما زالت تطغى على المشهد السياسي في المنطقة.

وقد دعا ميقاتي عقب إعلان الاستقالة إلى حوار يفتح الطريق أمام تشكيل حكومة إنقاذ، تمثل القوى السياسية كافة في لبنان، وتأخذ على عاتقها مسؤولية إنقاذ البلاد.

حرمان سنّي
في مستهل تقرير تحليلي لها بهذا الخصوص، أكدت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية أن الإعلان عن تلك الاستقالة جاء وسط إخفاقات متتالية في طريقة تنظيم الانتخابات المقررة في أواخر العام الحالي، وبعد امتناع مجلس الوزراء عن التمديد للواء أشرف ريفي، الذي يشغل منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي في لبنان، والذي يحال إلى التقاعد في بداية نيسان (أبريل) المقبل. ورأت الصحيفة أن مصير ريفي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتوترات التي عصفت بلبنان خلال العامين الماضيين.

ومضت الصحيفة تقول إن شرائح من السكان السنة في لبنان بدأوا يشعرون بأنهم محرومون بشكل متزايد من النفوذ السياسي الذي يتمتع به حزب الله وحلفاؤه، الذين يهيمنون على الحكومة منذ العام 2011، وكذلك على المؤسسة الأمنية.

تفاقمت تلك التوترات بسبب الحرب الأهلية في سوريا، التي حرّضت تمردًا سنيًا ضد نظام الأقلية العلوية المتمثلة في نظام الرئيس بشار الأسد، الذي تربطه علاقة قوية بحزب الله.

وبالرغم من أن حزب الله هو من رشّحه لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية، بعد الانقلاب على الحكومة السابقة، التي كان يرأسها سعد الحريري، إلا أن ميقاتي حاول أن يسلك مسارًا محايدًا إلى حد ما في هذا المناخ الاستقطابي، وسعى إلى انتهاج سياسة الانفصال عن الصراع السوري باعتماد مبدأ النأي بالنفس، حتى في الوقت الذي بات فيه طرفا الانقسام السياسي في لبنان أكثر انخراطًا فيه.

خلاف حكومي داخلي
أما واشنطن بوست الأميركية فأشارت في تقرير لها حول الموضوع نفسه إلى أن استقالة ميقاتي جاءت بسبب خلاف حكومي داخلي، يهدد بترك فراغ كبير في المناصب العليا في الدولة، في وقت ترتفع فيه وتيرة التوتر، وتتواصل فيه أعمال القتال بشكل متقطع، نتيجة الحرب الأهلية المشتعلة في سوريا منذ قرابة العامين.

وأضافت الصحيفة أن قبول رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان استقالة ميقاتي سيفتح الطريق أمام جولة جديدة من المناورات السياسية، في الوقت الذي تسعى فيه الكتل البرلمانية إلى بناء تحالفات متينة من أجل اختيار رئيس وزراء جديد. وفي واشنطن، قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية، إنهم يراقبون الوضع في لبنان بعناية شديدة.

وتابعت نولاند تقول: quot;نرى أن الشعب اللبناني يستحق حكومة تعكس تطلعاته، وتعمل على تعزيز استقرار لبنان وسيادته واستقلاليته، ولدينا بالفعل مخاوف كبيرة بشأن الدور الذي يلعبه حزب اللهquot;.