الثورة التي عولّت عليها المرأة المصرية لتمنحها مزيدًا من الحقوق جاءت بنتائج عكسية بحقها فها هي تعزل سياسيًا عن البرلمان، وتباع القاصرات في سوق الزواج، وبعدما كانت شريكًا أساسيًا في ميادين 25 يناير أمست في ظل حكم الإخوان سلعة للمتعة وأداة للتنظيف فقط.


وقفت النساء جنباً إلى جنب مع الرجال في ميدان التحرير عام 2011 في ثورة يناير، التي نجحت في الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك. واليوم تنضم النساء إلى حركة المعارضة في الشوارع للهتاف ضد الدستور الجديد، الذي سحق آمالهن وحقوقهن، وشرّع زواج الفتيات اللاتي يبلغن من العمر 13 عاماً.

بعدما كانا يداً واحدة ضد الديكتاتورية والظلم، اتسعت الهوة بين الجنسين في مصر، لا سيما في ظل الدستور الجديد، الذي يمنح الرئيس محمد مرسي صلاحيات جديدة أثارت خلافات عميقة في البلاد.

الثورة مستمرة في مصر ما بعد الربيع العربي، ولكن النساء من كل الطبقات وجدن أنفسهن أكثر نفوراً بعدما تم إبعادهن عن الحكم وأصبحن عرضة لعدد من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والتحرش.

عزل سياسي
عُزلت المرأة عن الحصص البرلمانية من دون مناقشة، كما حُرمت من موقع نائب الرئيس، الذي وعدت به، فكانت نتيجة الثورة مخيّبة للآمال. وتفاقمت هذه المشاعر بعدما احتل زواج القاصرات واجهة الآفات الاجتماعية، وتم وضع مشروع قانون من شأنه أن يسمح بخفض السن القانونية للزواج من 18 حتى 13 عاماً، في حين يقول رجال الدين داخل جماعة الإخوان المسلمين إن زواج البنات في سن التاسعة أمر مقبول شرعاً.

للجنس وتنظيف الأرض!
quot;الإخوان يعتبرون أن المرأة تصلح فقط للجنس وتنظيف الأرضquot;، قالت فاطمة (24 عاماً)، وهي خريجة هندسة، تسير مع صديقاتها بحذر، خوفاً من الرجال، الذين يحومون حولهن على الدراجات النارية.

وأضافت: quot;إنهم يريدون الزواج منا في التاسعة من العمر. هل هؤلاء هم الرجال، الذين نريد منهم أن يحكموا البلاد؟، المهووسون جنسيًا بالأطفال؟quot;.

كان التقدم السياسي في مصر خجول للغاية. والآن تم تأجيل الانتخابات البرلمانية، التي كان من المقرر أن تجري في نيسان/أبريل. وما زاد الإحباط هو أن العملية الانتخابية تأجّلت إلى أجل غير مسمى.

زواج الأطفال
النساء في مصر يعشن حياة مقيدة، ويتخوفن من أنه سيتم اتخاذ إجراءات تضطهدهم، وتساهم في تهميشهم أكثر فأكثر من قبل الحكومة المتطرفة. زواج الأطفال أمر شائع في الأحياء المصرية الفقيرة، إضافة إلى رشوة الأطباء لتوقيع وثائق تزور عمر الفتيات القاصرات وتفيد بأنهن 18 عاماً.

لكن معظم الناس ليس لديهم المال حتى للمضي قدماً في الزواج، فيعطون بناتهن القاصرات من دون تسجيل، مما يعني أنه لن يكون بإمكانهن تسجيل أطفالهن، فتكون النتيجة جيل كامل جديد غير شرعي وغير قادر على دخول المدارس والتعلم، وبالتالي المزيد من الفقراء والعاطلين.

أسماء محمد فوزي (21 عاماً) كانت مخطوبة عندما كانت تبلغ 15 عاماً، لكن عائلتها سمحت لها بكسر الخطوبة بعدما توفيت صديقتها أثناء الولادة.

لا أريد أن أموت
وقالت: quot;عندما توفيت صديقتي آية كنت خائفة وحزينة للغاية، وأنا محظوظة جداً، لأن والدتي وافقت على فسخ الخطوبة. أنا لا أريد أن أموت أو أنجب أطفالاً لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسةquot;.

وقالت والدتها ناغزاكي عبد الله (47 عامًا) إنها خافت أن تنزف ابنتها حتى الموت، وألا يتمكن الأطباء من علاجها، لأنها تزوجت بطريقة غير شرعية. وأضافت إن quot;الفتيات لسن على استعداد للولادة أو إقامة علاقات جنسية، مما يجعل أزواجهن يفقدون الصبر معهمquot;.

الصغيرة... للتحكم بها!
في الشارع مجموعة من الشبان، الذين يقولون إنهم يفضّلون الزواج بفتيات، من ضمنهم عبد الرحمن (17 عاماً)، الذي قال إنه يريد الزواج بفتاة صغيرة quot;لأنها ستبقى جميلة وشابة عندما أكبر في السن، كما يمكنني التحكم بها لأنها صغيرة السنquot;.

وجهات نظرهم هذه ليست مفاجأة لمنى واصف حسين (26 عامًا)، التي تعمل في منظمة حقوقية في القاهرة. وقالت: quot;لمدة 18 يوماً وقفنا في ميدان التحرير، جنبًا إلى جنب، الرجال والنساء والمتعلمين وغير المتعلمين، الأغنياء والفقراء. كنا نهتف لمصر، ونطالب بالحريةquot;.

أما الآن، فتشير منى إلى اتساع الفجوة بين الرجال والنساء في البلاد، فأصبحت المرأة في مصر تقاتل فقط من أجل الحق في السير في الشارع من دون التعرّض للاعتداء.