أدلى الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي بتصريحات مثيرة للجدل في قطر حول المعارضة في بلاده، فأثار غضب مناوئيه الذين أعدوا لائحة لسحب الثقة عنه ستعرض قريبا على المجلس التأسيسي، وإن كانت فرص تمريرها صعبة للغاية.


مجدي الورفلي من تونس: تتصاعد أصوات المعارضة من داخل المجلس التأسيسي في تونس، للمطالبة بإعفاء الرئيس المنصف المرزوقي من مهامّه، في خطوة رأت فيها الكتل النيابية للأحزاب المشاركة في الحكومة تصيّدا للأخطاء ومحاولة لإدخال البلاد في حالة اللاإستقرار، خاصة في وضع دقيق كالذي تمرّ به تونس من تهديدات إرهابيّة وتحدّيات إقتصاديّة وإجتماعيّة.

وأعلنت المعارضة داخل المجلس التأسيسي المكلّف بكتابة الدستور عن حشدها لتوقيعات النوّاب في عريضة تهدف لإعفاء الرئيس محمّد المنصف المرزوقي على خلفيّة تصريحات أدلى بها لأحدى القنوات الفضائيّة، رأت فيها الأحزاب المعارضة دعوة لممارسة العنف ضدّها وتصديرا لشؤون داخليّة بلد إلى أجنبي طالما اتهمته بمحاولة إدخال البلبلة في تونس.

وأدلى المرزوقي بتصريحات لقناة الجزيرة القطرية قال فيها إنه في حال quot;قرر أقصى اليسار والعلمانيون الوصول إلى الحكم بطريقة غير ديمقراطية، سواء بالإضرابات أو العنف أو الانقلابات، فإن المشانق ستنصب لهم.quot;

وقال نواب موقعون على اللائحة نشر جزء منها بموقع وكالة الأنباء التونسية إن تصريحات المرزوقي تمثل quot;قطعا واضحا مع القيم الديمقراطية والانتقال السلمي للسلطة.quot;

وقال النائب عن quot;الجبهة الشعبيةquot; المعارضة، منجي الرحوي إن quot;المرزوقي رهينة بيد (رئيس حزب حركة النهضة راشد) الغنوشي وقصر قرطاج الذي دخله ليس دفاعا عن قضية وإنما لمجرد تحقيق أحد أحلام الطفولة.quot;

ويشترط القانون المؤقت المنظم للسلطات الذي يطلق عليه في تونس quot;الدستور الصغيرquot; تصويت ثلثي أعضاء المجلس التأسيسي لسحب الثقة من الرئيس.

الرئيس المرزوقي من جانبه، لم يفوّت فرصة حوار إذاعي لوصف العريضة، التي أمضى عليها عشرات النوّاب داخل المجلس التأسيسي لإعفائه من مهامّه، بالتهريج ومحاولة التشويش على قانون تحصين الثورة، الذي يهدف لعزل رموز نظام بن علي عن المشهد السياسي لمدة 7 سنوات.

وأكد المرزوقي أن رئيس المجلس التأسيسي، مصطفى بن جعفر، نفى وصول أي عريضة لإعفائه إلى رئاسة المجلس أو مكتب الضبط التابع للبرلمان.

مللنا الرئيس

سمير بالطيّب نائب بالمجلس الوطني التأسيسي عن حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (معارض)، قال لـquot;إيلافquot; quot;عريضة إعفاء الرئيس من مهامه ليست بدعة بل ممارسة أقرّها النظام المؤقت للسلطات العموميّة، وسنستعملها إضافة إلى أنها إحدى الآليات الديمقراطية للرقابة ولا تستهدف الشخص بل أقواله وأفعالهquot;.

أوضح النائب أنّه لم يتم بعد تحويل العريضة إلى رئاسة المجلس وأنهم يتفاوضون مع بعض النوّاب الذين سحبوا توقيعهم من العريضة، مؤكدا أنها ستُعرض خلال اليومين القادمين باعتبار أن الأسبوع الماضي تم تقديم عريضة سحب ثقة من وزيرة المرأة سهام بادي.

وأشار بالطيّب إلى أن المعارضة قدمت لائحة سحب ثقة من الحكومة ودافعت على صلاحيات رئيس الجمهوريّة حين قامت الأزمة بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهوريّة بسبب ملف رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي الذي سلمته تونس الى السلطات الانتقالية في ليبيا بشكل مثير للجدل.

أضاف: quot;المسألة ليست استهدافا لشخص رئيس الجمهوريّة، بل على خلفيّة تصريحاته لقناة أجنبيّة والتي اعتبرنا أنها تتضمّن تقسيما للتونسيّين وتبشيرا بالمشانق وتهديدا للمعارضة وطلب لودّ حركة النهضة في حملة انتخابية مبكرة أطلقها من خارج البلاد بمال دافعي الضرائبquot;.

وتعليقا على وصف الرئيس المرزوقي لعريضة إعفائه من مهامّه بquot;التهريجquot; تساءل سمير بالطيّب: quot;هل انا مطالب بالإجابة على مثل هذا الكلام؟ هل يعقل أن يدلي رئيس جمهورية بمثل هذه التصريحات؟quot;

وأردف قائلا: quot;مللنا من تصرفات المرزوقي وكلامه، إذا كان الرئيس غير عاقل فسنتحلّى نحن بالرصانة ولن نجيبquot;.

من حقّنا التوظيف

من جانبه قال رئيس الكتلة الديمقراطيّة بالمجلس الوطني التأسيسي محمّد الحامدي لـquot;إيلافquot;: quot;السيد الرئيس يواصل نفس السياسة السّيئة المتمثّلة في الخلط بين الانتماء الحزبي والدّولة، فالتصريحات التي أدلى بها تفرّق بين التونسيّين وتهدّد صورة البلاد، ولهذا نطالب بإعفاء السيّد الرئيس من مهامّه طبقا للفصل 13 من التّنظيم المؤقّت للسّلطات العموميّةquot;.

أضاف: quot;في السياسة للمعارض أن يعارض ومن حق المعارضة التّوظيف، بقطع النّظر أن تصريحات المرزوقي تعدّ ضدّ تمشّي مؤسّسة الرئاسة التي يجب أن تكون مؤسّسة لكل التونسيّين وليس لأنصار الأحزاب الحاكمة فحسبquot;.

وينص الفصل 13 من التنظيم المؤقت للسلطات العموميّة في تونس (الدستور الصغير) على أنّه quot;يمكن للمجلس الوطني التأسيسي أن يعفي رئيس الجمهورية من مهامه بموافقة الأغلبية المطلقة من أعضاء المجلس على الأقل بناء على طلب معلّل يقدّم لرئيس المجلس من ثلث الأعضاء على الأقلquot;.

ووفقا للفصل ذاته فإنه quot;على المجلس في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ الإعفاء أن ينتخب رئيسا ويتولى رئيس المجلس الوطني التأسيسي مهام رئاسة الجمهورية طيلة الفترة الممتدة من الإعفاء إلى انتخاب رئيس جديدquot;.

إرباك سياسي

في المقابل، يرى النائب عن حركة النهضة زياد العذاري أن تنحية رئيس الجمهورية من مهامه يدخل البلاد في حالة من الإرباك السياسي وأن عريضة التنحية قرار خاطئ في توقيته وخلفيّاته وتبعاته.

وقال لـquot;إيلافquot;: quot;هذه الخطوة سيكون لها نتائج سلبية على الاستقرار والاقتصاد، لذا قد أختلف مع رئيس الجمهورية في تصريحاته أو أدائه ولكن هذا لا يعني إدخال البلاد في حالة عدم استقرار أو حتى الإيحاء بذلكquot;.

نعم، أخطأ

النائب الإسلامي زياد العذاري لم ينكر أن تصريحات المرزوقي ليست في محلّها، وقال: quot;أعتقد أن رئيس الجمهوريّة قد أخطا في تصريحاته خارج البلاد، فما كان يجب أن يتعرّض إلى الاختلافات الداخليّة بين الحكومة والمعارضة، ولم يوفّق في اختيار العبارات ولا أعتقد أنّه يجب الرّد بجر البلاد نحو التوتّرquot;.

مارسوا الرياضة !

الأمين العام المستقيل من حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة، حزب الرئيس المرزوقي، محمّد عبو علّق مستهزئا على عزم المعارضة تنحية الرئيس قائلا: quot;ليس من المعقول أن يطالب البعض بتنحية رئيس لمجرّد إدلائه بتصريحات إعلاميّة لم تعجبهم، وأنا أنصحهم بالتحلّي بشيء من العقلانيّة وبممارسة بعض الرياضة إذا كان لديهم ضغط نفسيquot;.

ويرى عبّو أنه ليس من مصلحة تونس بجميع فئاتها تنحية رئيس الجمهوريّة خاصة في الوضع الدقيق الذي تعيشه البلاد، على حد تعبيره.

نواب وقّعوا... ثم تراجعوا

في ذات السياق سحب 7 نواّب من كتلة العريضة الشعبيّة توقيعهم من عريضة إعفاء رئيس الجمهوريّة من مهامّه.

وأوضحوا في بيان اطلعت عليه quot;إيلافquot; أن كتلة العريضة الشعبيّة سحبت تأييدها للعريضة الداعية لإعفاء الرئيس المرزوقي من مهامّه بسبب تأييد نواب المعارضة لـquot;السياحة الحزبيّة ومساندتهم لتغيير نائب المجلس التأسيسي لكتلته أو الحزب الذي أنتخب ضمنهquot;.

ويحتاج إعفاء الرئيس من مهامّه إلى تصويت 109 نواب من بين 217 نائبا قبل ان يتم اقراره.