يقول الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إن توحيد قوات الإمارات المسلحة كان ثاني أكبر التحديات التي واجهها آباؤنا المؤسسون بعد التحدي الأول لما اعتبره كثيرون أمرًا مستحيلاً وهو قيام الاتحاد.


دبي: تحتفل دولة الإمارات اليوم السادس من مايو بالذكرى الـ37 لتوحيد قواتها المسلحة في عام 1976. وقد شهدت القوات المسلحة الإماراتية خلال السنوات الماضية عمليات تحديث جذرية أحدثت نقلة نوعية كبيرة في أدائها، كمًا وكيفًا، في جميع أفرعها البرية والبحرية والجوية.
واحتفالاً بتلك الذكرى الـ37، قال الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات quot;إننا ونحن نحتفل بهذه الذكرى التاريخية نفتخر بأننا نستشعر الطمأنينة والأمن ونعتز بما أنجزته قواتنا في تاريخها العريق سلمًا وحربًا بفضل ما اكتسبته من قدرات ومهارات تجعلها قادرة على القيام بما يوكل إليها من مهام وواجبات سواء في مجال توفير المناخ الملائم للتنمية المستدامة أو في محيطها الإقليمي والخارجي وسنظل نفخر بأبنائنا في القوات المسلحة على مختلف رتبهم ومجالات عملهم، فهم قوة الوطن ودعامة الاقتصاد وحصن المجتمع وركيزة هذه المسيرة الخيرة بهم يتقدم الوطن ويزدهر وبجهودهم تظل الإمارات واحة للحياة الكريمة الآمنة المستقرةquot;.
مبينًا أن التمكن من تكوين قوة رادعة مجهزة بأحدث المعدات والأنظمة العسكرية وتقنياتها كان نتيجة إعداد وتنفيذ برامج تحديث دفاعية شاملة أهلت القوات المسلحة لصون تراب الإمارات.
وأكد الشيخ خليفة أن المنظومة الدفاعية لدولة الإمارات تتكامل مع منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربي والمنطقة العربية، وتتوافق معها في كل أهدافها. وأن الأحداث التي ألمت بالمنطقة قد أثبتت صدق هذا الارتباط بين الوطني والإقليمي والقومي.
طريق مليء بالصعاب والتحديات
من جهته، قال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي احتفالاً بهذه المناسبة: quot;أريد لأبنائنا وبناتنا الذين يفخرون اليوم بدولتهم ويعتزون بانتمائهم إليها وينعمون بثمرات تقدمها وتطورها أن يتذكروا أن طريقنا للوصول إلى ما نحن فيه لم يكن مفروشًا بالورود وإنما بالصعاب والتحديات.. وأن نجاحنا لم يكن ليتحقق لولا استعدادنا لتحمل المشاق ومواجهة التحديات والتغلب عليها واشتقاق الفرص منها بالعمل المخلص والدؤوب والمنظم والمستند إلى رؤية تستلهم مصالح الوطن والمواطنين وتستوعب الواقع وتنطلق منه وبه فتحول الأماني والأحلام إلى إنجازات ملموسة وحقائق معاشة ولنا في قواتنا المسلحة التي نحتفل بها اليوم النموذج والمثال الذي تجسدت فيه كل مقومات الرؤية القيادية الصائبة وكل متطلبات تنفيذها بإتقان وامتيازquot;.
ثاني أكبر التحديات
وأشار إلى أن quot;توحيد قوات الإمارات المسلحة كان ثاني أكبر التحديات التي واجهها آباؤنا المؤسسون بعد التحدي الأول، لما اعتبره كثيرون أمراً مستحيلاً وهو قيام الاتحاد.. وقد قهر آباؤنا التحديين فأقاموا دولة الإمارات العربية المتحدة وانطلقوا بها إلى أرحب الآفاقquot;. وأضاف أنه في مثل هذا اليوم منذ سبعة وثلاثين عامًا اتفقوا على توحيد قوات الإمارات، وكان الاتفاق إنجازًا ضخمًا بمقاييس الظروف والمعطيات التي كانت متاحة في السنوات الأولى من عمر دولة الإمارات.
مبينًا أنه بصدور القرار، رفع الآباء المؤسسون للدولة واقعها السياسي المحلي إلى مستوى آمالهم وطموحاتهم في بناء الدولة القوية المنيعة ووجهوا رسالة لكل من يعنيه الأمر في الداخل والخارج بأن دولة الإمارات العربية المتحدة الناشئة تتمتع بالحيوية اللازمة لتوطيد أركانها وتطوير نفسها.
وقال: quot;أتذكر أن الراحل الشيخ زايد قال لنا بعد أسبوعين من صدور القرار إن ما أنجزناه بقرار توحيد قوات الإمارات هو الجزء السهل في العمل الذي ينتظرنا، وكان ذلك في أول اجتماع للقيادة العليا للقوات المسلحة ترأسه الراحل الشيخ زايد في مقر القيادة يوم الثاني والعشرين من مايو 1976 وشارك فيه الشيخ خليفة بن زايد (نائب القائد الأعلى لقوة دفاع أبوظبي) آنذاك وأنا بصفتي (وزير الدفاع وقائد قوة دفاع دبي) آنذاكquot;.
وأضاف ابن راشد quot;في ذلك الاجتماع حدثنا قائدنا الأعلى عن رؤيته لبناء جيش وطني عصري وأبلغنا أنه سيتابع بنفسه عملية البناء.. وأكد على ضرورة تنويع مصادر السلاح وعدم الاعتماد على مصدر واحد، وقال إنه يتطلع إلى اليوم الذي تسد فيه صناعاتنا الوطنية جانبًا من احتياجاتنا العسكرية وطلب منا تكثيف جهود إعداد الكوادر والقيادات العسكرية الوطنية وأبلغنا أنه خلال جولاته الميدانية ولقاءاته مع شيوخ القبائل كان يحثهم على تشجيع أبناء قبائلهم للانضمام إلى القوات المسلحة والالتحاق بالمدارس العسكرية وأنهم استجابوا وأبدوا الرغبة والاستعداد وأمرنا سموه الشيخ خليفة وأنا بالاجتماع أسبوعياً لتسيير أعمال رئاسة الأركان التي أنشئت بموجب قرار التوحيدquot;.
إعداد الكوادر الوطنية
ومضى يقول quot;خلال الاجتماع وبعده أدركنا أن التحدي الأكبر الذي يواجهنا في عملية بناء قواتنا المسلحة هو إعداد الكوادر الوطنية في أسرع وقت ممكن كان النقص فادحًا والاحتياجات كبيرة في كافة الرتب فيما مواردنا البشرية المتاحة شحيحة وكنا ندرك أن توفير أنظمة التسليح واستكمال المنشآت العسكرية أمران مقدور عليهما خلال سنوات قليلة، بينما إعداد الكوادر يستغرق وقتًا وتكوين الرتب العليا والقيادات يستغرق وقتًا أطول، ولكن لابد مما ليس منه بد فكانت برامج التعليم والتأهيل والتدريب تسابق الزمن وتدفقت أفواج الخريجين والخريجات إلى كافة القوات وتدرجت إلى أعلى الرتب..quot;.
وتابع: quot;وها نحن اليوم ننعم بثمرات ملحمة الفوز في أكبر تحدٍ واجهناه في بناء جيشنا الوطني. وها هم أبناؤنا وبناتنا يقودون قواتنا المسلحة بكفاءة واقتدار ويشغلون كل الرتب ويديرون أحدث أنظمة التسليح وأعقد التقنيات العسكرية، إنهم أبناء الشيخ زايد ومحور رؤيته التي تحققت في جيش وطني على أعلى مستويات التنظيم والجاهزية والانضباط، ومعاهد عسكرية متخصصة تضاهي أرقى مثيلاتها في العالم، وبنية عسكرية تحتية عصرية..أما السلاح فمصادره متنوعة ومن بينها صناعاتنا الوطنية التي باتت تلبي جانبًا من احتياجات جيشنا وتصدر إنتاجها إلى دول أخرىquot;.
وفي نهاية حديثه، أكد ابن راشد أن مسيرة بناء القوات المسلحة الإماراتية تقدم نموذجًا ساطعًا لنهج دولة الامارات في العمل الوطني وإيمانها بأن المواطن هو غايته ووسيلته. مبينًا quot;لقد تواكب التنظيم العصري لجيشنا الوطني وتسليحه المتقدم مع بناء الكوادر الوطنية وتكوين القيادات ما مكننا خلال فترة قياسية من إنجاز التوطين الكامل لكل الرتب وفي كل الأسلحة والتخصصات وعلى خط موازٍ حققنا هذه المواكبة في ميادين ومجالات العمل الوطني الأخرى، وفي مقدمتها أجهزة الشرطة والأمن العام وهي تسير على طريق التحقق في بقية أجهزتنا ومؤسساتناquot;.
قوة ساحل الإمارات المتصالحة
وعن تاريخ القوات المسلحة الاماراتية، فقد تأسست المرحلة الأولى لها، وهي قوة ساحل الإمارات المتصالحة في 11 مايو 1951 بقرار ملكي رقم (1) لسنة 1951 من قبل حكومة المملكة المتحدة، وبعد مشورة حكام الإمارات المتصالحة، وقد أطلق عليها الإنجليز quot;قوة ساحل عمانquot;، والتي أصبحت تعرف بعد ذلك بـ quot;كشافة الإمارات المتصالحةquot; وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة وسرية إسناد وسرية اللاسلكي وسرية التدريب وسرية المشاغل والسرية الطبية والموسيقى العسكرية ومدرسة تعليم الصغار، وتمركزت قيادة القوة في بداية تأسيسها في معسكر القاسمية بإمارة الشارقة، ثم انتقلت إلى معسكر المرقاب لاحقاً، واتخذت من منطقة المنامة التابعة لإمارة عجمان مركزًا للتدريب.
وفي عام 1956 تغيّر اسم القوة إلى كشافة (TOS)، أي quot;كشافة ساحل الإمارات المتصالحةquot;. وفي 21 ديسمبر عام 1971 كانت بداية استلام القوة من الحكومة البريطانية، وتغيّرت من مسمى quot;كشافة ساحل الإمارات المتصالحةquot; إلى quot; قوة دفاع الاتحادquot;، وبعد أسبوع من هذا التاريخ سلمت الحكومة البريطانية قيادة القوة إلى وزير دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة.
قوة دفاع الاتحاد
تشكلت قوة دفاع الاتحاد في 27 ديسمبر 1971 بقرار من الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وعلى إثر تسليم الحكومة البريطانية لقوة ساحل الإمارات المتصالحة إلى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تشكلت قوة دفاع الاتحاد وأنيطت قيادتها والإشراف عليها بوزير الدفاع، وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة، سرية مدرعات العقرب، وسرية الإسناد، وسرية التدريب، وسرايا الخدمات الإدارية والفنية والموسيقى العسكرية ومدرسة الصغار العسكرية، وتمركزت قيادة القوة في معسكر المرقاب بإمارة الشارقة، واتخذت من منطقة المنامة بعجمان معسكراً للتدريب.
في عام 1971 بدأت مرحلة استلام وتشكيل قوة دفاع الاتحاد من الحكومة البريطانية. وتم تشكيل وزارة الدفاع وتعيين الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزيرًا للدفاع في ذلك الوقت. وفي عام 1974 تم تغيير مسمى quot; قوة دفاع الاتحادquot; إلى quot;القوات المسلحة الاتحاديةquot;.
القوات المسلحة الاتحادية
في عام 1974 وبقرار من وزير الدفاع تم تغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد إلى quot;القوات المسلحة الاتحاديةquot;، مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة لتواكب التحديث والتطوير في الدولة، مع إبقاء نفس الواجبات والمهام والتنظيم ومرتبات القوة البشرية والتسليح والمعدات ونفس مواقع التمركز لقيادة القوة والسرايا و مركز التدريب، وتكونت القوات من سبع سرايا مشاة، وسرية مدرعات العقرب، وسرايا الإسناد، وسرية المظلات، وسرية الأشبال، وسرية الأولاد.
وبقيت هذه القوات تحت إشراف وزارة الدفاع لدولة الإمارات، واستمرت بهذه التسمية حتى عام 1976، وبقرار توحيد القوات المسلحة تم تغيير مسمى وحجم القوات إلى لواء، وسمي quot;لواء اليرموكquot; وضم إليه قوة حرس الشارقة الوطني، والتي كانت بحجم كتيبة مشاة، ونظم لواء اليرموك ليضم ثلاث كتائب مشاة وكتيبة مدرعات العقرب، وتشكلت سرايا للخدمات الإدارية والطبية والإشارة والصيانة.
في عام 1974 تغيير المسمى من quot;قوة دفاع الاتحادquot; إلىquot;القوات المسلحة الاتحاديةquot;.
وفي عام 1976 تغيير مسمى القوات المسلحة الاتحادية إلى مسمى quot;لواء اليرموكquot;، واندمجت مع القوات المسلحة بعد قرار التوحيد، حيث ألحقت مباشرة بالقيادة العامة للقوات المسلحة. أما في عام 1978 فتم منح لواء اليرموك أقدمية الألوية وأصبح يسمى quot;لواء اليرموك الثالثquot;.
مرحلة توحيد القوات المسلحة 1976
كان لابد من أن يواكب قيام الاتحاد تطور كمي ونوعي في القوات المسلحة من وحدة صغيرة الحجم إلى قوة تضم كافة تشكيلات القتال والإسناد الناري والإداري لتتناسب مع دورها الجديد، وكان لابد لتحقيق ذلك من وجود قوات مسلحة موحدة تحت علم واحد وقيادة واحدة، ومن هنا جاءت الخطوة التاريخية بقرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة الإماراتية في 6 مايو عام 1976، وذلك في منطقة أبومريخة وبرئاسة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وبموجب هذا المرسوم رقم (1) لعام 1976 يكون رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزيرًا للدفاع، وتم تشكيل رئاسة للأركان العامة للقوات المسلحة، تتكون من رئيس الأركان وثلاثة مساعدين، الأول للعمليات، والثاني للإدارة، والثالث للإمداد والتموين.
وصدر القرار التاريخي لرئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم (1) لسنة 1976 في شأن توحيد القوات المسلحة الذي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمىquot; القيادة العامة للقوات المساحةquot; وقد شمل القرار إنشاء ثلاث مناطق عسكرية هي: المنطقة العسكرية الشمالية (القوة المتحركة برأس الخيمة سابقًا)، والمنطقة العسكرية الغربية ( قوة دفاع أبوظبي سابقا)، والمنطقة العسكرية الوسطى (قوة دفاع دبي سابقًا). وتم توحيد العلم العسكري والشعار والزي العسكري، وأعلام القادة على مختلف مناصبهم.
وفي عام 1978 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم (1) لسنة 1978 في شأن استكمال تنظيم القوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تم استكمال وحدة القوات المسلحة وإعادة تنظيمها بدمج القوات البرية والبحرية والجوية دمجًا كاملاً على جميع المستويات وإلغاء قيادات المناطق العسكرية وتحويلها قواتها إلى ألوية وتشكيلات عسكرية نظامية.
وتخويل القيادة العامة للقوات المسلحة سلطة السيطرة الكاملة على جميع القوات والتشكيلات البرية والبحرية والجوية أينما وجدت وربط هذه القوات والتشكيلات ربطًا مباشرًا بالقيادة العامة.