مع إصرار إثيوبيا على المضي ببناء سد النهضة، الذي قد يحد من كميات المياه التي تحصل عليها مصر، تدرس الأخيرة الخيارات العديدة ومنها العسكرية، لوقف هذا المشروع، ومنها كذلك الحرب بالوكالة من خلال دعم اريتريا، العدو اللدود لإثيوبيا.


القاهرة: في ظل إصرار إثيوبيا على المضي قدماً في بناء سد النهضة، ونظراً لما تراه مصر اعتداءً على حقوقها التاريخية في مياه نهر النيل، وتحت ضغوط الدعوات التي تطالب باتخاذ خطوات حازمة تجاه إثيوبيا، ومنها العمل العسكري، بات من الواضح أن مصر قد تقوم بعمل من النوع العنيف، ولكنه قد لا يكون تدخلاً عسكرياً مباشراً.

ووفقاً للخبراء العسكريين، فإن أمام مصر خمسة خيارات عسكرية أو عنيفة للرد على إثيوبيا، منها دعم المجموعات المسلحة المناهضة للنظام الحاكم، الذي يوصف بالإستبداد والقمع، شن حرب بالوكالة، من خلال دعم إريتريا، الجارة العدو لإثيوبيا، والتي تربطها علاقات قوية بمصر، دعم الحركات المسلحة في الصومال، وشن هجمات من خلالها على إثيوبيا، لاسيما أنهما على عداء كامل بعد أن غزت اثيوبيا الأراضي الصومالية خلال الأعوام الأخيرة أكثر من مرة، بدعم أميركي، توجيه ضربات عسكرية خاطفة، تخريب السد ومعداته من خلال قوات النخبة، وشن ضربات جوية إنطلاقاً من السودان.

وقد يلجأ الرئيس محمد مرسي، لاستخدام خطط عسكرية وضعها الرئيس السابق حسني مبارك، لتوجيه ضربات عسكرية مباشرة بالطائرات للسد أو الإستعانة بقوات النخبة لتخريبه، على طريقة الرئيس الراحل أنور السادات.

تحكم كلّي بحصة مصر

الأزمة التي تواجهها مصر شديدة، لاسيما أن السد الذي بدأت إثيوبيا بإنشائه، سوف يتحكم بكمية المياه التي تحصل عليها مصر بشكل كلي، وقال الدكتور عباس شراقي، الخبير المائي، لـquot;إيلافquot;: quot;النيل الأزرق الذي سوف تقوم إثيوبيا بإنشاء سد النهضة عليه، يعتبر أهم منابع نهر النيل، مشيراً إلى أن هذا السد يتحكم في الـ55 مليار متر مكعب وهي كامل حصة مصر من مياه النيلquot;.

ولفت إلى أن سعة السد ومواصفاته تغيرت بما يجعله يتحكم بمصير مصر، موضحاً أن أول تصميم له كان عام 1964 بواسطة مكتب استصلاح الأراضي الأميركي، وكان اسمه السد الحدودي، نظراً إلى أنه يقع على الحدود مع السودان، وكان ارتفاعه 84 مترا، وسعته 11 مليار متر مكعب، مشيراً إلى أن سعته التخزينية حالياً 74 مليار متر مكعب، ولفت إلى أنه يمثل خطراً ليس على مصر فقط، بل والسودان أيضاً.

ضربات عسكرية خاطفة

وحسب وجهة نظر اللواء مختار سعيد، الخبير العسكري، فإن أمام مصر عدة خيارات عسكرية، منها قيام قوات النخبة بشن عملية عسكرية خاطفة، لتدمير السد، إذا ما أصرت أثيوبيا على تجاهل الحقوق المصرية، وتهديد حصتها من المياه.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن الرئيس محمد أنور السادات سبق أن أطلق تهديدات كهذه شخصياً، عندما أعلنت إثيوبيا عن نيتها إنشاء السد في حقبة السبعينات، ما كان له أثر مباشر على إثيوبيا، وأعادت النظر في بناء السد.

ونبه إلىأن مصر أمام سيناريو آخر بدأه الرئيس الراحل أنور السادات أيضاً، موضحاً أن السادات عمل على احتواء واستضافة الحركات المسلحة المعارضة للنظام الإثيوبي، ومنها الحركة الشعبية لتحرير أريتريا، التي انتهت بإعلان استقلال أريتريا عن أثيوبيا رسمياً في بداية التسعينات، مشيراً إلى أن الحكومة الأريترية ما زالت على ولائها لمصر، ويمكن أن تستفيد السلطات المصرية من تلك العلاقات في توجيه ضربات أو إثارة القلاقل للنظام الأثيوبي، لاسميا أن هناك حالة من العداء بين الدولتين الجارتين.

دعم المعارضة المسلحة
هناك العديد من الحركات المسلحة المعارضة، المناوئة للنظام الإثيوبي المستبد، ويمكن لمصر دعمها، وإثارة القلاقل لإثيوبيا، ما يجعلها غارقة في مشاكلها الداخلية، ويصرفها عن إنشاء السد، وقال الخبير العسكري اللواء محمود عبد الرحمن، لـquot;إيلافquot; إن مصر يمكنها دعم حركات التحرر التي تعارض النظام الأثيوبي، مشيراً إلى أنه بإمكانها أن تستفيد من عداء الصومال لأثيوبيا، لاسيما بسبب الغزو الأثيوبي للأراضي الصومالية، أكثر من مرة، ولفت إلى أن إثيوبيا ليست في موضع قوة، ومصر ليست في موضع ضعف، لكن مصر تتبنى دائماً الخيارات السياسية أولاً، ولا يمكنها أن تقف مكتوفة الأيدي، حتى يتم تعطيش المصريين، وإهلاك الحرث والنسل.

مبارك خطط لضرب السد

وليست هذه الخيارات العنيفة المتاحة فقط أمام مصر، بل لديها خيارات توجيه ضربات عسكرية مباشرة للسد، وفقاً لتسريبات موقع ويكليكس، الذي نقل عن وكالة quot;ستراتفورquot; الإستخباراتية الأميركية، فإن الرئيس السابق حسني مبارك، ورئيس جهاز مخابراته الراحل اللواء عمر سليمان، كانا يدرسان بجدية توجيه ضربات عسكرية مباشرة للسد الأثيوبي.

وأورد الموقع نص وثيقة يعود تاريخها إلى 1 حزيران (يونيو) 2010 منسوبة لمصدر أمني مصري، لصيق الصلة بمبارك وعمر سليمان قوله: quot;الدولة الوحيدة التي لا تتعاون هي إثيوبيا، نحن مستمرون في التفاوض معهم، وبالوسائل الدبلوماسية، وبالفعل نحن نناقش التعاون العسكري مع السودان، لكن إذا وصل الأمر إلى أزمة، فسنقوم ببساطة بإرسال طائرة لقصف السد والعودة في اليوم نفسهquot;، ليس هذا هو الخيار العسكري الوحيد المباشر لضرب السد، حسب وثائق ويكيليكس، بل ذكر المصدر أيضاً: quot;أو يمكننا أن نرسل قواتنا الخاصة لتخريب السد، وتذكروا ما فعلته مصر في أواخر السبعينات، أعتقد أن ذلك كان في عام 1976، وقتها كانت إثيوبيا تحاول بناء سد كبير فقمنا بتفجير المعدات وهي في عرض البحر في طريقها إلى إثيوبياquot;.

وكشفت برقية أخرى تعود إلى تاريخ 26 آيار (مايو) 2010، أن مصر تتعاون مع السودان عسكرياً لضرب السد الإثيوبي، وورد فيها: quot;الرئيس السوداني عمر البشير وافق للمصريين على بناء قاعدة جوية صغيرة في منطقة كوستا لاستضافة قوات خاصة مصرية قد يتم إرسالها لتدمير السد على النهر الأزرقquot;.

الخيارات العسكرية واردة

الخيارات نفسها ما زالت متاحة، وكشف مصدر عسكري مصري لـquot;إيلافquot;، أن الرئاسة عقدت عدة إجتماعات مع مجلس الأمن الوطني، مشيراً إلى أن هذه الإجتماعات ضمت وزراء الدفاع والداخلية، ورؤساء الأجهزة الأمنية، لاسيما جهازي المخابرات الحربية والعامة، وقادة القوات الخاصة، إضافة إلى رئيس الوزراء ووزيري الزراعة والري.

وأضاف أن هذه الإجتماعات ناقشت جميع الخيارات بما فيها الخيار العسكري لضرب السد الأثيوبي، لافتاً إلى أنه سيكون الخيار الأخير في حالة إصرار إثيوبيا على تجاهل الملاحظات المصرية على السد. وحول طبيعة ذلك الخيار، قال المصدر، الخيارات المتاحة متعددة، لكن مصر لا تحبذ إستخدام القوة، وسوف تواصل العمل سياسياً ودبلوماسياً حتى النهاية.