الحرب في سوريا مستمرة، وتشير كل المؤشرات الدولية إلى أنها ماضية إلى أجل غير مسمى، في ظل عجز دولي حقيقي عن تحقيق حل سلمي يرضي جميع الأطراف، بالرغم من تعدد اللقاءات الأميركية الروسية، تحضيرًا لمؤتمر جنيف-2، الذي تتعقد فرص التوصل إلى اتفاق حقيقي حول جدواه.


بيروت: الحرب السورية مستمرة، النزف البشري فيها مستمر ليصل إلى أرقام مذهلة. فقد أعلن المرصد السوري لحقوق الانسان اليوم الأربعاء أنه تمكن من توثيق سقوط 100191 قتيلًا منذ سقوط أول قتيل في محافظة درعا في 18 آذار (مارس) 2011، وحتى 24 حزيران (يونيو) الجاري، أي خلال نحو 27 شهرًا من الثورة السورية.

وأحصى المرصد بين القتلى 36661 مدنيًا، و18072 مقاتلًا من المعارضة المسلحة، و25407 عنصرًا من جيش النظام السوري، مستندًا في معلوماته إلى شبكة واسعة من المندوبين والناشطين، وإلى المصادر العسكرية والطبية في سوريا.

عقدة بشار

ما يزال الكلام عن الحل السياسي في سوريا حبرًا على ورق، إذ ألمحت الولايات المتحدة بوضوح إلى أن مؤتمر جنيف-2 حول سوريا لن ينعقد في تموز (يوليو) المقبل كما كان متوقعًا، محملة النظام السوري وداعميه مسؤولية ذلك.

وقال باتريك فنتريل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية: quot;الوضع على الارض واستمرار النظام السوري في تجنب أي مشاورات يشكلان عقبة حقيقية أمام انعقاد هذا المؤتمرquot;.

وكان وزيرا الخارجية الاميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف وضعا تصورهما لمؤتمر جنيف-2، الذي يفترض أن يجمع ممثلين عن النظام والمعارضة السورية والدول المعنية بالنزاع، وقدما لهما موعدًا اوليًا في حزيران (يونيو) الحالي، قبل تأخيره حتى استكمال التحضيرات له.

ومن أهم مسببات هذا التأخير غياب التوافق الأميركي الروسي حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تطالب المعارضة بتنحيه عن السلطة، مع تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة تتالف من أعضاء من الحكومة الحالية وممثلين عن المعارضة.

غير أن الروس يرفضون ذلك. وذكر مصدر دبلوماسي مطلع على المفاوضات أن الروس والاميركيين مختلفون على تشكيلة هذه الحكومة، مع رفض الاميركيين أن يكون الاسد جزءًا منها، وتصميم الروس على أن خلاف ذلك.

لقاءات ثلاث

وفي الأول والثاني من تموز (يوليو) القادم، يناقش وزيرا الخارجية الاميركي والروسي الازمة السورية في بروناي، على هامش منتدى اقليمي يعقد هناك، ليكون هذا الاجتماع التحضيري الثالث، بعد المحادثات التي جمعت الثلثاء دبلوماسيين اميركيين وروس في جنيف، وبعد لقاء حصل في مطلع الشهر بين مبعوث الامم المتحدة للسلام في سوريا الاخضر الابراهيمي ونائبي وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف وميخائيل بوغدانوف ومساعدة وزير الخارجية الاميركي ويندي شيرمان.

وقال فنتريل: quot;لسنا متفقين على كل شيء، لكن الولايات المتحدة وروسيا متوافقتان على ان المخرج الوحيد لانهاء هذا النزاع يتمثل في حل سياسيquot;.

إلى ذلك، انتقدت سوزان رايس، السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة، موسكو وبكين لاعاقتهما صدور قرار عن مجلس الامن حول سوريا، معتبرة أن عجز المجلس عن التحرك بشكل موحد في الملف السوري وصمة عار اخلاقية واستراتيجية على سجله، وسيحكم عليه التاريخ بقسوة.

وصفة خراب

من جانبه، حذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني من تقسيم سوريا، لأن هذا التقسيم سيشكل وصفة للخراب في المنطقة بأسرها، ومن أبعاد مدمرة إن تحول الصراع السوري الى فتنة بين السنة والشيعة في المنطقة.

وقال العاهل الاردني في مقابلة صحفية الاربعاء إن سوريا المقسمة تعني نزاعًا مفتوحًا، يقوض الاستقرار في المنطقة ويعطل مستقبل أجيالها، quot;فالمساس بوحدة سوريا وصفة للخراب التامquot;.

واضاف الملك الأردني: quot;أحذر من أن التوسع في إذكاء نار الطائفية في العالمين العربي والإسلامي سيكون له أبعاد مدمرة على أجيالنا القادمة وعلى العالم، وأكثر ما نخشاه هو أن يتوسع الصراع في سوريا، ويتحول إلى فتنة بين السنة والشيعة على مستوى المنطقةquot;.

وأكد العاهل الاردني أنه لا يمكنه السكوت على محاولات العبث بمصير المنطقة وشعوبها، عبر استغلال الدين والمذاهب في السياسة واتخاذها وسيلة للفرقة، مطالبا بحل سياسي يشمل كل الاطراف في سوريا.

وتخوف الملك عبدالله الثاني من أن يقف الأردن عاجزًا عن تقديم المساعدة الإغاثية للاجئين السوريين، quot;وهذا يمثل نجاحًا لمساعي تصدير الأزمة السورية، ويجب أن لا نسمح بذلك إنسانيًا وسياسيًا، يجب ألا يتراجع الجهد والدعم الإغاثي، ويجب ألا يتوقف الضغط السياسي من أجل حل سياسي انتقالي شاملquot;.