شدد الثوار السوريون حصارهم على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في مدينة حلب المقسمة، ما أدى إلى خنق خطوط الإمداد واستنزاف المواد الغذائية الأساسية في بداية شهر رمضان الكريم.


بيروت: يفترض أن رمضان الكريم شهر السلام ووجبات الإفطار التقليدية، لكن حصار الثوار لبعض أحياء حلب التي يسيطر عليها الجيش يحوله إلى شهر الجوع. هذا التكتيك المثير للجدل أدى إلى ارتفاع موجة الغضب بين المؤيدين والمعارضين للثوار، إلى درجة أن سكان حي بستان القصر نظموا احتجاجًا يوم الثلاثاء عند نقطة تفتيش للثوار، معترضين على خنقهم إمدادات الطعام. وقال نشطاء محليون إن الثوار أطلقوا النار في الهواء لتفريق الاحتجاجات. quot;هذه ليست ثورةquot;، صاح أحد الشيوخ بالثوار في شريط فيديو نشر على الانترنت، مضيفًا: quot;هذا ظلمquot;.
تشابه الأساليب
النقص الغذائي في حلب حلقة واحدة فقط من حلقات المعاناة في العديد من المدن التي مزقتها الحرب في جميع أنحاء سوريا. لكنه يسلط الضوء على ممارسات بعض عناصر المعارضة المسلحة، التي ينظر إليها على أنها قمعية حتى من قبل مؤيدي الثورة، خصوصًا في المناطق التي يسيطرون عليها. شهد الدعم الشعبي بين السوريين للثوار انخفاضًا حادًا أثر على معنوياتهم، لا سيما بعد تعثر نجاحاتهم الميدانية مقابل انتصارات عدة سجلتها القوات الحكومية التابعة للرئيس بشار الأسد بمساعدة إيران وحزب الله وروسيا. سلوك الثوار المتشدد بدأ بتضييق الخناق على سكان حلب بعد فترة وجيزة من محاولتهم السيطرة على المدينة الاكبر في البلاد. واعتبرت صحيفة نيويورك تايمز أن الهجمات التي يشنها الثوار غير منسقة وألحقت أضرارًا بالغة في المدينة.

زاد الحصار الذي فرضه الثوار على الاحياء والبلدات من منسوب الاستياء الشعبي، إذ ازدادت شكاوى المدنيين من أن المعارضة تعتمد تكتيكات شبيهة بتلك التي ينتهجها النظام من خلال تعطيل الإمدادات الغذائية. العديد من الثوار يؤيدون هذا التكتيك، من ضمنهم المقاتل أنس من لواء التوحيد، واحد من أكثر الألوية المقاتلة تنظيمًا وتسليحًا في محافظة حلب الشمالية. وقال أنس للصحيفة عبر سكايب: quot;المناطق التي تقع تحت سيطرة النظام تعتبر مناطق عسكريةquot;، مضيفًا: quot;نحن لا نريد إرغام المدنيين على مغادرة، ولكن في الوقت نفسه نحن خائفون من تعرضهم للأذى خلال تحرير المدينة.quot;
تسهيلًا للهجوم البري
تنقسم حلب بين المناطق الحكومية وبين تلك التي يسيطر عليها الثوار. وعلى الرغم من خطوط التماس هذه، يعبر الناس بانتظام بين هذه المناطق للذهاب إلى عملهم أو زيارة أسرهم. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نقص الغذاء الشديد في بعض المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يضاعف أسعار اللوازم بشكل هائل، إن أمكن العثور عليها. ويقول الثوار إن هدفهم المباشر من هذا الحصار هو قطع إمدادات القوات الحكومية، لكن يبدو أن الحصار جزء من استراتيجية أوسع نطاقًا تهدف إلى إضعاف الدعم للحكومة والضغط على المدنيين في المناطق التي يسيطر عليها النظام. وتشير المعارضة المسلحة إلى أن هدفها إفراغ الجزء الغربي من حلب، وهو الآن موطن لنحو مليوني سوري، بهدف جعل الهجوم البري سهل التنفيذ من الناحية الأخلاقية. أبو الهيثم مقاتل في وحدة من بين تلك الوحدات التي تفرض الحصار على حلب، قال إن هدف الجيش الحر ليس معاقبة السكان بل عرقلة إمدادات الحكومة ودفع المدنيين للبحث عن ملجأ في مكان آخر، وفتح الطريق لهجوم بري.
أضاف: quot;الحصار لا يقتصر فقط على الطماطم والخيار، نحن نريد اقتحام المباني الأمنية، ووجود المدنيين يعرقل حركتناquot;.

تضرون الناس
بالنسبة للمواطنين، المسألة مسألة استمرار ليس أكثر. الحصار يجوعهم وكل ما يكافحون من أجله هو الطعام.
في الآونة الأخيرة، كانت امرأة تحاول عبور الجزء الذي تسيطر عليه الحكومة من المدينة عندما توقفت عند نقطة تفتيش تابعة للثوار. ورفض المقاتلون السماح لها بالعبور وهي تحمل أكياسًا من الفواكه والخضروات والأدوية، التي من الصعب العثور عليها بالقرب من منزلها على الجانب الآخر.
حاول شيخ مؤيد للثوار التوسط في الإشكال، فنصح المرأة بأن تأتي للعيش في القسم التابع للثوار من مدينة حلب، فأجابته ابحث لي عن منزل وسأفعل!
بعد أن تكررت مثل هذه الأحداث التي تم التقاطها على مقاطع الفيديو، فقد الشيخ صبره وواجه الثوار قائلًا: quot;أنتم تضرون الناس البسطاء، الناس العاديينquot;، فرضخ الثوار في نهاية المطاف وفتحوا نقطة التفتيش وسمحوا بعبور الغذاء.