قبل اكثر من سنة تبنت وزارة الشباب والرياضة ضمن السترايجية الوطنية لتنمية الشباب بالاتفاق مع الجهاز المركزي للاحصاء وصندوق الامم المتحدة للسكان (UNFPA) مشروع المسح الوطني للفتوة والشباب (NYS) في طول العراق وعرضه ومنه اقليم كردستان والذي ركز بشكل كبير على جوانب اساسية التي تخص الشباب في العراق للفئة (30-10) سنة من اجل الوصول الى قاعدة بيانات واسعة لتسهيل عمل متخذي القرارات الستراتيجية لبناء وتاهيل الشباب، لوضع خطط وبرامج اعلامية تحسن المعارف والمواقف والممارسات وفق اسس علمية عصرية صحيحة.

ان هذا الانجاز الكبير هو واحد من العشرات من الانجازات الشبابية المهمة في السنوات الثلاثة الاخيرة في وزارة الشباب والذي يعتبر ثمرة مباركة لتعاون علمي ملموس مع الجهات المذكورة اعلاه حيث ساهم في تعزيز القدرات الوطنية في تنفيذ هذا المسح المتخصص.

ان الهدف الاساسي من هذا المسح هو:ـ

ـ دراسة معارف ومواقف وممارسات الفتوة والشباب في العمر اعلاه خاصة بعد التحولات السياسية والاجتماعية التي مر بها العراق منذ 2003 وذلك بهدف رسم ستراتيجية وطنية واضحة للشباب تلبي متطلبات وطموحات هذه الفئة العمرية من السكان.

ـ توفير قاعدة بيانات حول الشباب لخدمة الباحثين والمخططين ومتخذي القرار وراسمي السياسات في اعداد الخطط والبرامج الصحية والاجتماعية والتنموية الرامية لتحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية.

ـ تقدير حجم القوى البشرية وقوة العمل من الشباب في المجتمع وتوزيعها حسب الخصائص ومعرفة حجم التشغيل والبطالة بالمجتمع والتعرف على خصائص واتجاهات العاطلين عن العمل من أجل متابعة المتغيرات في معدلات التشغيل والبطالة، ورسم السياسات ووضع البرامج اللازمة لمواجهة البطالة.

ـ دراسة العلاقة بين المهنة والتخصص العلمي والوقوف على أسباب عزوف الشباب عن العمل بالقطاع الخاص والحرف اليدوية، فضلا عن إيجاد قاعدة بيانات حديثة وتؤمن كافة المعلومات والإحصاءات اللازمة لإجراء مقارنات ورصد المؤشرات على المستوى المحلي والإقليمي والدولي مما يساعد على رسم سياسات المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل وذلك من خلال خطط واستراتيجيات سوق العمل

ان نتائج هذا المشروع الوطني** تعد تلبية للحاجة الوطنية لدمج الشباب في المشروع الوطني العراقي بحق والعبور لتحقيق الحقوق الطبيعية الى وتعزيز المكتسبات الوطنية فاذا نظرنا الى الاحصاءات التي نتجت عن مخرجات المسح والتي تثير التفاؤل هنا وتبعث على التشاؤم هناك، نجد ان الصورة ستكون واضحة وجلية في ان هذه الشريحة تطالب بالحق الادنـى من متطلبات عصرية من المؤسسسات الحكومية والدولية والاهلية وتريد ان تكون فاعلة في تحقيق منـجز مضاف ومن الواجب الاهتمام المباشر وعلى نطاق واسع مثلما يحتاج الـى تشريعات متعددة في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية.وعلى هذا الوفق فان مؤشرات الاستراتيجية تقوم على النهوض الاجتماعي للمجتمع العراقي اولا، والاهتمام المباشر، الجـدي بهذه الشـريحة المهمة ثانيا.

ان المتتبع المتخصص لمخرجات المسح الوطني للشباب يقطع الشك باليقين بان المؤشرات والنتائج الناجمة في اكثرها لا تبشر بخير وهذا جرس انذار يفرض على الدولة العراقية والمؤسسات القطاعية ومنها وزارة الشباب والرياضة تبني سبل واليات سريعة لايجاد التوازن في بعض النسب التشاؤمية التي قد يؤثر سلبا على كفة الميزان في تاهيل وتطوير وبناء الشاب ضمن الفترة المجدولة.

ونضع بعض التوصيات المهمة امام المعنيين في الدولة العراقية:

1ـ تطوير النظام التعليمي ( العام والعالي ) بما يعزز مصالح الفئات الشبابية ودورهم وحقوقهم في المجتمع، مع التركيز على رسالة الانسانية والوطنية والديمقراطية للشعب العراقي، ضمن نظام تعليمي يوازن بين الاحتياجات المجتمعية والطموحات الفردية للانسان في ظل مبدأ الحق في التعلم.

2ـ ايجاد فرص العمل والقضاء على البطالة وهذا يتم وفق ستراتيجية متفق عليها وتقوم المؤسسات الحكومية والاهلية بفتح التدريب والتاهيل لتعليم الشباب على انواع المهن والحرف الذي يحتاجها البلد في تنميته التكاملية نحو التطور وفق خططه الاستراتيجية.

3ـ رفع مستوى الوعي لواقع الفتيان والشباب الصحي والبيئي من خلال التاكيد على مكانتهم ضمن اولويات السياسات والخطط الستراتيجية الحكومية والاهلية بما يتلائم مع الحقوق الصحية والبيئية للانسان في المجتمعات المتطورة.

4ـ تعزيز علاقات الانسجام والحوار والتسامح والمشاركة في صنع القرار داخل الاسرة، وبناء اسرة تخلو من العنف والتمييز على اساس الجنس او العمراو الاعاقة او التوجه الفكري لافرادها.

5ـ تثبيت الاسس والقواعد في بناء الفتاة والمرأة وفق الدستور والمجتمع مع منهجية وآلية تنفيذ تحدد شكل العلاقة ضمن دائرة القيم الاجتماعية العراقية.

6ـ دعم المشاريع الشبابية الفردية والجماعية، التي تعمل على رفع القدرات الشبابية في المجال الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بشكل يكفل استثمار طاقات الشباب و مشاركتهم الفعالة في عملية التنمية المتكاملة ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.

7ـ دعم وإعادة تأهيل الأندية والمؤسسات الرياضية والثقافية ومساعدتها على القيام بالأنشطة المختلفة على اعتبار أنها أكثر الجهات تلمساً لاحتياجات الشباب المختلفة، ودعم الأنشطة الشبابية الترفيهية وتوفير حاضنات للشباب وإعادة أعمار دور السينما والمسارح وإنشاء مؤسسات شبابية تتوفر لديها الأماكن والإمكانيات التي تستطيع من خلالها تقديم خدمات الترفية والتربية السليمة للشباب كمدينة العاب وتسلية ومتنزهات عامة وأندية تربوية واجتماعية.

8ـ تشجيع الشباب على القراءة والمطالعة من خلال إقامة، وبناء شبكة من المكتبات العامة التي تتوافر فيها تجهيزات الحاسوب في المناطق والتجمعات ذات الكثافة السكانية الشبابية والعمل على دعم مبادرات الشباب في المجال الثقافي والمسرحي والفني بما يكفل الاستجابة لاحتياجات الشباب.

9ـ تطوير البرامج والخدمات المقدمة للشباب من قبل المؤسسات التي تعمل في قطاع الشباب باعتمادها مبدأ المشاركة في تحديد الاحتياجات والتخطيط ومن ثم التنفيذ، وأن تكون فئة الشباب ليست فئة مستهدفة فقط والاهتمام بمشاركة الشباب في صنع القرار، من خلال تنظيم الأطر الشبابية وتشكيل المنظمات الخاصة بهم، أو من خلال دعم تشكيل برلمان شبابي وهيئات شبابية ضاغطة ( وهذا ما تم فعلا ) والعمل على تنمية الممارسة الديمقراطية لدى الشباب والقيام بحملات توعية للشباب بحقوقه وتنظيم الرحلات والمخيمات الشبابية والكشفية والإرشادية العلمية والثقافية والرياضية

10ـ فتح الفرصة للشباب للمشاركة في المؤتمرات واللقاءات والاجتماعات والتعاون مع الهيئات المحلية والعربية والدولية التي تهتم بالشباب والطفولة وتساهم في تحقيق طموحاتهم والتواصل الثقافي مع الشباب في العالم، تشجيع الحوار الجاد وتعويد الشباب على ممارسة حرية الرأي والتعبير واحترام الغير، وسماع الرأي الآخر ورعاية الأفكار والأبحاث والدراسات واستقطاب المفكرين والمهتمين و أعلام الفكر لتبادل وجهات النظر بما يخدم الشباب والطفولة.

وزارة الشباب والرياضة التي تعتبرالجهة القطاعية المسؤولة في الشأن الشبابي اخذت على عاتقها مشاريع وطنية شبابية ستراتيجية ما كانت موجودة في اروقتها قبل اربع سنوات وكانت مقتصرة على الرياضة، واليوم بجهود كل ملاكات الوزارة والدعم الامحدود من دولة رئيس الوزراء وحكومة الوحدة الوطنية تحولت الوزارة الى وزارة سيادية تحمل مشروعا وطنيا واسعا وتنطلق انطلاقة مباركة لتفعيل الحركة الشبابية بكونها حركة التنمية والتطوير لبناء عراق ستراتيجي كبير ومن هنا لابد أن نعمل على الارتقــاء بالقطـــاع الشبابي فــي الـعراق وتعزيزمشاركتهــم السياسيــة وضمــان حقوقهــم المدنيـــة والسياسية وإحاطتهم باتفاقيات حقوق الانسان والحقوق المدنية والسياسية وموقف العراق منها، وترسيخ السلوكيات الايجابية والصحية للشباب العراقي وفي الوقت نفسه التأكيد على محفزات المشاركة فــــــي الانشطة الهادفــة والحث على تجنب العادات الضارة، والسلوكيات غير المحمودة.

ان الوزارة بهذه المدة القليلة من عمرها قد نفذت جملة من بنود وفقرات الستراتيجية الوطنية للتنمية الشبابية منها بناء بنى تحتية للمنشاءات الشبابية والرياضية بشكل واسع والتي وصلت الى اكثر من 400 مشروع ومنها مدينة البصرة الرياضي ومشروع المدينة الشبابية في بغداد وكذلك البرلمان الشبابي والذي ادخل اكثر من 250 شاب عراقي في معترك الحركة الشبابية المعاصرة وكذلك المشروع الوطني لاسكان الشباب لحل مشكلة السكن واطئة الكلفة ومشروع المرصد الشبابي والذي سيكون حافزا على تفعيل وتاهيل الافكار والمفاهيم الشبابية للحفاظ على الخط العام وعشرات المشاريع الاخرى واخيرا

وليس اخرا مشروع المسح الوطني لشباب العراق والذي نحن الان بصدده.

في الختام نقدم الشكر والتقدير والامتنان لكل الساعين لتنفيذ هذا المشروع الحيوي المهم واخص بالذكر وزارة التخطيط ndash;الجهاز المركزي للاحصاء وصندوق الامم المتحدة للاسكان وجامعة الدول العربية وبشخص رئيسها السيد عمرو موسى والخبراء الذين شاركوا في ابداء الرأي والمشورة ولاننسى دورالجنود المجهولين من وزارة الشباب والرياضة وكل من سعى في اخراجه وتنظيمه وترتيبه.

*وزير الشباب والرياضة العراقي

** بعض النتائج لمخرجات المسح الوطني اضعها بين ايدي المختصيين والباحثين للمنفعة العامة:

middot; إن (%6.2) من الشباب في عمر (10-30) سنة لم يسبق لهم إن التحقوا بالتعليم وتقل هذه النسبة بين الشباب الأصغر في عمر (10-14) سنة لتكون (%4.5) وتبلغ أعلى مستوى لها (%8.4) بين الشباب في عمر (25-30) سنة وكان رفض الأهل هو السبب الرئيس لعدم الالتحاق بالتعليم بنسبة (%39.2).

وأوضحت النتائج إن (%13.9) من الشباب في عمر (10-14) سنة لم يستكملوا تعليمهم، أما بين الشباب في عمر (15-24) سنة فتتجاوز النسبة النصف وكان السبب الأول لترك شباب الفئتين للتعليم هو عدم رغبتم في الاستمرار في الدراسة.