يحکى ان ثعلبا حالفه الحظ ليصبح ذات يوم شريکا للأسد في مايقتنصانه من الغابة، ومع ما کان يشاع من أن الثعلب هو لحجم و نوع الفرائس التي کان ملك الغابة يصطادها، لکن الاسد کان أيضا يستفاد کثيرا من مکر و دهاء الثعلب من خلال الحصول على أفضل و اسرع و أکثر الطرق إتقانا للإيقاع بالفرائس. وقد وصل دهاء و مکر العثلب الى إبرام إتفاق بين الاسد و بقية الحيوانات(المغلوبة على أمرها)، يقضي بموجبه ان يقوم الطرف الثاني بتقديم ضحية کل يوم للأسد کي يکف الاخير عن مباغتة و مهاجمة الحيوانات من دون سابق إنذار، وغالبا ماکنت تلك الهجمات تتسبب في تعرض عدد غير قليل من الحيوانات للجروح البليغة التي کانت تردي بهم في أغلب الاحيان، ناهيك عن أن الاتفاق کان يقي الحيوانات من الزئير المخيف للاسد و يمنح نوعا من الامان و الطمأنينة لصغارها. وقد کان الثعلب هو من يقوم بدور مستلم (الضحية اليومية). ومهما يکن، إستمرت هذه الشراکة وظل الثعلب متنعما من مختلف أنواع اللحوم حتى جاء ذلك اليوم الذي سقط فيه الاسد من منحدر عال و قضى نحبه من جراء ذلك، فصعق الثعلب لأنه تيقن من أن سريان هذا الخبر سوف يعيده الى سابق عهده حيث قضاء أياما من دون طعام، ومن هنا خطرت على باله فکرة بأن يخفي هذا النبأ عن الجميع و يظل يمارس لعبة استلام ضحية اليوم المقدمة للأسد. لکن الشهية و الطمع قد غلبا على الثعلب حتى أفقداه الصواب و المنطق إذ طفق يطلب أغلب الايام وجبات من الطيور نظير الدجاج و البط و الاوز و الديك الرومي و الدراج وماإليه، حتى دفع الحيوانات للتشکيك بالامر و مراقبته عن کثب واکتشاف الحقيقة التي کانت بمثابة نهاية ليست لوجباته السهلة وانما حتى لحياته!

تذکرت هذه الحکاية وانا أستمع الى التسجيل الصوتي للهارب من وجه العدالة عزة الدوري المعروف في الاوساط الشعبية العراقية بعزة أبو الثلج والذي بثته قناة الجزيرة القطرية حيث يدعو فيها القمة العربية التي إنعقدت في سرت بليبيا الى:(موقف تأريخي و حازم و شجاع بإستدعاء ممثلي المقاومة لتمثيل العراق و شعبه في المؤتمر و الجامعة العربيـة و الاعتراف بالمقاومة المسلحة و غير المسلحة) مطالبا ب(قطع العلاقات الدبلوماسية مع سلطة المحتل في العراق وإلغاء کل الالتزامات التي نشأت عن تلك العلاقات)، والحق قد يعترض البعض على أنه ليس هناك من رابط بين تلك الحکاية و بين رجل الظل(و الطائرات الورقية) في عهد دکتاتور العراق السابق، لکنني أجد ثمة ربطا من زاوية أخرى ذلك ان الدوري قد کان يقيم شراکة من نفس هذا النوع مع طاغية العراق صدام حسين، ولم يکن سوى شکلا من دون مضمون او تمثالا من دون روح و کان يقدم مختلف انواع الخدمات لولي نعمته کي يبقى راضيا عنه(وهو کان أفضل مايطمح إليه) و مازال هذا النمس المنمش يعيش و يستمر في اوضاعه الحالية بفضل من الطاغية المعدوم و ماسرقه ونهبه من أموال الشعب العراقي بالاضافة الى(شبکة خاصة جدا)من العلاقات مع مختلف الاوساط (الاستخبارية و المافيوية و الاجرامية وماإليها)، ويبدو ان هذا الهارب الازلي من وجه العدالـة والمتخفي في أقبية(دولة شقيقة)، مازال يراهن على فرص و حظوظ العودة الى السلطة ولو على ظهر سلحفاة او حتى عربة من دون عجلات و متصرفا کنعامة تخفي رأسها في رمال الزيف و الکذب و الدجل ذلك أن غالبية الشعب العراقي تتحرق شوقا لذلك اليوم الذي يزف إليها نبأ إعتقال هذا المجرم الهارب من وجه العدالة. تبقى هناك مسألة أخرى أجد ضرورة في طرحها، وهي ان الثعلب وعلى الرغم مايشاع عنه فإنه ظريف الى حد ما ويخطف البسمة من و الضحکة من الناس، ومن هنا فإنني أجد حيفا و جورا کبيرا في تشبيه هذا المجرم بذلك الحيوان الظريف ولو کان الضبع مکان العثلب في الحکاية أعلاه، لما وجدنا أي خلاف في اطلاق هذا التشبيه على عواهنه!