كنت قد كتبت سابقا عن موقف الدول الغربيه جميعها من مسألة النقاب بالتحديد وليس الحجاب .. لأن الحجاب الذي يكشف الوجه لا يتعارض مع التهديد الأمني الذي تواجهه أوروبا.. سواء كان هذا التهديد حقيقة ام باطل فإنه من حق الدول إتخاذ كل الإجراءات التي تعتقد بضرورتها لحماية أمن مواطنيها بما فيهم مواطنيها المسلمين .. وهو حق وواجب .. ولا أفهم لماذا كل هذه الضجه القادمه من العالم العربي والإسلامي حول هذا النقاب بالتحديد والدفاع عنه برغم علمهم بأنه ليس مفروضا في الإسلام .. وأنه شكل من أشكال المغالاة في الدين .. ولكن والأهم أنه رمز للإسلام السياسي الذي يهدد مصالحنا جميعا ..
المهزلة التي أشاهدها .. أن المرأة أصبحت تباع وتشترى وكأن لا رأي او خيار لها بين الطرفين .. كلاهما يستخدمها في صراعه مع الآخر.. فالدول الغربيه تحظر النقاب دفاعا عن حرية المرأه .. والعالم الإسلامي الذي يتشدق بالصحوة الإسلامية جعل نقاب المرأه احد أهم رموزها .. الفرق أن حقوق المرأه مكفوله في الأنظمه الغربيه .. بينما حقوقها مهدوره وغير معترف بها سوى نظريا في الأنظمه العربيه و الإسلاميه ..تحت شعار التمسك بالأخلاق والقيم ؟؟؟
سؤالي هو لماذا لا نوجه جهودنا في الدفاع عن الحريات المعدومه للمرأه والرجل في العالم العربي بدل الإنخراط المستمر في الدفاع عن النقاب ؟؟
لماذا لا نتساءل لماذا وكيف يتجرأ فقيه من فقهاء الدين في مصر على فتوى قد تؤثر في سير العمليه الإنتخابيه التي يتطلع إليها المصريون بشوق لا مثيل له للتخلص من نظام لم يتجدد ولم يحقق لهم ما يتطلعون إليه من عدالة إجتماعيه خلال ثلاثون عاما من وجوده في السلطه .. لماذا يأتي الفقيه محمد البدري وبالتحديد الآن ليقول بأن البرادعي خطر على الإسلام .. وذلك لأنه دعا لفتح محافل للماسونيين والبهائيين في البلاد .. وأن هذا يساعد على تدمير الإسلام وتخريب عقائده !!
سؤالي هو هل الإسلام هش لهذه الدرجه بحيث يهدده ويخربه وجود حريات دينيه لمواطنين من نفس البلد , المفروض وبحسب الإسلام أن لهم الحق في العداله .. وفي الحرية الدينيه . لماذا لم تتهدد الكنائس والمعابد الأخرى في كل العالم من وجودها قرب بعضها البعض .. في الهند وحدها مئات الديانات والمعابد .. ومع ذلك تقدمت الهند كدولة صناعية .. ولم تهدد هذه الديانات تقدمها الصناعي وإنتقالها من أكثر الدول فقرا وجوعا إلى مصاف الدول الصناعيه التي وفرت الكثير لمواطنيها بغض النظر عن دياناتهم .. أما العداءات التي رأيناها سابقا فقد انحصرت بين المسلمين والهندوس .. إضافة إلى حادثة إعتداء الهندوس أيضا على القريه المسيحيه .. ولكن سلطة الدوله.. وديمقراطيتها إستطاعت إحتواء هذه الصراعات ووأدها .. وبقيت مسيرة الهند الصناعيه بدون أن تتأثر بأي من عوائق إختلاف الديانات .. بل إن هذه العوائق هي التي نجحت في ترسيخ القبول الشعبي للمساواه في الحقوق على أنها الطريق الوحيد لضمان لقمة عيش للجميع وبالتالي رسّخت للديمقراطيه فيها ..
لماذا لا توجه الجهود الشعبيه لإستجواب أمين تنظيم الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي وفي محاولته إستمالة الرأي العام الأميركي لدعم الحزب الحاكم خوفا من فوز الإخوان أو فوز البرادعي لمّح على شبكة أخبار سي إن إن .. إلى أن البرادعي حليف الإخوان وقد يصل إلى الحكم من خلالهم .. وهو تلميح هدّام لحق كل منهما في الترشيح .. من أجل التعدديه !!!
وهو أيضا ما يتعارض مع الواقع .. ومع الفتوى ذاتها .. وهو ما يجب إيضاحه للقوى الشعبيه العامله على التغيير .. والعامله على زيادة وعي المصريين بمصالحهم .. وترك حرية القرار النهائي لهم ....
ثم والأهم أتمنى أن يستطيع الشعب المصري نفسه إيجاد التناقض الكبير بين الفتوى وبين هذا التلميح.. لأن هذه الفتوى تؤكد عدم دعم الإخوان له .. وأيضا دعمهم للحزب الحاكم خوفا على مناصبهم التي يضمنها هذا الحزب بغض النظر عن إنعدام العداله والفساد المستشري والظلم الذي يتعرض له المواطن الإنسان كل يوم ..
سيدي القارىء ..
من حق كل شعب أن ينعم بالحرية والعدل .. وكلاهما لن يتأتى بدون المساواة .. وبدون تغيير جذري في العقلية العربية التي ركنت إلى فقهاء الدين ..
سواء نجح البرادعي وهو ما أتمناه ..( ما كل ما يتمناه المرء يدركه) ... أو فشل .. فإن رياح التغيير .. رياح الحريه والإنعتاق من سلطة وهيمنة فقهاء الدين والنظم الإستبداديه ستصل إن عاجلا أو آجلا .. ولكن إطالتها تعني إطالة للظلم .. والتخلف .. نعم الطريق إلى الديمقراطيه يبدأ بالإعتراف بحق المواطن والآخر وكل الناس في كل ما يجدونه في صالحهم العام والظلم والقهر والتخلف ليس في صالح أي شعب .. هذا هو جوهر الديانات ...


باحثه وناشطه في حقوق الإنسان
Humanity-equality-democracy.blogspot.com