الحديث عن العلاقة بين دولة الامارات العربية المتحدة و إيران(في عهدي الشاه و الولي الفقيه)، سيقود و بصورة تلقائية الى موضوع الجزر العربية الثلاثة(أبو موسى و طنب الصغرى و طنب الکبرى)، والتي إحتلها نظام الشاه عام 1971، في ظل ظروف و اوضاع دولية حساسة و بالغة التعقيد إبان مرحلة الحرب الباردة بين القطبين الرأسمالي و الشيوعي.
ولئن سعت دولة الامارات العربية المتحدة و من خلال سياستها الحکيمة منذ أيام المغفور له سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وحتى اليوم، الى إتباع نمط وأسلوب هادئ ورزين يساعد على سيادة منطق الحوار و التفاهم المؤديين في أغلب الاحوال نحو مفترق السلام، لکن الشاه الراحل و من بعده نظام ولاية الفقيه، لم يدفعهم هذا المنطق الحکيم لمراجعة أنفسهم وسياستهم التوسعية العدوانية وانما بقوا يعمهون بغيهم ولم يأبهوا إطلاقا لهذا الاسلوب الانساني الحضاري السامي، وظلوا على دأبهم وراء سعي باطل من أجل تزييف الحقائق وقلبها، حيث ان نظام الشاه قد قدم تبريرات واهية لإقدامه على عملية الاحتلال منها أراجيف واهية سعى من خلالها لطمس الحقائق التأريخية و الجغرافية و تشويهها وتحريفها وصولا الى إبتلاع أرض عربية لم تکن يوما ما تابعة لهم، وقد مشى نظام ولاية الفقيه على نفس هذه الخطى الضالة وسعى ويسعى لتکريسها کأمر واقع، خصوصا عندما يزعمون بأن سوء العلاقات الايرانية الاماراتية يعود اساسا الى مايسمونه(سوء فهم)من جانب الاماراتيين، وهي مزاعم توغل في السماجة و السطحية لأن الاماراتيين يطالبون بإسترجاع أرض أماراتية محتلة بغير حق من جانب إيران.
وقد وصلت الصلافة بالنظام الايراني الى الحد الذي يقول فيه الناطق بإسم وزارة الخارجية الايرانية(رامين مهمان برست) بأن مايقال بحق الجزر لايتطابق مع واقع الحال ولايحظى بأهمها جزر إيرانية، وهذا التأکيد الرسمي الواضح، جاء بمثابة ترجمة عملية لما قامت به السلطات الايرانية في عهدي الشاه و ولاية الفقيه من اجرائات غير قانونية تمثلت في تهجير سکان الجزر الاصليين من العرب و احلال آخرين(غير عرب)محلهم بالاضافة الى مشاريع عمرانية الهدف الاساسي من ورائها محو الهوية و الطابع العربي للجزر، وقطعا بأن تصريح هذا المسؤول الايراني لم يکن يتيما وانما سبقته العديد من التصريحات الاخرى التي صبت جميعها بهذا الاتجاه، والحق، ان نظام ولاية الفقيه الايراني لم يکتف بهذه التصريحات والمواقف السلبية الصادرة منه بشأن قضية الجزر المحتلة وانما تعدى ذلك الى إتباع سياسة عدوانية و غير سليمة قائمة اساسا على الابتزاز من خلال السعي للتدخل في الشأن الداخلي لدولة الأمارات العربية المتحدة من خلال السعي لتنظيم و توجيه و تضليل فئات من الشيعة العرب هناك بسياق يخدم المصالح الخاصة للنظام و يضر أيما ضرر بالاوضاع في الامارات، وان غاية و هدف الملالي من وراء ذلك کان أساسا لخدمة تکريس احتلالهم للجزر الثلاث واستخدام تدخلهم في الشأن الداخلي کورقة ضغط لإبتزاز دولة الامارات،وهو ماأدى الى إمتعاض الدول العربية بشکل عام و دولة الامارات العربية المتحدة بشکل خاص، حيث خرجت هذه الدولة الفتية التي أثبتت حضورا إقتصاديا و عمرانيا و حضاريا رائعا و مميزا لها على مختلف الاصعدة عن صمتها و موقفها السابق أعربت عن موقف عروبي أصيل يختلج في أعماق کل عربي عندما صرح وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله زايد آل نهيان بأن قضية الجزر الثلاث التي تحتلها إيران تشکل عاملا سلبيا في العلاقة بين البلدين وان احتلال أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم.
الموقف الاماراتي هذا، جاء کإنعکاس واقعي و منطقي لمسار و مجريات الاحداث و الامور المتعلقة بملف الجزر العربية المحتلة وهو في نفس الوقت يعتبر رد ضروري و لامناص منه بوجه النظام الايراني الذي يبدو انه قد اساء فهم نبل الاخلاق العربية من حيث احترام حقوق الجيرة و فسرها بشکل غير مناسب تماما، وان هذا التصريح الاماراتي هو في واقع الامر رسالة ذات مضمون واضح للنظام الايراني على أمل أن يفهمونه بالشکل الصحيح وهو قد جاء أيضا کرد أمثل لإنهاء أي نفوذ عدواني للنظام الايراني في هذه الدولة الصاعدة.
اننا کمرجعية سياسية للشيعة اولينا أهمية خاصة لقضية الجزر العربية المحتلة وأکدنا مرارا و تکرارا على عروبة هذه الجزر وضرورة عودتها الى أصحابها الشرعيين المتمثلين بدولة الامارات العربية المتحدة، ولفتنا نظر النظام الايراني دوما الى أهمية إتباع سياسة منطقية تنهي عملية الاحتلال للجزر و تفتح بذلك صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية بشکل عام و الامارات العربية بشکل خاص، بيد ان نظام ولاية الفقيه الذي بني اساسا على مبدأ الارهاب و العنف و تشويه وتزييف الحقائق، لا ولم ولن يتمکن إطلاقا من القيام بهکذا مبادرة إيجابية، واننا نساند و ندعم بقوة موقف وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبدالله زايد آل نهيان حول الجزر و ندعو الامة العربية بشکل عام و الدول العربية بشکل خاص الى دعم هذا الموقف الشجاع و الوقوف خلفه حتى بلوغ هدفه النهائي بإرجاع الجزر الثلاث الى حضن وطنها الاصلي الامارات العربية المتحدة.
*المرجع السياسي للشيعة العرب.
التعليقات