بعد الانتخابات التشريعية الاتحادية التي أجريت في السابع من آذار الماضي، كنا نمني النفس بهدوء وسكينة يشملان الوضع العراقي، بعد سنوات طويلة تزيد على نصف قرن، إلا أنه يبدو، أن ما يجمعنا مع سوء الحظ، أو الارتباط المصيري مع إلياس والحزن والمتمثل بالأغنية وبنوعية الحياة العراقية، من الملبس وشيوع العنف والغضب السريع مع الطيبة إلى حد السذاجة، هو أكثر بكثير من تمنيات نتمناها ونمني النفس بها، في انتظار هدوء وسكينة تشمل حياتنا المضطربة سواء كنا في الوطن أو المهجر.
لا غبار أنه بعد كل انتخابات يكون هناك من يعترض وهناك من يدعي وهناك من يكون صالحا في اعتراضه أو ادعاه أو قد لا يكون، وهذه الأمور كلها يمكن للعبة الديمقراطية أن تتحملها، لا بل إنها جزء من صورة وممارسات وقوانين اللعبة.

ولكن أن يصل الأمر، إلى مطالب تعجيزية وغير منطقية وتعيد هدر كل ثقة بالنظام السياسي لبلدنا، فهو أمر يجب التوقف عنده ومسألة الأمر، فإلى هنا نعم ولكن، التمادي في الطروحات الغير المسؤولة من قبل المتنافسين هو أمر غير مقبول وعلى القضاء أو الشخصيات العامة والتي تعتبر من الرموز التدخل وإيقاف ما بات مهاترات على حساب الوطن.

إن أي تعقيد للامور وتعارض في بين القيادات، أن أدى إلى خروج بعض القيادات في جولات عربية أو إيرانية أو تركية، فإن الأمر مدعاة حقا للمسألة، فالحصول على دعم من الجار لدحر أو للحد من قوة الخصم، هي المقدمة ليس لبيع الوطن، ولكن للإلغاء الوطن. إن ممارسات بعض السياسيين وفي كل معترك وتهديداتهم بعودة الأيام العصيبة ومنها التفجيرات والقتل على الهوية، يعني إلغاء وطنية الآخرين، وان هم لم يستلموا السلطة فالأمور عائدة إلى الفوضى، أو يعني وهو الاسوا استقواء البعض بالإرهاب والإرهابيين ويعني في الأمر الآخر أن من انتخبوهم وأيدوهم هم إرهابيين ولا يرضون إلا بمن يؤمنون به وكل بديل فهم على استعداد لإعادة دورة القتل والقتل الطائفي أو الديني غير المنظور أو الغير مسلط عليه الإعلام وقتل المسيحيين والازيدية والمندائيين.

إن وضع قاعدة قانونية وأخلاقية لتكون الحكم في الخلافات قد لا يبطل بالمطلق التجاوزات القانونية لهذه القاعدة، بل الأمر الأساسي الواجب اتباعه هو وضع الثقة بالقضاء ومحاولة تطويره ومنحه الحصانات اللازمة لكي يعطي القرار الأصل والنابع من الضمير ومن القانون الساري، وعدا ذلك فالممارسات التي نشهدها من الاعتراض والاعتراضات المتبادلة والتخوين والتهديد بمختلف الأساليب والوسائل، سيتكرر مرة تلو الأخرى، بما يعني أن الوطن كله على فوهة برميل متفجرات قابل للاشتعال في اي لحظة.

كان موقف السيد إياد علاوي مثاليا حينما سلم الحكم إلى من تم انتخابه واختياره رئيسا للوزراء بعد انتخابات 2005، ولكن الموقف الحالي للسيد علاوي محير حقا، فالتهديدات لا تبطل، والاستعانة بالقوى الخارجية لا يتوقف، والتقوى بأضعف قوة عربية والتي هي مركز الشللية والسير مكانك راوح، أي الجامعة العربية وأمينها العام السيد عمرو موسى، رهان غير موفق حقا. إن كان السيد المالكي غير ملاك فبلا شك أن تصرفات السيد علاوي أعطت انطباعا أن السياسي العراقي مستعد لكل شيء من أجل أن يتبوأ الكرسي الطامح إليه. وبالطبع أن النقد الموجه للسيد علاوي لا يعني أن غريمه كان أنزه من ذلك، كلا، بل إن السيد المالكي أعطى انطبعا لا يختلف عن انطباع السيد علاوي في تمسكه بكرسي رئاسة الوزراء مهما كانت النتائج. في ضل مثل هذا الوضع، باعتقادي أن القوى الكوردية تقف متفرجة لكي ينهك الغريمان أحدهما الآخر، لحين اللجوء إليهم لكي يحكموا بين الخصوم، ولكن المطلوب باعتقادي هو أن تتدخل هذه القوى تدخلا فعالا من أجل خصم الأمور وعدم ترك حبل الخصومات يطول ليشمل كل الامرو ويبرر كل الممارسات. إن تدخل القوى الكوردية سيكون إشارة إنقاذية وتهدئة للشارع وخصوصا أننا نرى إنجازات أمنية حقيقية تتحقق على الأرض، ولكن التدخل يجب أن يكون هذه المرة ليس لزيادة الحصة من الكعكة، بل لوضع ضمانات قانونية ومؤسساتية تحضي بثقة الكل ليكون أي تغيير حكومي سلسا ويسير بشكل طبيعي لكي تدور الحياة الاقتصادية والحياة اليومية للعراقيين دون منغصات ومخاوف وكوابيس الرعب التي يتم ترهيبهم بها وكل يريد أن يكون هو الحاكم. إن الحاكم الذي يحاول ارهاب وتخويف شعبه لأجل أن يجلس على كرسي المسؤولية هو حاكم يقود الشعب إلى الهاوية.