سؤال:
هل لو كانت جهة انقلابية أخرى غير quot;حماسquot; الآن في غزة، هل كانت ستهب إيران وحليفتها الجديدة تركيا (ولتركيا أسبابها الخاصة الكثيرة لهذا التحالف) وحليفتها القديمة سوريا وquot;حزب اللهquot;، لإرسال quot;قوافل الحريةquot;، لدعم حكم quot;طالبانquot; في غزة، وإطالة أمده، وترسيخ سلوكياته السياسية، والاجتماعية، والدينية.. الخ؟

سؤال:
لماذا بدأت تركيا بإرسال طليعة quot;قوافل الحريةquot; إلى غزة بعد الاتفاق الثلاثي النووي بين إيران- البرازيل ndash; تركيا، مما نتج عنه التصويت لصالح قرار مجلس الأمن 1929 القاضي بفرض عقوبات قاسية جديدة على إيران؟

سؤال:
ما فائدة تركيا من بدء إرسال quot;قوافل الحريةquot;، وهي أول، وأكبر دولة إسلامية لها اتفاقيات إستراتيجية حميمية مع إسرائيل؟
وأين كانت تركيا في حرب السويس، وحرب 1967، وحرب 1973، والانتفاضة الأولى، والثانية.. الخ؟
لماذا لم نسمع لها صوتاً، ولم نرَ لها سوطاً، طوال هذه السنوات الماضية؟

قوافل للإغاثة، لا لتثبيت قواعد quot;حماسquot;!
أنا لست ضد quot;قوافل الحريةquot; للشعب الفلسطيني في غزة. وكنت أتمنى من إسرائيل، وأمريكا، والغرب - وهم سياج الحصار لغزة- أن يجدوا طريقة لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة، دون أن يؤدي ذلك الى تثبيت قواعد quot;حماسquot; في غزة.

ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟
كيف السبيل، وقد نزعت quot;حماسquot; جلد غزة الفلسطيني العربي، وألبستها الجلد الحمساوي الطالباني القروسطي؟
لقد أصبح نزع جسم غزة الفلسطيني العربي عن جلد quot;حماسquot; من المستحيلات. وهو ما أعلنه أكثر من مرة اسماعيل هنية في خُطبه النارية العنترية، حين يقول أن quot;حماسquot; قد انتصرت بانتصار شعبنا، وهزمت بهزيمة شعبنا. وإن غزة هي المعقل، والمدخل، والمحفل.

الغافلون و quot;قافلة الحريةquot;
لم يجد الغافلون في مقالي السابق quot;ثم ماذا بعد عرس الدم؟quot; غير قولي: quot;لكن دعونا نكون اليوم خونة، وأراذل، وصهيونيين، وعملاء أمريكيين، وعبدة للبيت الأسود.. الخ. كما نُوصف دائماً، ونقول كلمة شجاعة.
وهي : من كان سبب كل هذه المصائب والكوارث، التي حلّت بالشعب الفلسطيني منذ سنوات حتى الآن، ومنذ الانقلاب الدموي الحمساوي على الشرعية الفلسطينية، مما أغلق أبواباً فلسطينية، كانت مفتوحة للمرور إلى أوروبا، وأمريكا، والغرب عامة؟
فأشاروا لجلد السؤال، وأهملوا دم ولحم السؤال، وهو المهم في هذا القول.
وهم فعلوا بذلك كما فعلنا في السابق في quot;ولا تقربوا الصلاةquot;. وراحت بعض الأبواق التي لا نسمعها إلا عند النفير إلى quot;زفات الأعراس الفلسطينيةquot; تمطُّ، وتحطُّ، وتنطُّ، بتلك العبارات، التي أُخرجت عن سياقها ومعانيها. ولكن كثيراً من القراء الأذكياء والمستيقظين النابهين، فهموا ما أقول.

من أجل حرب عاطفية عنترية
سوف يتم إرسال المزيد من quot;قوافل الحريةquot; - وهو ما يُنتظر- دعماً لـ quot;حماسquot;. ولهذا عرضت إيران عرضها السخي وquot;الأبلهquot; لحماية quot;قوافل الحريةquot; بواسطة quot;الحرس الثوري الإيرانيquot;، لرغبتها في الدخول مع حرب مع إسرائيل، وإشعال المنطقة بالحرب الشاملة، وهو ما تعارضه سوريا وتابعها لبنان، والأردن، ومصر، وغيرهم، لعدم الاستعداد لمثل هذه الحرب العاطفية العنترية، التي ستكرر مأساة وهزيمة 1967 ، حيث لن يسكت الغرب وأمريكا، ويقفان متفرجين على الحليف الإسرائيلي، وهو يخوض حرباً مع أحد محاور الشر (إيران) في المنطقة، وبدعم لوجستي وتأييد سياسي وعسكري ndash; ولو متواضع - من محور الشر الآخر (سوريا وتابعها لبنان).
وبذا يشتعل الشرق الأوسط، وهو ما تريده إيران، لكي تهرب إلى الأمام بملفها النووي المتضخم، ومن العقوبات المتلاحقة الصارمة عليها.

الاختبار الواقعي للعقل المستقيل
كانت quot;قافلة الحريةquot; السابقة، مختبراً حياً، وواقعياً، وكبيراً للعقل العربي المستقيل. بمعنى أن كثيراً من المراقبين، كانوا يريدون معرفة كيف سيتصرف العرب تجاه هذه القافلة، والاعتداء الصهيوني عليها.
هل بالصراخ، والسباب، والشتيمة، وأناشيد الهيجاء، والخطب النارية، والشعارات quot;الثورجيةquot;، والبيانات العاطفية، أم أنهم سيفكرون فيما جرى، والعبرة منه، والدروس المستخلصة منه، ثم ينتهوا إلى سؤال:
ما العمل؟

جاءت الرياح بما تشتهي السفنُ!
ولكن جاءت رياح العرب بما تشتهي سفن إسرائيل، وتركيا، وإيران، وسوريا، وquot;حزب اللهquot;، وquot;حماسquot; .
ورياح العرب التي تشتهيها السفن الإسرائيلية، هي رفض مزيد من العرب للسلام والحل السياسي الفلسطيني ndash; الإسرائيلي. وهو ما تهدف إليه إسرائيل.
فقد أصبح هذا السلام بالنسبة لإسرائيل رخيصاً جداً، مقابل الأرض الثمينة المحتلة في الضفة الغربية، والجولان، وجنوب لبنان. خاصة بعد أن جرّب الإسرائيليون اتفاقيات quot;السلام مقابل الأرضquot;، مع مصر، والأردن. وكانت النتيجة الأرض الثمينة، مقابل شقة في عمارة للسفارة الإسرائيلية المحاصرة والمعزولة، في القاهرة، وعمان. وهذا كله بفضل التطرف والعمى السياسي العربي، المحكوم بمنطق سنوات 1948 وما بعدها، عندما كانت إسرائيل دولة ضعيفة ومستكينة على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية. ولم يعِ المتطرفون السياسيون العرب بعد، التغيرات الهائلة التي حدثت للدولة الإسرائيلية، من قوة، وتموضع، في الأسرة الدولية، والتي حدثت للقيادة الفلسطينية من ضعف، وهزال، وتشتت، وخلافات، وتردد. كذلك التي حدث مثيل لها لمعظم الأنظمة العربية. لأن الجميع كان نائماً في العسل الأسود!

نحن الآن في 1948 وما بعدها!
فمن الملاحظ، أن الشعارات التي رُفعت في مناسبة الهجوم الصهيوني على quot; قافلة الحريةquot; هي التي كانت تُرفع في الأربعينات والخمسينات وما بعدها، من القرن الماضي. بل لو وُجدت دراسة سياسية صحافية مقارنة لأدبيات الصحافة والإعلام العربي بشكل عام لفترة الأربعينات والخمسينات وما بعدها في القرن الماضي، وأدبيات الصحافة والإعلام العربي تعليقاً على الهجوم على quot;قافلة الحريةquot;، فسوف يُكشف لنا، بأن هذا الهجوم قد تمَّ فعلاً ndash; في اللاوعي السياسي العربي - في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، وليس عام 2010 وما يتبعه، ويلازمه، من متغيرات، ومفاهيم، ومعادلات وحسابات سياسية جديدة.
وهكذا، فحلول مشاكلنا لن تتغير من أسوأ إلى سيء، ومن سيء إلى مقبول، ما لم نتغير نحن بتفكيرنا وثقافتنا السياسية، التي ما زالت ثقافة أناشيد هيجاء، لا ندري معنى ريحها.

السلام عليكم.