-1-
مجموعة الباحثين، والمفكرين الإسلاميين الليبراليين، من أمثال محمد أركون، وجلال صادق العظم، ومحمد وعبد المجيد الشرفي، وجورج طرابيشي، والعفيف الأخضر، وأحمد البغدادي، وعبد الحميد الأنصاري، وتركي الحمد، وإبراهيم البليهي، وهاشم صالح، ومحمد الحداد، ورجاء بن سلامة، وفتحي بن سلامة، وغيرهم كثيرون من مئات المفكرين والباحثين التنويريين الليبراليين، وممن ضمتهم quot;رابطة العقلانيين العربquot;، التي تأسست قبل فترة في باريس، ولها موقع معرفي وتنويري quot;الأوانquot; أخّاذ وشجاع على الانترنت، وتُصدر سلسلة من الكتب التنويرية المترجمة والموضوعة، تعتبر مشعلاً جديداً غير مسبوق في الفكر العربي والإسلامي، ومن ضمن هؤلاء جميعاً، المفكر والباحث الإسلامي التنويري الليبرالي نصر حامد أبو زيد، الذي استطاعت السلفية المصرية المتشددة والمتعنتة، أن تخرجه من مصر مع زوجته، وها هي تتبعه في الكويت، وتمنعه من دخولها.

-2-
نصر حامد أبو زيد أستاذ جامعي من الإسلاميين التنويريين الليبراليين المجددين، وكتبه في التأويل، والتفسير، وفي إعادة كتابة التاريخ الإسلامي، وضرورة قراءة الإسلام من جديد، على ضوء انجازات العقل البشري الحالية، دعامة كبيرة للإسلام اليوم، الذي يلقى الضنك، والعسف، وسوء الفهم، والإساءة، من السلفية والأصولية الغربية والعربية على السواء. بل إن الإسلام يلقى كل ذلك من الأصولية الإسلامية المتهافتة، أكثر مما يلقى من الأصوليات الأخرى.


-3-
بالأمس، كان أبو زيد مدعواً دعوة رسمية إلى الكويت، للمشاركة في عدد من الندوات الثقافية، التي يقيمها مركز الحوار والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية التي وجهت الدعوة إلى أبي زيد، حيث كان من المقرر أن يشارك في ندوة quot;الإصلاح الديني في الدولة الدستوريةquot;، وندوة quot;المرأة بين أفق القرآن والفكر الفقهيquot;. ولكن الغول أو الضبع، الذي حسبت السلطات الكويتية أنه قد جاء لكي يفترس مواطنين كويتيين، منعت الغول، أو البعبع أبا زيد، وأعادته من مطار الكويت إلى هولندا مرة أخرى، حيث يقيم منذ سنوات أستاذاً للأدب العربي في جامعة ليدن، ثم أستاذ quot;كرسي ابن رشد والدراسات الإنسانيةquot; في جامعة الدراسات الإنسانية في اوترخت بهولندا.


-4-
أفهم تماماً أن تمنع الكويت إرهابياً من دخول أراضيها.
وأفهم أن تمنع الكويت من دخول أراضيها لصاً، أو مهرباً، أو تاجر مخدرات، أو قوّاداً، أو نخَّاساً، أو مجرماً يهدد استقلال الكويت وأمنه.
أفهم أن تمنع الكويت داعية دين دجال، يتقاضي في الليلة الواحدة عشرة آلاف دينار كويتي، لكي يقيم (Show) ديني في مكان ما.
أفهم أن تمنع الكويت أولئك الدعاة الدجالين، الذين يتاجرون بالدين كتجارة الآخرين الأشقياء بالمخدرات، والذين يثيرون غرائز الجمهور الدينية، ويدفعونه إلى اللطم والبكاء، أكثر مما يثيرون عقول جمهورهم، ويدفعونه إلى التفكير، وإعادة التفكير، والعمل.
أفهم أن تمنع الكويت مغنيّة ساقطة، أو راقصة رخيصة، أو عاهرة فاجرة، أو جاسوسة يهودية.
ولكني لا أفهم أبداً، أن تمنع الكويت الديمقراطية الجميلة، ومشعل الثقافة الخليجية والعربية بكتبها، وإصداراتها، ومسرحها، ومجلاتها، وصحافتها الحرة، أكاديمياً وعالماً إسلامياً في مطلع الألفية الثالثة، يحمل هموم الإسلام ليلاً نهاراً، ويدافع عنه، وعن قيمه الأخلاقية الجميلة، لا بالدجل، ولا بالشعوذة، ولا بإطلاق اللحية، وصبغها بالحناء، وتضميخها بالمسك والعنبر، وحمل المسواك، ولبس الثوب القصير، والشماغ، أو الغترة، والبشت، أو العباءة، أو المشلح، وتعفير جسمه بالطيب والعود والبخور، ولكن بالعلم الغزير، والثقافة المنفتحة الواسعة على كل جهات الأرض، والمعرفة العميقة، والعقل السلطان.


-5-
منع نصر حامد أبو زيد من دخول الكويت، والاشتراك في عدد من الندوات الثقافية التي يقيمها مركز الحوار والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، التي وجهت الدعوة للغول أبي زيد خسارة للكويت.
لقد خسرت الكويت الاستماع الى صوت إسلامي تنويري حداثي ليبرالي، كان سيتحدث عن قيم الإسلام المجيدة، في الحرية، والمساواة، وحقوق الإنسان، ويفصل بمنخله العلمي الدقيق بين الحَبِ والزوان، وبين الحقيقة والخرافة، ويفصل الذهب عن التراب، والغث عن السمين، ويُشعِل كيره، لكي يطرق الحديد المعوج، بفضل الدجل، والشعوذة، وتجار الإسلام السياسي، الذين خطفوا الإسلام، وامتطوا صهوته لتحقيق منافع لهم. وكان منع الضبع، أو الغول، أو البعبع، أبي زيد احدى هذه المنافع.
فليهنئوا.
السلام عليكم.