أضواء على مسألة الاندماج الاجتماعي للجاليات المسلمة في هولندا من خلال بعض الدراسات الهولندية 4-4

الحلقة الاولى

الحلقة الثانية

الحلقة الثالثة

المدارس السوداء ودورها في تعزيز عزلة المسلمين:

في الاجزاء (الأول) و (الثاني) و(الثالث) من هذه السلسلة، تناولنا مقدمة تمهيدية للموضوع وأعطينا لمحة تاريخية عن الوجود الإسلامي في هولندا وإحصائيات رسمية علمية عن تطور أعداد المسلمين في هذا البلد. وقدمنا مفهوم الاندماج الاجتماعي باعتباره المطلب الرسمي والشعبي ومرواز التعايش والمواطنة بالنسبة للمهاجرين. قدمناه وفقا للجنة بلوك البرلمانية والتي استقته بناء على استطلاع جهات أكاديمية وعلمية وحكومية. وفي الجزء (الثالث)، قدمنا دراسة جامعة اوترخت الهولندية الموسومة quot; الإسلام في مجتمع متعدد الثقافات: وجهات نظر الشباب في روتردامquot; وquot; التقرير السنوي لجامعة ايراسموس روتردام حول الاندماج الاجتماعي للأقليات المهاجرة إلى هولنداquot;. وفي هذا الجزء (الرابع) نقدم دراسة معهد كونستام امستردام وآي تي جي نايميخن، التي تتقصى ملامح الاندماج الاجتماعي لدى تلاميذ المدارس مع الاخذ بنظر الاعتبار خلفياتهم الاجتماعية.

رابعا: دراسة فريق البحث التابع لمعهد: SCO- Kohnstamm Instituut, Amsterdam amp; ITG Nijmegen
الاندماج الاجتماعي في التعليم الإبتدائي: نتائج بحث حول أثر الخلفية الاجتماعية على التلاميذ (1)

يتناول هذا البحث الذي أعده فريق بحث من الباحثين (Guuske Ledoux, Ineke van Der Veen, Margaretha Vergeer, Geert Driessen, Jan Doesborgh)
يمثلون بعض المؤسسات الحكومية الهولندية. وقد تناول البحث المحاور الرئيسية التالية:
أسئلة حول الاندماج والانعزال في التعليم:
وفيه تم بحث أنواع المدارس الابتدائية، العامة والخاصة، البيضاء والسوداء (وهي إشارة إلى المدارس الحكومية الرسمية-البيضاء-. والمدارس غير الرسمية ndash;السوداء- وهي عادة مدارس دينية تمثل الأقليات وخاصة المدارس الدينية)، وعلاقة هذا النوع من المدارس بفرص الاحتكاك والتعايش المختلط بين التلاميذ من أبناء المهاجرين مع المواطنين الأصليين من أثر في فرص الاندماج الاجتماعي لهم، وخاصة أن المدارس الدينية (السوداء أو غير الرسمية) تفصل بين الجنسين، الأمر الذي يخالف سياسة التعليم الرسمي في هولندا.
إن الطابع العام لتلاميذ هذه المدارس والذين يشكل غالبيتهم الأتراك والمغاربة، ومن المواطنين الأصليين من الذين يعد معظم آبائهم من ذوي التعليم البسيط، ومن ذوي الخلفيات الدينية المختلفة والمقسمة إلى مسيحية، إسلامية وهندوسية.
وتتضح طبيعة الانعزال الموجود في هذه الأنواع من المدارس ووفقا للبيئة الاجتماعية، الدين، الاثنية وسياسة العزل في بعض المدارس الابتدائية المشار إليها. وقد عرفت هولندا هذا النوع الأخير من العزلة المذكورة في التعليم الخاص منذ فترة.
ويخضع موضوع هذه الأنواع من العزلة وعدم الاندماج الاجتماعي الناجم عن طبيعة هذه المدارس إلى نقاش وجدل كبيرين في الأوساط الرسمية والشعبية في هولندا كمجتمع مغايرة ثقافية. ويدعو البحث إلى العودة إلى سياسة التعليم الاعتيادي وبالتضييق على المدارس الخاصة هذه، لغرض تقليل الانعزال هذا.
وقد وضع فريق البحث جملة من الأسئلة العلمية التي تثري الموضوع وهذه الأسئلة تتعلق بمايلي:
مدى حقيقة بروز الانعزال أو الاندماج الاجتماعي ومدى حجمها.
ماهو شكل الانقسام بين التلاميذ من المهاجرين ومن المواطنين الأصليين حول المدارس المختلطة؟
هل هناك تأثير لسياسة الفصل أو الاختلاط بين الجنسين على تلاميذ المدارس؟
مدى تأثير شعور الأقلية أو الأغلبية على التلاميذ.
مدى تأثير الأبناء في اندماج آبائهم.
هل هناك ربط بين المناهج المدرسية وجمهور التلاميذ؟ وهل تختلف هذه المناهج التي توجد في (المدارس السوداء) عنها في النظامية؟
أين تكمن الطريقة الأفضل بالنسبة للتلاميذ في الاندماج؟ هل هي في المدارس الخاصة أم في التعليم الاعتيادي؟.
وقد تلقت هذه الأسئلة إجابات علمية من قبل بعض الأطراف المؤيدة والمعارضة لكل من عمليتي الفصل والاندماج الاجتماعي، وقد اعتمدت هذه الأسئلة كفرضيات علمية تطلبت الإجابة عليها امبريقيا.
كيف يكون الأمر مع الفصل في التعليم الابتدائي؟ وهل هو في تزايد أم تناقص؟
وقد تناول البحث في هذا المجال أربعة أنواع من الانعزال وهي:
البيئة الاجتماعية، المرجعية العرقية، المرجعية الدينية والمنهج التعليمي.
وقد تم البحث عن إجابات لهذه الأسئلة سترد لاحقا.

تقليص العزلة في مجال البيئة الاجتماعية:
بالنسبة للأطفال الذين ينتمون إلى مختلف البيئات الاجتماعية، فإنهم يتوزعون على نسب غير متساوية في مدارس التعليم الأساسي. حيث أن عدد التلاميذ من المواطنين الأصليين في تناقص مستمر، ولذلك فإن أعداد المدارس التي يتركز فيها هؤلاء التلاميذ قد تقلصت أيضا. إن لذلك سبب بسيط وهو أن مستوى المؤهلات الهولندية قد ارتفعت ومازالت مستمرة في الارتفاع، ولذلك فان المدارس التقليدية في اختفاء.
العزلة الاجتماعية للأقليات المهاجرة في ارتفاع: (هناك المزيد من المدارس السوداء)
وجد البحث أن الهوة الاجتماعية بين المهاجرين والمواطنين الأصليين في تزايد مستمر، حيث يوجد حوالي 7% من المدارس الابتدائية الخاصة (ذات التركز العالي) هي لأبناء الأقليات، بينما لا توجد سوى 3% من مدارس تركز المواطنين الأصليين وهم في الغالب من ذوي البيئات الاجتماعية المتواضعة، وان إعداد المدارس السوداء في تزايد مستمر، ولذلك عدة أسباب:
سلوك تغيير السكن: حيث يلجأ معظم المهاجرين إلى السكن المتجاور وبمقابله يتقلص عدد المواطنين الأصليين، حيث يبحث البعض من ذوي التعليم العالي والدخل المرتفع عن سكن أفضل. وعليه فإن المدارس التي توجد بمثل هذه الأحياء تشهد ارتفاعا في أعداد المهاجرين مقابل انخفاض الأصليين وازدياد العزلة بين الجنسين.

الدوافع الاجتماعية والاثنية لإختيار الآباء لنوعية المدرسة: حيث أن المدارس السوداء هي في العادة من صنع واختيار الآباء لكل من المواطنين الأصليين والمهاجرين. الآباء من المواطنين الأصلين وخاصة ذوي التعليم العالي منهم، يرفضون المدارس السوداء وذلك لأنها لا توائم بين البيت والمدرسة.
المدارس الإسلامية والهندوسية ومدارس طالبي اللجوء: هذه المدارس تكون عادة من الناحية الواقعية مدارس سوداء وهي بذلك ترفع أعداد المدارس السوداء، لأنه في هذه الحالة سوف يتقلص أعداد المدارس النظامية وهذا العامل يخدم بصورة عامة المدارس التابعة هذه.


العزلة التاريخية: الاستمرارية، الانفكاك بين المدرسة والدين:
أن حرية فتح المدارس الخاصة كتوجه شخصي قادت إلى أن ينتج ما يقارب 20 نوعا من هذه المدارس المختلفة، وقد قادت هذه في حقيقة الأمر إلى عزلة طوعية، يستطيع الشخص بموجب هذا أن يختار المدرسة التي تلاءم (قوقعته الاجتماعية الخاصة).
وبعيدا عن الأديان فإننا نستطيع أن نشخص هنا أربعة إتجاهات كبيرة في التعليم وهي:
التعليم العام الرسمي، التعليم المسيحي البروتستانتي، التعليم الكاثوليكي وبقية أنواع التعليم الخاصة الأخرى. والأنواع الثلاثة الأولى هي الأكبر، ويعد كل منها بحوالي 30 % من نسبة المدارس هذه.
وعموما فان الواقع يشير إلى انه في عام 1999 أرسل حوالي 40% من الآباء أبناءهم إلى مدارس ليس وفقا لمعتقداتهم، ولذلك فان هناك الكثير من المدارس المختلطة وفقا للخلفية الدينية وهذا ينطبق على المدارس من الاتجاهات الأخرى.

هل التعليم الخاص ممكن بالنسبة للمهاجرين؟
ويتضح هنا توجه التلاميذ من أبناء المهاجرين إلى المدارس الخاصة حيث أظهرت الدراسة أن هناك علاقة واضحة بين التوجه الدراسي وبين نسبة التلاميذ من المهاجرين. وذلك من خلال ما كشف من أن مدارس التعليم العام تتضمن ما نسبته 16% من التلاميذ من ذوي الأصول الأجنبية، وفي المدارس السوداء يشكل هؤلاء ما نسبته 75%.
انحسار العزلة في صفوف تلاميذ الابتدائية: عرفت هولندا المدارس الخاصة على مدار القرن الماضي وقد نمت هذه مثلما زاد عدد تلامذتها، ومنذ إدخال التعليم الإلزامي ترسخت هذه الظاهرة بالتدريج لكل من أعداد التلاميذ وأعداد المدارس وأنواعها. وقد جرى وضع سياسة تعليمية في مجال التعليم الأساسي تهدف بضمن ما تهدف إليه هو محاولة تحقيق الاندماج الاجتماعي للتلاميذ ويبدو أن هذه السياسة بدأت تعطي ثمارها.
أن هناك علاقة وثيقة بين المستوى التعليمي للأبناء وبين مرجعيتهم الاثنية ومستوى آبائهم التعليمي، حيث انه كلما كان مستوى المؤهل العلمي للآباء مرتفعا كان مستوى الأبناء التعليمي أفضل. كما أن هناك علاقة بين أجادة الآباء للغة الهولندية ومستوى أبنائهم الدراسي.
إن نتائج التلاميذ في المدارس السوداء تبدوا أسوء منها في المدارس العامة، حيث أن التلاميذ في المدارس السوداء يلتقون عادة بأبناء أقلياتهم الإثنية ويتكلمون لغتهم الأم ويقل بذلك استخدام اللغة الهولندية بينهم.
المكون الاجتماعي الاثني المدرسي: ليست هناك تأثير في النتائج، ولكن في الجهد: أن مفهوم تحليلات المكون الاجتماعي الاثني للمدارس، استخدم من قبل فريق البحث ليشير إلى هيمنة (الأغلبية) مجموعة من التلاميذ طبقا لمرجعيتهم الاثنية. وبجانب ذلك ينظر إلى المغايرة الإثنية الأخرى الموجودة والغرض من ذلك هو تقييم التنوع الاثني في مدرسة ما.
أظهرت نتائج البحث أن توقعات العطاء في اللغة في الدرجات، كمقارنة بين نوعي المدارس المشار إليهما (المدارس التي تحتوي على أكثر من نصفها من أبناء المهاجرين، ومن أبناء ذوي التعليم المنخفض)، حيث سجلوا درجات هابطة في اللغة، مقارنة بدرجات محترمة حققتها أولائك الذين يدرسون في المدارس التي تضم غالبا أعلى نسبة من أبناء المواطنين الأصليين من ذوي التعليم العالي.
في مجالات أخرى وجد فريق البحث أن ليس هناك تأثير، حيث بحث الفريق ثلاثة مواضيع مختلفة هي: الوضع الاجتماعي للأطفال في الصفوف الدراسية (شعورهم في داخل المجموعة)، إدراك الثقة بالنفس بالنسبة للأطفال والنتائج المدرسية الايجابية بالنسبة للتلاميذ. من بحث هذه المواضيع الثلاث اتضح أن هناك ارتباط موضوعيا تاما مع المكون المدرسي المشار إليه. باستثناء ذلك فإن التكوين المدرسي قد أخذ بنظر الإعتبار من كون التلميذ من أقلية أو أغلبية.
كما أظهرت نتائج البحث أن ليست هناك علاقة للعمل الفردي بالنسبة لموقع الأقلية أو الأغلبية التي ينتمي إليها التلميذ. وقد وجدنا فقط في المجموعة 8 فيما يتعلق باللغة والوضع الاجتماعي تأثير ضعيف للوضع الاثني.
هل هناك صلة بين اندماج الآباء ونتائج أبنائهم تلاميذ المدارس؟
الافتراض الآخر الذي بحثناه هو فيما إذا كان لجهود ونتائج الأبناء دور في اندماج آبائهم. وهنا لمحة خاصة عن الآباء المهاجرين، حيث يدور جدل الآن حول الاندماج الاجتماعي الذي نحدده هنا بـquot;مشاركة المجتمعquot; وقد بحثنا ذلك من خلال عدد من الحقائق وهي:
المشاركة في العمل (الحصول على عمل مأجور).
المشاركة في الطقوس الدينية ( التواجد في الاجتماعات الدينية).
المشاركة في الحياة السياسية (التصويت في الانتخابات).
المشاركة في التنظيمات الاجتماعية (كناشط في المنظمات الطوعية).
المشاركة الاجتماعية (الاشتراك في النوادي والاتحادات).
المشاركة الثقافية (حضور المناسبات الثقافية).
وهنا قد بحث السؤالان التاليان:
1-أي علاقة توجد بين هذه الأشكال من المشاركة بالنسبة للآباء وخلفيتهم الاثنية والاجتماعية؟
2-هل هناك أي ارتباط موضوعي بين هذه الأشكال من المشاركة وبين جهود وانجازات ونتائج الأبناء؟
والافتراض الرئيسي هنا هو أن مشاركة الآباء من الثقافات الأقرب لثقافة الطبقة الوسطى الهولندية تكون أكثر من غيرها. وهذا ما افترضناه سواء على المهاجرين أو المواطنين الأصليين من البيئات الاجتماعية الأدنى. ويمكن أن ينطبق الأمر نفسه على تجمعات دينية محددة أخرى أيضا.
وفي نفس الوقت يوجد لدينا افتراض آخر مفاده: كلما سجل الآباء مشاركة أعلى، فإنهم سوف يكونون اقرب إلى الثقافة الهولندية وبالتالي توجيه أبنائهم نحو المدارس النظامية. وذلك يقود أيضا إلى أن يكون أبناؤهم أكثر تقبلا في المدرسة، وسوف يشعرون أنهم أفضل حالا. وسوف يكتسبون ثقة أكبر بالنفس ويعطون انجازات أفضل.
المشاركة الاجتماعية تعتمد على كل من المؤهل الدراسي ومسقط رأس الشخص: هذا الاستنتاج جاء بناء على نتائج الدراسة، حيث ظهر أن الآباء من الهولنديين الأصليين هم الأكثر مشاركة في العمل والنشاطات الاجتماعية والسياسية والثقافية من الآباء المهاجرين. وظهر نفس الشيء بالنسبة للآباء ذوي التعليم العالي من نظرائهم ذوي التعليم المنخفض. أما عن المشاركة الدينية (التردد على الكنيسة) فقد وجدت علاقة لذلك، ولكن في اتجاه آخر حيث ظهر أن المهاجرين والآباء من ذوي التعليم المنخفض يحضرون المناسبات الدينية. ولم تظهر صلة لطول مدة الإقامة بالنسبة للآباء المهاجرين في هذا الأمر، أي أنه ليست لطول مدة الإقامة في هولندا صلة بالمشاركة في النشاطات المشار إليها.
كما أن من بين ما أظهرته الدراسة أن للمشاركة الثقافية والسياسية للآباء دور ما في نتائج الأبناء ولكن ليس بشكل قوي.

خلاصة:
تهيأ لدينا في دراسة هذا الموضوع quot;الاندماج الاجتماعيquot; في التعليم الابتدائي مجموعة من النتائج ممكن أن تكشف جوانبا مختلفة. وقد ركزنا هنا على عمليات الفصل (العزلة)، والتي من أشدها الفصل أو العزل الاثني. كما أن لدينا نوع آخر من العزلة وهو ربما أشد، ذلك هو النوع المبني على أساس المعتقدات الدينية والذي أخذت أشكالها بالمأسسة هنا، حيث يتجلى ذلك بالمدارس الخاصة المبنية على أسس الانتماء الديني.
وتعد العزلة أو الفصل في التعليم من ناحية الطرح النظري موضوعا معقدا، وذلك طبقا للأشكال المختلفة من العزلة والاندماج الاجتماعي، حيث توجد اختلافات متوقعة حول تأثيره على الأطفال خاصة، ولهذا تمت صياغة أسئلة عامة لنصل في نهاية الموضوع إلى نتائج جادة.
وبإمعان النظر في نتائج البحث يتضح لنا دور الجانب النظري في الفرضيات المسبقة التي وجهت البحث حول تأثير التكوين المدرسي في تحقيق النتائج الجيدة من جانب، ومن جوانب أخرى أبرزت نقاطا مهمة أخرى ذات صلة، مثل الثقة بالنفس والموقع الاجتماعي في المجموعة وتأثير الانتساب إلى جماعة الأقلية أو الأغلبية في المدرسة.
وطبقا إلى دراسة سابقة لمؤسسة (بريما Prima) ظهر أنه وكنتيجة عامة أن quot;للعاطفة الاجتماعية توظيف في حسم أمر اختيار المدرسة التي يريدونهاquot;.
إن تأثير المناهج المدرسية على الأداء الواعي للتلاميذ ظاهر بوضوح. حيث أن التلاميذ يبرزون بمعدل أقل (خاصة في مجال اللغة). وعموما فإنه في هذه الحالة يحقق التلاميذ خاصة من أبناء المهاجرين نتائجا ضئيلة. ويفسر ذلك بناء على أسس ذكرت سابقا. ويقترح فريق الدراسة هنا وطبقا لنتائج هذه الدراسة، دعم متواضع لحالات تدني المستوى التعليمي. وتحسين المناهج الدراسية التي لها صلة بسياسة المدارس أو تعامل المعلمين، وطبيعة العلاقة بين زملاء الصفوف الدراسية. حيث من المحتمل أن يستفيد التلاميذ الضعفاء من الحوافز الإدراكية من خلال زملائهم من مستويات ذات الإدراك الأعلى.
وبالنسبة لهذه السياسة فإنها ممكنة التحقيق ولكنها صعبة. لقد تم تمويل الكثير لتطوير التعليم الأساسي مع تركيز على المدارس التي من المرجح أن يكون مستقبلها غامضا (المدارس السوداء). إن ذلك التمويل على أية حال كان الغرض منه تحسين المناهج التعليمية وبإفراط سلبي للتأثير على خصوصية تلك المدارس دون اعتبار. وقد اتضح ذلك مما آلت إليه تلك المدارس. وعموما نلاحظ هنا ما يتعلق بسياسة المدارس حيث محاولات تحسين المناهج الدراسية (خاصة من المجاميع المستهدفة في التعليم الأساسي النظامي مقابل التعليم الخاص).
وعلى أية حال فإنه بالنسبة للتلاميذ المهددين جراء هذه الأوضاع: يتضح أن هناك ما من شأنه أن يطور التعليم الأساسي النظامي في العموم مع تحسين نوعي في نسبة الاستيعاب. وبتفكير أخر في السؤال فيما إذا كان هناك تأثير أيضا للمرجعيات الاجتماعية على المدارس التي ينتسبون إليها.
وتوصية أخيرة لفريق الدراسة بأنه يتوجب أن يتحصل التلاميذ الذين لديهم مشاكل سلوكية أو تلك التي تتعلق بالتعليم على برنامج خاص بالاندماج الاجتماعي في مدارس التعليم الأساسي العادية أفضل منه في مدارس العزلة (المدارس الخاصة) أو مدارس الإيواء الخاصة وذلك وفقا لما أثبتته أدلة الدراسة الامبريقية.1))
إن هذه الدراسة التي تتناول قطاعا هاما في موضوع الاندماج الاجتماعي من ناحية، وفئة هامة أيضا في المجتمع الهولندي والمهاجرين المنضوين فيه من ناحية أخرى، لها أهمية الدراسة في جانب آخر هو كونها قد أعدت من قبل فريق يمثل نخبة من الأكاديميين الهولنديين، وتمس الموضوع الذي ندرسه مساسا مباشرا إلى حد كبيرة. وإذا ما كان هناك ما نعتبره قصور فني في الدراسة فهو افتقادها إلى إطار نظري يوجهها مع أنها استخدمت فرضيات وجهت الدراسة إلى النتائج التي وصلت إليها. هذا من جانب ومن جانب آخر عدم وضوح مقدار عينة وأماكن ومدة إجراء الدراسة، مع إنه يستنتج أنها أجريت في غضون العام 1999.
ومع أن الدراسة تعتبر بمثابة أرضية جيدة ومرجع علمي مفيد لنا، إلا أن المتعلق منها بشؤون المسلمين خاصة يشير إلى التوجه نحو التضييق على المدارس الإسلامية، التي تلعب دورا مهما في تغذية التنشئة الإسلامية على أسس علمية في صفوف الجاليات الإسلامية هناك. وهو أمر قد زيد من نسبة التطرف على الأرجح كرد فعل من قبل بعض الأوساط التي تحاول استغلال هذه القضية.

خاتمة:
إذا كانت الجاليات في الغرب تحظى باهتمام كبير، فإن الإسلامية منها تحظى بالإهتمام الأكبر وتسلط عليها أكثر الأضواء. وذلك انطلاقا من المخاوف المبررة وغير المبررة، لدى بعض الأوساط السياسية والإعلامية والأهلية. فهناك تسقط لأخطاء وهفوات أو حتى جرائم فردية، من قبل مسلمين أو مسلمين بالهوية فقط، فتحسب على الإسلام والمسلمين من قبل الجهات المغرضة خاصة. وترصد الأموال لتقصي الواقع الفكري والثقافي والعقيدي للمسلمين في غالب الأحيان، دون الانتباه للواقع الاجتماعي لهم. إن الواقع الاجتماعي والاقتصادي إذا ما كان سيئا أو بوضع غير مرضي ومقارنة بباقي أبناء البلد لا شك يدفع بالكثير من أبناء الأقليات ومنهم المسلمين إلى التطرف، وهذا ما يخشاه عقلاء المسلمين في كل مكان.
لقد اطلعنا على مجموعة من الدراسات الهولندية التي قامت بها جهات حكومية وأخرى علمية مستقلة. ووجدنا كيف أن بعضها كان كمن ينقب آو يفتش عن أشياء معينة بذاتها. فسمة البحث عن التطرف وتكفير الآخر والتحفز لحمل السلاح مثلا كانت محط رصد وكأنها تريد أن تميط اللثام عن ثورة مسلحة متوقعة في القريب العاجل. في المقابل وجدنا بعض الدراسات المعتدلة والموضوعية التي أبرزت إلى حد ما واقع بعض الجاليات المسلمة في هولندا.
انتهى

حميد الهاشمي، مختص بعلم الاجتماع: [email protected]