في ضوء ما رشح من أخبار وتقارير تتعلق بنتائج الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2010، والتي دلت على تقدم قائمة رئيس الحكومة العراقية الحالي نوري المالكي (ائتلاف دولة القانون)، تليه بنسب ليست بعيدة جدا كل من القائمة العراقية والائتلاف الوطني العراقي وقائمة التحالف الكوردستاني. ما يعني عدم إمكانية أي كتلة تشكيل الحكومة بمفردها وان الحاجة قائمة إلى التحالف مع قائمة أخرى quot;كبيرةquot; حتى تتمكن من ذلك.
وعليه فان البحث أصبح في احتمالات تلك التحالفات التي سيثمر عنها تشكيل الحكومة التي تنتظرها الكثير من المهام والمسؤوليات في الداخل والخارج.
ومن خلال قراءة أداء القوائم في الحملات الدعائية ماقبل وأثناء الانتخابات هذه وتوجهاتها بصورة عامة، وبالنظر إلى التوجهات السياسية للشخوص البارزين فيها وطموحاتهم، فانه يتضح التالي:
أولا: من المستبعد جدا تحالف ائتلاف دولة القانون مع القائمة العراقية، ذلك للتعارض بين التوجهات والطموحات الشخصية لكل من نوري المالكي وإياد علاوي الذي طرح نفسه وطرحه الآخرون من قائمته كند وبديل للمالكي. ولعل نقطة التقاطع الأبرز أن كلا منهما يطرح نفسه quot;قائدا ورجل دولةquot; في المرحلة الحالية. وعليه فلا مجال أن يكون احدهما وزيرا في حكومة الآخر.
ثانيا: من المستبعد جدا أيضا قيام تحالف بين الائتلاف الوطني العراقي والقائمة العراقية وذلك نتيجة وجود تعارض حاد في شعارات ومشاريع وأهداف القائمتين خاصة فيما يتعلق بالموقف من حزب البعث والعلاقة مع إيران، هذا من جانب ومن جانب آخر وجود أشخاص متنافرين ضمن القائمتين، مثل احمد الجلبي في الائتلاف العراقي وإياد علاوي والآخرون من حلفاء صالح المطلق وظافر العاني الذين يعتبرون الجلبي شخصيا قد أقصاهما.
ثالثا: بات من غير المحتمل تحالف قائمة التحالف الكوردستاني مع القائمة العراقية، رغم العلاقة quot;التاريخيةquot; التي تربط قيادات الكورد مع إياد علاوي، وذلك نتيجة لوجود ملفات شائكة بين القيادات الكوردية وبعض قادة ورموز القائمة العراقية، مثل الإدارة المحلية في محافظة نينوى وبعض أقضيتها ونواحيها التي تعد مناطق اختلاط بين العرب والأكراد، وما يثار من حساسية تجاه وجود ودور القوات الكوردية (بيشمركه)، خاصة ما يردده باستمرار أسامة النجيفي وهو من قادة احد الكيانات المؤتلفة مع العراقية. كذلك ما أثاره طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي حاليا واحد قادة القائمة العراقية من طموح شخصي بتقلد منصب رئيس الجمهورية في المرحلة القادمة، على اعتبار quot;أن العراق بلد عربي ومن حقه أن يكون رئيسه عربياquot;، وهو ما يرى فيه الأكراد وغيرهم طرحا يناقض الدستور العراقي الذي يعطي الأحقية لكل عراقي بتقلد أي منصب. يضاف إلى ما سبق من نقاط اختلاف بين القائمتين، الفقرة (140) من الدستور العراقي المتعلقة بكركوك والمناطق المتنازع عليها. وعليه فمن المستبعد أن يتم القفز على هذه الأولويات لكل من القائمتين ويتفقا على تشكيل حكومة يصعب تقاسم المناصب فيها اللهم إلا في حالة انسحاب بعض الاشخاص او الكتل خاصة من يعتبرون سببا في التقاطع، بحيث لا يؤثر كثيرا على حجم وتأثير قائمة علاوي، او ان يتم تعويضهم بالتحالف مع كتل اخرى اصغر (على الأرجح ائتلاف وحدة العراق) التي يقودها وزير الداخلية الحالي جواد البولاني، التي من المتوقع أن تحقق عدد من المقاعد قد لا يقارب العشرين، أو قائمة التغيير الكوردية التي تتطلع إلى دور قيادي على مستوى العراق بعد أن حققت مكاسبا على مستوى إقليم كوردستان. ما يعني عدم تأثير نقاط الخلاف بينها وبين كتلة التحالف الكوردستاني، لان quot;المصلحة الكورديةquot; في الأخير تعتبر من الأولويات.
رابعا: تبقى احتمالات quot;ايجابيةquot; تتعلق بتحالف قائمة دولة القانون مع الائتلاف الوطني العراقي، وذلك للتقارب quot;الآيديولوجيquot; وquot;التاريخيquot; بينهما، إضافة إلى ما يمكن أن تمارسه بعض جماعات الضغط في المجتمع العراقي مثل المرجعية الدينية في النجف، أو بعض الأحزاب والمؤسسات والوجاهات العراقية في وسط وجنوب العراق خاصة من اجل الدفع بهذا الاتجاه. ناهيك عن رغبة إيران في أن يتم مثل هذا التحالف الذي يضمن لها أصدقاء في سدة حكم العراق للدورة المقبلة. ويمكن أن يأتلف الاتحاد الكوردستاني لنفس الأسباب ومن اجل ضمان استمرار quot;المكاسبquot; التي حصلت عليها الأطراف التي حكمت للفترة المنصرمة.
ومن خلال هذه القراءة السريعة لاحتمالات التحالف بين الكتل البارزة من اجل تشكيل الحكومة المقلبة، فان احتمال quot;تجديدquot; ولاية رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي للدورة القادمة وارد وبقوة، وكذلك بقاء الرئيس جلال الطلباني في منصبه لنفس الفترة. ما يعني أيضا بقاء عدد كبير من الوزراء في مناصبهم أو تبادلهم المناصب، واستبعاد من تحالفوا quot;بالضدquot; في كتل وقوائم أخرى، وقد نشهد تعويضا عنهم بآخرين من الحلفاء في نفس القوائم لتلوين التشكيلة الوزارية لتظهر كـquot;خلطةquot; من المكونات الاثنينة والطائفية والكفاءات quot;تكنوقراطquot;. ما يعني استمرار جمود العلاقة إن لم يكن استمرار توترها على مستوى الجوار العربي. والأمر مرهون أيضا بضبط الوضع الأمني في الداخل العراقي، وقبل ذلك بمدى إقرار فرقاء العملية السياسية في العراق بنتائج الانتخابات.
باحث في علم الاجتماع: www.al-hashimi.blog.com
التعليقات