لعل الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2010 أهم حدث آني يشغل ليس العراق فحسب بل العديد من دول المنطقة وبعض دول العالم، وذلك بسبب أهمية نتائجها على استقرار البلد والمنطقة وتلك الدول التي ترتبط بمصالح مع العراق.
وقد تؤثر نتائج الانتخابات البرلمانية العراقية إذا ما أحدثت مفاجأة كبيرة، في قلب سياسة البلد تجاه بعض بلدان الجوار، وذلك نتيجة التباعد في أجندات وتوجهات ومواقف بعض الكتل السياسية المتنافسة، حتى ليخال لك أن بعض من يقودون صدارة المنافسة يقف كل منهم على طرف نقيض، وهنا الخشية من أن يأتي هذا المنقلب على حساب مصلحة البلد، فنحن ليس لدينا تقاليد ديموقراطية وتداول سلمي للسلطة إلى الدرجة التي يسلم فيها الخاسر بهزيمته ويهنئ خصمه الفائز ويقف خلفه بادئا مرحلة جديدة في خدمة البلد، أو أن يلعب دور المعارضة الوطنية الشريفة التي تقدم النصح والمشورة وتحاسب وفق القانون لا من اجل المكيدة والتصيد في الماء العكر.
لازلنا للأسف نعيش مرحلة التخوين والعمالة وفبركة القصص الخيالية أحيانا وابتكار شتى أساليب التسقيط والنيل من الآخر بعيدا عن المنافسة الشريفة والمصلحة الوطنية. وبالنتيجة فان تبرير الخسارة موجود وهو، التزوير والدعم الخارجي. نعم هناك جانب اجتماعي قيمي يتمثل بصعوبة بل ربما استحالة قبول الهزيمة والإقرار بارجحية الآخر واستحقاقه الفوز، وعدم امتلاك الجرأة للإقرار بذلك. كذلك غياب البرامج الانتخابية المدروسة ودراسة المرشح لحظوظه مسبقا قبل خوض المغامرة، وما إلى ذلك يدفع إلى هذه النتائج.
إن وجود مرشحين بأعداد كبيرة وببرامج انتخابية تكاد تكون عشوائية، تدل ليس على قلة الوعي بالثقافة الانتخابية فحسب، بل على طموح شخصي على الأرجح لدى أغلبية المرشحين، وذلك طمعا بالجاه والمنصب والمال، فهي مغامرة يبغي البعض خوضها دون النظر إلى ما بعد الواقعة.
وهي إجابة إلى السؤال الذي يقفز إلى الذهن ومفاده: هل حقا أن دافع هؤلاء المرشحين هو المصلحة الوطنية أم المصلحة الشخصية؟؟؟؟
فأساليب الدعاية وعملية إدارة الصراع توحي لك بل تؤكد أن أغلبية المرشحين دعاة مناصب ومصالح شخصية محضة. انظر ما اجمع عليه أعضاء البرلمان في الدورة المنصرمة وما اقروه دون خلاف من قرارات تمنح لهم امتيازات شخصية إلى ما بعد انتهاء دورتهم الحالية، في حين اختلفوا على أهم ما يجمعهم بل ما أوصلهم إلى كراسيهم تحت قبة البرلمان وهو وعودهم لناخبيهم ومصلحة البلد.
وإذا أراد المواطن أن يدير وجهه عن الانتخابات، فان نداء الضمير الوطني وأمل التغيير، وجهات رمزية ضاغطة ووعود براقة تدفعه إلى العودة إلى صناديق الاقتراع، ذلك انه لا سبيل غيرها الآن.
لقد غابت الضمانات التي يقدمها المرشح لناخبيه للإيفاء بوعوده، وكان علينا التفكير بإيجاد آليات لذلك. ومع ذلك فان هناك آليات لمتابعة ذلك من خلال تشكيل جماعات ضغط تلاحق المرشحين وتطالبهم الإيفاء بوعودهم وترشد المنافسة في العملية الانتخابية وما بعدها حيث النتائج التي ربما تقرر مصير البلد.
باحث في علم الاجتماع: www.al-hashimi.blog.com