لعل من فضائل شبكة الانترنت أنها تتيح المجال للعديد من القراء من كافة الطبقات والمستويات. فإذا كان الشخص في مراحل سابقة عاجز ماديا عن شراء أكثر من جريدة أو مجلة واحدة مثلا، فإن سعر أحدهما اليوم يتيح له (شراء) أو
غالبا ما نتساءل، عندما ننشر مقالا في إيلاف، من هو قارئي الافتراضي - الإيلافي هذا، إلى أي جيل، تيار، ينتمي، ماذا ينتظر مني حتى أكون في حسن ظنه، ما هو العنوان المناسب الذي يجذبه لفتح مقالي، أي موضوع قريب من قلبه وعقله، هل أغلبه أنثوي أم ذكري، وأية طريقة مثلى للتأثير فيه/ فيها، حتى أشعر أني ساهمت في التغيير الفكري والاجتماعي المنشود... |
قراءة العشرات منها. بمعنى أن ثمن جريدة يومية يساوي اشتراك ربما أسبوع بخدمة شبكة الانترنت. هذا من جانب ومن جانب آخر، فإن القراءة quot;الالكترونيةquot; وما تحمله من خصائص تختلف عن تلك التقليدية باتت تشكل أكثر جاذبية من خلال كثرة الخيارات المتاحة وإمكانية حفظ الموضوع والعودة له، والتعليق عليه والإضافة له وإثراءه أو إبداء رد الفعل تجاهه سلبا أو إيجابا، وتكبير حجم الصفحة والحروف، التحديث المستمر للإخبار والمواضيع ...الخ.
من سمات المقالة في مراحل quot;ما قبل الانترنتquot;، أنها غالبا ما تخاطب النخبة من القراء، ولذا كان كتابها يعمدون إلى البلاغة والسبك واستخدام المصطلحات المعقدة والإطالة إلى حد كبير. ومن الطريف أن البعض كان وربما لازال يعتقد أن الكاتب الجيد هو من يكتب quot;ما لا يفهمquot;، أي أن نصه عصي على فهم القارئ. في حين أن المرحلة الحالية تكاد تكون مغايرة تماما، حيث أن كثرة المتاح على الشبكة قد يدفع بالقارئ إلى البحث عن نصوص جاذبة وقصيرة ومفيدة أكثر، ترفع من مستواه وذائقته وتشبع نهمه. وهذا يضعنا إزاء التزام أخلاقي تجاه القارئ يتمثل في أن نقدم له نصا غير مطول وغني بالمعلومة ومبسط سهل الفهم، تستخدم فيه لغة وسطية، تحترم اللغة العربية الفصحى وتهذب من العامية. نلجأ إلى المصطلحات والأمثلة والشواهد العصرية الشائعة عندما يقتضي الأمر. نوظف المنهج العلمي قدر الإمكان في طرح الموضوعة. وبهذا فإنك على الأرجح تستطيع ككاتب أن تساهم في إحداث تأثير تغيير ولو نسبي على القارئ.
القارئ المعاصر خليط غير متجانس، من الجنسين ومن مختلف الأعمار والأذواق والمستويات التعليمية. ولهذا لا يجب عليك ككاتب أن تخص نوعا منهم. تفترض أن جلهم يقرأ ما تكتب، وعليك أن تتمكن من معرفة مخاطبة كل هؤلاء بلغة واحدة. عليك البحث عن العناوين الجاذبة واختيار المواضيع المفيدة وأن لا تكرر غيرك. وفي هذا السياق اعتدت أن ابحث عما كتب في الموضوع الذي أختاره مادة للكتابة قبل أن أشرع بكتابته، وذلك تجنبا للتكرار ومحاولة البدء من حيث انتهى إليه من سبقني. وفي حالة كوني أول من يتناوله، فإني أحاول أن أضع أسسا منهجية ومفهومية لشروع غيري في البناء عليه. في النهاية فإني أؤمن وأتلمس أن التناول السوسيولوجي للمواضيع يحظى باهتمام ومتابعة من مختلف شرائح القراء.
باحث في علم الاجتماع:
www.al-hashimi.blog.com
التعليقات