لا شك ان الايمان المطلق بإيدلولجية معينة يحجب على صاحبها رؤية ما دونها حتى وان كان حقا غير قابلا للنقاش.
لم يكن موقف فيدل كاسترو غريبا حين نعى الزعيم معمر القذافي في مقاله الموسوم quot; الدور الابادي لحلف الناتو quot; لانه،اي فيدل كاسترو، يعد الحلف الاطلسي المتشكل عشية الحرب الباردة (1949) وجاء دعما لمشروع الابتعاد عن استخدام القوة العسكرية في حل النزاعات الدولية خصوصا بعد الاعلان عن تاسيس حلف وارشو (1955) الذي اعاد التوازن الى ميزان القوى العسكري بين القطبين السوفيتي والغربي، يعدهُ شرا مطلقا و ايّ عمل قد ينتج عنه يُعد شرا بالمرة. ولم يُهدينا الزعيم كاسترو عن الجهة التي ستُساند الليبيين لو لم يهب الحلف الاطلسي لنجدتهم quot;وأن كان شرا لابد منهquot; كما لا نجد مبررا لصمت كاسترو عن جرائم بشار الاسد بحق المتظاهرين السوريين سوى الرؤية الاشتراكية المزعومة في حين نراه يشجب سياسة الغرب ازاء اي تحرك يقومون به، وسبق لكاسترو ان مجّد صدام حسين على حساب الشعب العراقي الاعزل الذي ضاق ويلات الحرب جراء سياسته البطشاء.
لربما لاتربط القذافي بـــكاسترو سوى الروح الثورية الزائفة التي ادّعاها الاول ولازال يقتات على فضلاتها الثاني، تلك الروح التي شوهها دُعاتها، فماذا قدّم القذافي للشعب الليبي كي ينعاه كاسترو، نعم كانت طريقة قتله غاية في البشاعة ولكنها لاتدعو بالضرورة الى التعاطف معه قدر القصاص من قاتليه الليبين والذي كانوا ضحية فشل القذافي في بناء مجتمع واع طيلة اكثر من اربعين عاما.
يبدو للمتابع، بدرجة معينة، ان كاسترو نعى القذافي ليس حبا به بقدر بغضه للويلايات المتحدة ودول الغرب الراعين الاساسيين لحلف شمال الاطلسي الذي قاد حملة ليبيا العسكرية قبل ستة شهور، ومع اسلامنا مسبقا بالمصالح الرأسمالية الغربية على حساب مصالح شعوب الاخرى الا ان هذا لايمنع من تشخيص الخطأ والوقوف عنده وتحليله بواقعية منطقية بعيدة عن التحيز الايدلوجي او الوقوف مع الطغاة بغضا بطغاة اخرين.
هذا وقد مالّ كاسترو في مقاله الاخير الموسوم quot;العار المنظور لاوباماquot; الى اخفاء حقيقة كون القذافي دكتاتورا دمر ليبيا فترة اقصاها 43 عاما وهو من قام بجلب الناتو الى بلاده عن طريق تزمته بالسلطة وتدميره الشعب الليبي quot;كما الرئيس العراقي الاسبق صدام حسينquot; والاستهتار بمقدراتها الاقتصادية الهائلة هو وعائلته، بينما ركّز على قضية ما اسماها اجتياح الناتو لليبيا!
رحم الله من قال: واذا ابتليت بظالم كن ظالما\واذا لقيت أخو الجهالة فاجهل.
- آخر تحديث :
التعليقات