تكلم الجميع عن ماسبيرو علي أنها المكان الذي شهد أحداث العنف واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين وراح ضحيتها ما يقارب من ثلاثين شخص، ولكن الجميع نسي أو تناسي أن الأحداث تمت ضد حركة شباب ماسبيرو، وكل الهدف من أستخدام العنف كان القضاء علي هذه الحركة، وحركة شباب ماسبيرو تكونت من الشباب القبطي الذي شارك في ثورة 25 يناير ورفض كل النصائح والطلبات والنداءات التي كانت توجه لهم بالعودة لمنازلهم، ولم يعودوا حتي تحقق هدفهم وهدف باقي شباب الثورة بخلع مبارك، ثم بعد ذلك حدث الاعتداء علي كنيسة صول فقرر هؤلاء التجمع أمام مبني الإذاعة والتلفزيون والاعتصام أمامه حتي تحقق لهم مطلبهم وتم إعادة بناء الكنيسة، ثم قام الشباب بتنظيم أنفسهم في كيان أطلق عليه حركة شباب ماسبيرو، وهي الحركة التي دعت لمسيرة 9 أكتوبر الدامي ومعها بعض الحركات القبطية ومعهم القوي السياسية الليبرالية، والتي شهدت المذبحة التي هزت العالم كله، ولكن لماذا أنتهي هذا اليوم بهذا الشكل وما الأسباب؟؟

أولا: كان الهدف الأساسي هو القضاء علي حركة شباب ماسبيرو، فلأول مرة منذ تفكيك جمعية الأمة القبطية يلتف الشباب القبطي في كيان سياسي يحظي بحب واحترام الأقباط، بل أن الحركة قد اكتسبت شعبية كبيرة في أوساط المصريين بالخارج فأصبحنا نتابع أخبارهم وتصريحاتهم ونعرف أسماء القيادات منهم،والحقيقة أن كل الأنظمة التي أتت بعد ثورة العسكر تنظر بقلق بالغ لأي تجمع سياسي قبطي والمجلس العسكري وهو الذي تربي أفراده في هذه المدارس يتبع نفس الأسلوب في التعامل مع الأقباط.

ثانيا: كل الأنظمة السابقة عملت علي اختزال الأقباط في الكنيسة واختزال الكنيسة في شخصية البابا وبالسيطرة علي البابا يستطيع النظام السيطرة علي كل الأقباط في العالم، ولكن هذه الحركة ولدت وهي متمردة quot;سياسياquot; وسياسيا فقط علي الكنيسة، بمعني أنهم يقولون البابا هو قائدنا الروحي والديني الذي نخضع له أما العمل السياسي فلنا الحق أن نتفق أو نختلف مع قداسته!!، ومن هنا يتضح مدي قلق المجلس العسكري والتيار الإسلامي الموالي له من هذه الحركة.

ثالثا: صفقات المجلس العسكري والإخوان التي يشتم كل من هو في مصر وخارج مصر رائحتها لا يوجد عائق أمام تنفيذها غير الأقباط، فالإخوان يقللون من أهمية القوة الانتخابية للأقباط بقول أرقام غير حقيقة عن عدد أو نسبة الأقباط في مصر، ولكنهم يدركون تماما أن قوة الأقباط الانتخابية لا تقل عن 25% إلي 20% من نسبة أصوات الناخبين، وهم مدركون تماما أن الأقباط هم الداعم الأساسي للتيار الليبرالي، فكان لابد من عزل الأقباط عن العملية السياسية وتخويفهم وترويعهم، ولذلك دبرت لهم مذبحة ماسبيرو.

رابعا: كان نظام مبارك دائما يستخدم الأقباط كأداة أو دمية للتنفيس عن كبته وظلمة للشعب ولإلهاء المصريين عن قضياهم الرئيسية، والمجلس العسكري يتبع نفس الأسلوب، فما أسهل وما ارخص من دماء الأقباط لشغل المصريين عن قضايا كثيرة وفعلا لقد نسي المصريون ولم يعد أحد منهم يتكلم عن شهادة المشير في صالح مبارك في المحكمة.

خامسا: من مصلحة المجلس العسكري والإخوان أجراء الانتخابات التشريعية الآن وبقاء المجلس العسكري في السلطة، فيسيطر الأخوان علي المجلس التشريعي ويستمرالمجلس العسكري في السلطة، ولكي يتم ذلك لابد من إظهار مدي حاجة الشارع المصري لوجود القوات المسلحة لحفظ الأمن والنظام، بل أن الانفلات الأمني سيجعل الأصوات التي تنادي بإنتقال السلطة لسلطة مدنية تخفت، وستعلو أصوات الذين ينادون باستمرار المجلس العسكري والثمن دم quot;شويةquot; أقباط!!

مما سبق يتضح تدبير التيار الإسلامي لمذبحة ماسبيرو والتيار الإسلامي لم يكتف بالتدبير فقط بل كان مشاركا ولاعبا أساسيا، فلقد قام التيار الإسلامي بالاعتداء علي المسيرة في منطقة quot;السبتيةquot; قبل وصول المسيرة لماسبيروquot; ولو كان مع الأقباط سلاح كما أدعي المجلس العسكري لردوا الاعتداء عليهم في السبتيةquot;، وهم الذين اشتبكوا مع الأقباط أمام المستشفي القبطي وهم الذين ألقوا الحجارة بخسة ونذالة علي موكب الجنازة، ولقد كشفت صحيفة الفجر المصرية في عددها الصادر 17 أكتوبر عن سر اختفاء قوات الأمن المركزي والاكتفاء بالتواجد في الصفوف الخلفية، وهو أنه كان هناك تمرد من اللواء صلاح الشربيني قائد قوات الأمن المركزي الذي طلب منه الاشتباك مع الأقباط ورفض طلب الشرطة العسكرية، التي قامت بتكليف وزير الداخلية بإعطائه الأوامر فرفض أيضا وكان رد الشربيني: quot;أنا فاضل لي شهر وأطلع معاش ومش عايز أروح طرةquot;. بعد كل ذلك يطالبونا بالسكوت ومذبحة وتفوت ومتعودين يا أقباط، وننتظركم في المذبحة القادمة، ولكني اعتقد أنها لن تفوت هذه المرة لقد اهتز ضمير العالم من بشاعة الحدث، ودم شباب ماسبيرو لن يضيع هدر لقد كان دمهم الطاهر السبب في نقل القضية القبطية للمستوي الدولي وقريبا في الأمم المتحدة، وكلمة أخيرة أوجهها لحركة شباب ماسبيرو أرجوكم اكملوا المشوار فأنتم ومعكم الشباب الليبرالي أمل الأقباط وأمل مصر في مجتمع مدني تتوافر فيه الفرص المتساوية لكل أبنائه..