بات معروفا في علم السياسة بمصطلح quot; تصديرالازمةquot;. فأي نظام يواجه ازمة داخلية في بلاده يعمل على افتعال ازمة خارج بلاده، لكي يلفت الانظار اليها، ويشغل الرأي العام الداخلي عن ازمته الداخلية.

نطام الملالي في ايران يعيش مشكلات داخلية كثيرة منذ ان تسلم محمود احمدي نجاد السلطة، وبالذات بعد رئاسته الثانية التي شابها التزوير، وانتفض الشعب الايراني ضده، مطالبا باعادة الانتخابات، وبالاصلاح الحقيقي، وفي مقدمته الحرية والعدالة لكل ابناء ايران، ومطالبة القوميات بحقوقها المدنية والثقافية.

ومن اجل ابعاد الانظار عن هذه المطالبات الشعبية، عمد النظام الى تدبير مشكلات خارج ايران، كالاغتيال ومساندة حركات وانظمة مستبدة مثل نظام الاسد في سوريا، وافتعال ازمات طائفية في دول الخليج العربي، مثل البحرين والسعودية والكويت.

اما العراق فقد سعى نظام الملالي الى احتلاله مع الولايات المتحدة، ويتقاسمان المصالح فيه، فالولايات المتحدة تريد النفط، وايران تريد السيطرة على بلاد الرافدين لتكون مدخلا للتسلل الى دول الخليج وبلاد الشام، وكذلك للانتقام من العراقيين الموالين للنظام السابق.

اما المهمة الثانية التي يبغيها نظام الملالي من العراق، فهي الانتقام من عناصر مجاهدي خلق الذين يعيشون في مخيم أشرف في محافظة ديالى شمال شرق بغداد منذ قرابة ثلاثين سنة. وهذا الانتقام يقصد به تأديب مؤيدي المنظمة داخل ايران، الذين يقودون الانتفاضة الشعبية ضد نظام الملالي، من أجل الاصلاح الحقيقي الذي يعيد الكرامة لكل الايرانيين بكل فئاتهم الطبقية، وكل قومياتهم.

لماذا ينتبه نظام الملالي الى مخيم أشرف منذ عام 2003 ؟، ولماذا يتعاون مع حكومة المالكي على محاصرة الاشرفيين؟. لقد جاء هذا التعاون بعد تسلم نجاد رئاسته الثانية وبعد الهبة الشعبية المطالبة بالاصلاح التي قمعها النظام بالعنف، حيث سالت دماء الايرانيين في شوارع طهران والمدن الاخرى.

اما استجابة المالكي لما يريده نظام الملالي فتعود الى رد الجميل للنظام كونهم هم الذين ضغطوا على حلفائهم في العراق لكي يبقى المالكي رئيسا للوزراء بدلا من اياد علاوي الذي فازت كتلته ( العراقية ) باعلى المقاعد البرلمانية.

نظام الملالي ومعه المالكي يستهينون بالقانون الدولي، ويضربون عرض الحائط اتفاقيات جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين. كما يتجاهلون نداءات الدول والمنظمات الانسانية والبرلمانات في العالم المطالبة بحماية مخيم اشرف، ووضعه تحت الحماية الدولية، أي تحت حماية الامم المتحدة.

يتضح ان نظام الملالي والمالكي عازمان على عملية جديدة ضد سكان اشرف مع نهاية العام الجاري، اي مع انتهاء مدة بقاء القوات الامريكية في العراق، في ذاك الوقت ينتهي الاحتلال الامريكي، ويتجسد الاحتلال الايراني بشكل رسمي وعلني.

صحيح ان نظام الملالي تمكن من تجنيد مؤيدين له من العراقيين من اتباع الطائفية البغيضة، لكي يتظاهروا ضد سكان اشرف، ويطالبوا باخراجهم، بزعم انهم ضد الشعب العراقي وانهم من مؤيدي نظام صدام حسين، وكل هذه الادعاءات لاتصمد امام حقائق الاحتلال الايراني للعراق، وولوغ المليشيات الطائفية وخاصة فيلق القدس بدماء العراقيين.

سكان اشرف الذين يعيشون في مخيمهم كل هذه السنين لم يحتكوا مع العراقيين، ولم يسببوا اي اذى لهم، كما فعل فيلق القدس وعملاؤه في المليشيات الطائفية. ومع ذلك تحملوا الاذى النفسي والجسدي على يد قوات المالكي الخاصة وقوات القدس والمخابرات الايرانية طيلة السنتين الماضيتين. لقد واجهوا عربات القوات الخاصة باجساد عارية، وبصدور مليئة بالايمان، صمدوا رغم قطع الكهرباء عنهم، وصمد المرضى رغم قطع الدواء عنهم، صمدوا اثناء حر الصيف واثناء برد الشتاء. صمدت اذانهم امام الموجات الصوتية التي تبثها مئات مكبرات الصوت العملاقة من حول المخيم.

مهما يفعل نظام الملالي ومعه المالكي واعوانه من قوات مسلحة ومخابرات ايرانية ضد الاشرفيين، فانهم خاسرون جميعا ولو انتصروا كما عبر الملك عبدالله ملك الاردن مؤخرا، لان من ينحر شعبه هو المهزوم حتما ولن يرحمه التاريخ، ولن تغفر له الاجيال اللاحقة مثل هذه الجرائم.

* رئيس لجنة الاعلاميين والكتاب العرب دفاعا عن أشرف

[email protected]