محاولة الحد من التسلح في الشرق الأوسط وتدمير القدرة العراقية من قبل الولايات المتحدة الامريكية وحلفاء أسرائيل بعد الخطيئة الاستراتيجية التي أرتكبها النظام العراقي السابق في الكويت كان هو الأساس لبدء مؤتمر مفاوضات السلام في مدريد بين العرب والأسرائيليين.

ذلك أن نقطة البدء هذه ارتبطت بحدث تاريخي محدد، هو حرب الخليج بحيث جاء انطلاق مسيرة السلام التفاوضي نتيجة مباشرة لحرب الخليج.

التاريخ قد يكرر نفسه مرة اخرى الان عندما نتحدث عن موقف أسرائيل والقوة الداعمة لها في موضوع الحد من أسلحة الدمار الشامل قبل بدء أية عملية تفاوض جديدة لأن بغياب هذا المبدأ ترى أسرائيل أن الأنسحاب من الأراضي العربية المحتلة يعني فقدان العمق الأرضي الأستراتيجي الذي توفره لها الأرض المحتلة.

وعلى هذا الأساس تعمل أسرائيل مع حلفاءها من أجل ممارسة الضغوط على نظام بشار الأسد تحديدا لأضعافها حنى يصبح موضوع السلام القادم على غرار مؤتمر مدريد سلاما بشروط أسرائيلية. قائما على السيطرة وقوة السلاح. أما التركيز الدولي الهائل على احتمال حيازة أيران قريبا للسلاح النووي وامكانية توجيه ضربات عسكرية لها والموقف التركي من الأزمة كلها تدخل من ضمن دائرة الصراع العربي الاسرائيلي.

وبالرغم ان العراق بوضعه الحالي العمق الأستراتيجي الثابت لسوريه يحاول القيام بواجبه أتجاه دمشق الا خروج القوة العسكرية العراقية من دائرة العمل العسكري العربي لفترة غير واضحة من الزمن سوف يترك تأثيرا بالغاً في قدرة صمود السوريين أمام هذه التحديات الكبيرة في هذه المرحلة.

المفارقة الكبيرة التي حدثت ان القيادة السورية في 1991 كانت تعلم بأن انتصار قوات التحالف الدولي في الكويت ستكون بمثابة نصر للدولة العدوة أسرائيل التي سوف تسعى بحزم لأنهاء القوة العسكرية العراقية ولكن رغم وجود هذه الرؤية الاستراتيجية الا أن بسبب الانقسام العربي أنذاك وعدم معالجة أزمة الخليج في اطار الجامعة العربية قررت في نهاية المطاف أرسال قواتها للمشاركة مع التحالف الدولي في حرب الخليج.

وعليه فإن نتائج حرب الخليج تركت اثارها في ميزان القوى العربي الإسرائيلي وكانت أيضا تأثيراتها واضحة في وقائع مسيرة السلام التي بدأت لأول مرة في مدريد في 30 أكتوبر 1991.

وليس خافيا على أحد ان الولايات المتحدة وظفت نتائج الحرب التي بدأت بالتدخل عسكريا في الكويت وأنتهت بأحتلال بغداد لمصلحة أسرائيل. وكان موضوع سوريا بحكم موقعه في الصراع العربي القائم مع أسرائيل أكثر الموضوعات تأثرا بحرب الخليج.

فكيف قرر الرئيس الراحل حافظ الأسد أذن ان تشارك سوريا بقواتها في هذه العملية؟ ودول الخليج في الفترة الاخيرة من بين طليعة الدول الذين يعلنون مواقف عدائية ضد سوريا!؟

قد لاتستغرب دمشق مواقف دول الخليج وتحديدا موقف الكويت، لانها كانت اولى الدول العربية التي أطاحت باتفاقية( اعلان دمشق) ونسف مفهوم الأمن العربي المشترك.

اعلان دمشق كانت من أجل أعداد قوة سلام عربية لضمان أمن وسلامة منطقة الخليج دون الأستعانة بالولايات المتحدة أو بريطانيا.

فهل أخطأ الرئيس الراحل حافظ الأسد في قرار ارسال الجيش السوري للمشاركة في حرب الخليج؟



[email protected]